خاصّ- الأب ميشال عبّود في "أحد الكهنة": الكاهن يحمل الله بين يديه
فعلى ضوء إنجيل لوقا حول مثل "الوكيل الأمين الحكيم"، والّذي فيه يتوجّه إلى المسؤولين الكنسيّين- الأساقفة والكهنة- الرّعاة والمدبّرين والخدّام الرّافعين نظرهم دومًا إلى السّماء في خدمة الأسرار المقدّسة وفي الصّلاة الدّائمة، أكّد الأب عبّود أنّ "الكهنوت هو كهنوت المسيح.. كهنوت الخدمة"، ولعلّ كثيرون ينجذبون إلى هذا السّرّ، فيسمعون نداء الرّبّ ويلبّونه. منهم من ينجح في الاختبار ويُسام كاهنًا إلى الأبد، ومنهم من تضعفهم إرادتهم البشريّة فيقعون في فخّ التّجربة والخطيئة لأسباب كثيرة. ولكن يبقى "الكهنوت نعمة كبرى تُعطى لأشخاص ضعفاء".
وأمام هذا الواقع، تشهد الدّعوات الكهنوتيّة تراجعًا يعود سببها إلى أمور عديدة، بحسب الأب الكرمليّ. أوّلها متعلّق بعدد السّكّان وتحديدًا المسيحيّين منهم، إذ عائلات اليوم ليست كبيرة كعائلات الأمس فيتخرّج منها كهنة بنسبة أقلّ بكثير عمّا عهدناه سابقًا. ثانيها، إنجذاب الشّباب إلى أمور كثيرة تمنعهم من الصّلاة. وثالثها، عدم وجود عامل جذب من خلال الكهنة بخاصّة عندما لا يرى المؤمنون في الكاهن صورة المسيح فيترحّمون على شربل ونعمة الله وأسطفان نعمة... لأنّهم، بنظرهم- كانوا كهنة مستحقّين.
إلّا أنّ الأب ميشال عبّود يؤكّد وجود كهنة قدّيسين في زمننا، ويعلّل قائلاً: "عندما كان شربل ونعمة الله على قيد الحياة، لم يكن أحد يعلم بوجودهما، لا بل نحن سمعنا عنهما بعد مماتهما. وكذلك في أيّامنا، هناك الكثير من الشّبّان والصّبايا في الأديار وكهنة مثل شربل ورفقا والحرديني يعيشون في الخفاء ولا نعلم بوجودهم؛ هم يؤدّون خدمتهم بصمت وتضحية"، مضيفًا: "يُسمع صوت شجرة تقع ولا يُسمع صوت غابة تنمو، فحبّة القمح لا تظهر وهي تحت التّراب وإنّما عندما تُثمر، لكنّنا نرى ثمارهم من خلال قلوب النّاس الّذين يتعاطون معهم."
لم ينفِ عبّود وجود كهنة "فقراء" القلب لتعلّقهم بالمادّة والمظاهر، مع العلم أنّ لا قانون يجبر الكاهن على عدم اقتناء سيّارة فخمة مثلاً، كما القانون الرّهبانيّ القائم على الفقر والعفّة والطّاعة، ولكن يجب ألّا يكون ذلك عائقًا أمام رؤية صورة المسيح أو حجب نوره. فالكاهن هو "ساعي بريد يرسل إليّ رسالة من "حبيبي" أيّ من الرّبّ، فلا يهمّني مظهره أو خطيئته، المهمّ هو الرّسالة والرّبّ يحاسبه". وعزّز كاهننا كلامه بالاستشهاد باختيار يسوع لبطرس ليقود كنيسته، عالمًا أنّه سينكره ويضلّ عن الرّسالة والسّلطة، فهو مدرك أنّ المدعوّوين إلى الكهنوت ليسوا خارج الطّبيعة البشريّة، هم ضعفاء لكنّه قويّ من خلالهم. لذا، "لا خوف على الكنيسة أبدًا.. يسوع أسّسها ويعتني بها وأبواب الجحيم لن تقوى عليها."
وعن مخاطر التّكنولوجيا، نفى أن تشكّل الأخيرة مشكلة في تأدية الخدمة الكهنوتيّة، إذ هي أساسيّة في البشارة ومن خلالها يرفع الكاهن الشّباب إلى مستوى المسيح، شرط أن يكون لديه الوعي الكافي في طريقة استخدامها مع التّمييز بين الانفتاح والانفلات.
كلّنا سواء أمام الله، كهنة وعلمانيّون، كلّنا مسؤولون أمامه. فكما الكاهن خادم في الكنيسة، هكذا نحن. لنصلّ إذًا، في أحد الكهنة، مع الأب ميشال عبّود الكرمليّ من أجل الكهنة الأحياء والأموات، ونقول: أعطنا يا ربّ كهنة قدّيسين!