دينيّة
19 شباط 2023, 08:00

خاصّ- الخوري بو مارون: حين نطيع الرّبّ، يظهر لنا كلّ مجده الإلهيّ

نورسات
"في مدخل هذا الصّوم المبارك، وضعت الكنيسة نصّ عرس قانا الجليل، أوّل آية ليسوع على الأرض، وأظهر فيها كلّ مجده وعظمته. صومنا يبدأ بعرسٍ بشريٍّ أرضيٍّ، وينتهي بعرسٍ إلهيٍّ سماويٍّ." بهذه المقدّمة خصّ خادم رعيّة سيّدة الزّروع - المعاملتين، جونيه الخوري عزيز بومارون موقعنا بتأمّل في الأسبوع الأوّل من زمن الصّوم حول إنجيل القدّيس يوحنّا (2/ 1 – 11).

هناك"، وإن كان من ناحية أخذ المبادرة  "ليس عندهم خمر"؛ لكنّ يوحنّا انتبه جيّدًا ألّا يقدّم مريم على يسوع من ناحية الدّور! لذلك نرى أنّه لم يعط إسمًا لمريم، بل سمّاها "أمّ يسوع"، ليبيّن أنّ أهمّيّة مريم ليست بشخصها التّاريخيّ، ولكن بالدّور التي لعبته في مخطّط الله الخلاصيّ، فهي التي قبلت كلمة الله وحملتها وأعطتها للعالم، تستطيع أن تطلب من ابنها أن يتمّم النّقص البشريّ بخمر الفرح الإلهيّ.  

من خلال دورها في عرس قانا، تمثّل مريم الاستمراريّة بين العهدين القديم والجديد. يوحنّا يذكرها مرّتين فقط في إنجيله: في عرس قانا اليوم وعند أقدام الصّليب... قصد يوحنّا أن يبيّن مريم التي تمثّل العهد القديم وهي بانتظار وصول العهد الجديد الذي ساهمت في وصوله، بمعنى أنّها أعلنت في عرس قانا أنّ خمر العهد القديم نفذ ولم يعد يروي عطش الإنسان ويجب أن يصنع خمرًا آخر لعهدٍ جديد.

إيمان مريم بابنها دفعها أن تقول للخدم "مهما يقل لكم فافعلوه". ولم تزد شيئًا لأنّها كانت واثقةً أنّ يسوع لن يرفض لها طلبًا! هنا أحبّائي تظهر قوّة شفاعة مريم عند ابنها يسوع، ولذلك نحن مدعوون كلّنا أن نطلب شفاعة مريم التي تلبّي حاجاتنا الرّوحيّة والبشريّة خاصّةً في وقت الصّعاب. مريم آمنت بابنها يسوع ولكنّها جمعت الإيمان بالعمل الفعليّ حين عرفت أنّ الخمر نفذ وأمرت الخدم. بحسب قول القدّيس يعقوب في رسالته: "ماذا ينفع، أن يقول أحدٌ إنّه يؤمن، إن لم يعمل؟... وكذلك الإيمان، فإن لم يقترن بالأعمال كان ميتًا في حدّ ذاته".

وإختتم الخوري بومارون موجّهًا مصلّيًا: "نحن الدّاخلون اليوم على زمن الصّوم المبارك، زمن التّعاون، المساعدة، المصالحة والغفران، دعونا أحبّائي نجمع إيماننا بأعمالنا ولا يبقى كلامنا حبرٌ على ورق، بل نلتفت ونلمس كلّ محتاجٍ، نقف قرب المريض، نعزّي الحزين. لنأخذ مقصدًا اليوم في بداية هذا الصّوم، أن نطيع مثل الخدم في عرس قانا، لأنّه حين نطيع الرّبّ، يظهر لنا كلّ مجده الإلهيّ.

نطلب منك يا ربّ، بشفاعة أمّنا مريم الحاضرة دومًا في حياتنا اليوميّة، أن تقوّي إيماننا وتمزجه بأفعالنا لنكون فعلًا خدّامًا حقيقيّين لكلّ إنسانٍ محتاج، لك المجد والطّاعة...آمين".