دينيّة
24 تموز 2022, 07:00

خاصّ- الخوري حلّاق: سرّ الحبّ الإلهيّ جعلنا شركاء له بالرّوح

نورسات
"نتأمّل في هذا الزّمن المبارك، زمن العنصرة، كيف أنّ الكنيسة بطبيعتها هي مرسلة. فكما أنّ يسوع الإبن هو مُرسَل من الآب، كذلك الإبن أرسل الرّسل لإعلان البُشرى السّارّة في الأقطار الأربعة. وها هو يسوع ما زال يُرسل كلّ يوم رسلًا جددًا من رحم الكنيسة، جماعة المؤمنين، رسلًا مدعوّون للعمل وسط جيل معوجّ يضيؤن فيه كالنّيّرات بحسب قول رسول الأمم، بولس (فل 2/15)." بهذه المقدّمة استهلّ الخوري معاون في كنيسة مار عبدا وفوقا - بعبدا الأب كريستيان حلّاق تأمّله لموقعنا في الأحد الثّامن من زمن العنصرة الذي يتحدّث عن روحانيّة الرّسول بحسب إنجيل القدّيس متّى (12/ 14 – 21).

وتابع: "وما يميّز هذا الإرسال ليس امتيازات أيّ سفير على غرار سفراء هذا العالم. فهم يلقون بالتّرحيب والتّهليل لحفظ العلاقات سليمة  بين الدّول. أمّا سفير المسيح، فلا بدّ له أن يرحّب به على غرار معلمه صارخًا في أعماق قلبه: "حياتي هي المسيح والموت ربح لي" ولن يُنهي رسالته بقوله إلى اللّقاء، إنّما بصرخة ثانية: "لقد تمّ" (يو 19/30)  لأنّه ما من تلميذ أفضل من معلّمه، وإذا بربّ البيت نادوه ببعل زبول كيف بالحريّ أهل بيته؟ (مت 10/25)".

بحسب هذا المنطق يبدو لنا أنّه من المستحيل أن نجد رسل لإكمال هذه الرّسالة فالجائزة لا تُغري والإعلان من أساسه غير منطقيّ. بالطبع لأنّ " كلمة الصّليب عند الجّاهلين حماقة أمّا عندنا نحن المخلّصون فهي قوّة الله" ( 1 قو 1/18).

فلا بدّ من وجود سرّ لكسر القواعد البشريّة، نعم إنّه سرّ الحبّ الإلهيّ الذي جعلنا شركاء له بالرّوح "فمولود الجسد جسد ومولود الرّوح روح" ( يو 3/6)، تلك هي الولادة الثّانية التي دعانا إليها المسيح "فالذين يحيون بحسب الجسد ينزعون إلى ما هو للجسد، والذين يحيون بحسب الرّوح ينزعون إلى ما هو للرّوح" (رو 8/ 5) و"الذين يحيون في الجسد لا يستطعون أن يرضوا الله" (رو 8/8).

لذلك الرّسول الحقيقيّ يعي أهمّيّة السّير بحسب روح الله محترمًا جسده، هيكل الرّوح القدس، غير أنّه لا يمضي حياته بالاهتمام بما يخصّ الجسد، عالمًا بأنّه مولود من الرّوح  وهو يحمل رسالة السّماء لمن هم على الأرض، فإنّ كان الرّسول منهمكًا بحاجات الجسد فأيّ فرق بينه وبين الإنسان الأرضيّ؟ ألا يخاطر بالرّسالة؟ فهو يعلم أنّ سرّ قوّته نظرته إلى السّماء وبأنّه ليس بقوّته سينجح إنّما بالضّعف ستكمن قوّة من أرسله، يسوع.

لذلك يصبح المرسِل والمرسَل والرّسالة روح واحدة. فالرّسالة هي الحبّ الإلهيّ التي تجلّت بالمسيح يسوع مسمّرًا على الصّليب من أجل خلاص العالم، "فالله لم يرسل ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلّص به العالم" (يو 3/19) وبالتّالي ما على الرّسول إلّا التّماهي بمن أرسله، بالمسيح يسوع، فيعكس محبّة الله بالقول والفعل والنّظر على مثال المسيح فليس الرّسول يحيا بل المسيح يحيا فيه ( راجع، غلا 2/20)."

وأنهى الخوري حلّاق تأمّله مصلّيًا متضرّعًا: "أيّها الآب القدّوس، أعطنا أن نكون أبناء لك على مثال ابنك الحبيب يسوع، فلا نسعى إلّا لتحقيق إرادتك القدّوسة. يا قلب يسوع، يا كنز الحنان إجعل قلبي ينبض بالحبّ مثل قلبك لكي أحملك للآخرين فلا أعد أمتلك شيئا إلّاك فيتماهى كلّ كياني مع كيانك الرّحوم والشّفوق. أيّها الرّوح القدس، إجعل منّي هيكلًا لك تستريح فيه، فأتنقّى بحضورك، وهبني نعمة الشّجاعة والقوّة لكي أستسلم للحبّ الإلهيّ معلنًا:"هاءنذا فأرسلني" (أش 6/8)".