خاصّ- الأب ناصيف: الرّماد هو رمزٌ لعدميّة الإنسان أمام تسامي الله
وتابع: "تأمّلت الكنيسة بهذا الوحيّ الإلهيّ، واستلهمت منه رتبة صلاة، بدأت في كنائس الغرب، ثمّ انتقلت إلى بعض كنائسنا الشّرقيّة، فكانت: "رتبة تبريك الرّماد".
إستُعمل الرّماد عبر التّاريخ كعلامة من علامات التّوبة وانسحاق القلب أمام الخالق. وهو رمزٌ لعدميّة الإنسان أمام تسامي الله. ولنا في العهد القديم مشهد موسى يكلّمه الله في العلّيقة (خر 3/6)؛ وإبراهيم أمام صادوم وعامورة يقول: "ها قد أخذت في مخاطبة سيّدي، مع أنّني لستُ سوى تراب ورماد" (تك 18/27).
بالإضافة إلى رمزيّة التّوبة، يعبّر الرّماد عن الحزن والحداد. لذا افترش أيّوب الرّماد علامة لحزنه: "فجلس أيّوب وسط الرّماد.." (أيوب 2/8)، وملك نينوى تاب بإنذار يونان فقعد على الرّماد ودعى إلى صومٍ وتوبة: "... وارتدى المسح وجلس على الرّماد." (يون 3/6- 9).
أمّا زمن الصّوم فهو زمن توبة وتكفير، يعترف الخاطئ بخطاياه، وكان يُفرض عليه تكفير مع رشّ الرّماد على رأسه طيلة فترة الصّوم حتّى يوم خميس الأسرار حيث كان يأتي الأسقف ويمنح الحلّة لكلّ التّائبين."
وبعبرة اختتم الأب ناصيف شرحه مشدّدًا: "اليوم انحصرت هذه الرّتبة باليوم الأوّل من الصّوم، لكنّ المعنى بقي هو نفسه. فلا معنى لأن نضع الرّماد على رؤوسنا إذا بقيت أعمالنا وتصرّفاتنا بدون تغيير. فالمطلوب التّوبة والتّغيير ومحاربة الفساد فينا، كما هي دعوة كي نتذكّر أنّنا "من التّراب وإلى التّراب نعود" (تك 3/19)."