دينيّة
01 أيلول 2019, 07:00

خاصّ- أيُّ أرضٍ أنا؟

غلوريا بو خليل
"في الأحد الثّالث عشر من زمن العنصرة، تتأمل الكنيسة في مثل الزّارع من إنجيل لوقا 8/ 1-15، الوارد أيضًا عند الإنجيليّين مرقس ومتّى. وهو المثل الوحيد الذي فسّره يسوع بشكل مفصّل." بهذا التّوضيح استهلّ خادم رعيّة شحتول الخوري طوني بو عسّاف حديثه الرّوحيّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ شارحًا إنجيل هذا الأحد.

 

وتابع الأب بو عسّاف شرحه قائلًا: "يميّز المثل أربعة أنواع من الأراضي: جانب الطّريق، الأرض الصّخريّة، الأرض المليئة بالشّوك والأرض الطيّبة. وينمو الحَبّ الذي يبذره الزّارع بحسب نوع الأرض التي وقع عليها." 

وأكمل: "نلاحظ في هذا المثل تدرّج مسيرة النّمو، فننطلق من الفشل التّام مع الحَبّ الذي وقع على جانب الطّريق، مرورًا بالأرض الصّخريّة حيث نبت الزّرع بسرعة ومات بسرعة، إلى الأرض المليئة بالشّوك حيث نبت الزّرع ولم يعطِ الثّمر بسبب الشّوك، لنصل في نهاية المطاف إلى النّجاح المذهل في الأرض الطّيّبة التي أثمرت الأضعاف والأضعاف. 

نجاح نموّ الحَبّ أو فشله مرتبط إذًا بطبيعة الأرض التي وقع فيها. فهذا المثل يعطي الأرض التي تتلقّى الحَبّ أهميّة كبرى ليوضح لنا الرّبّ يسوع كيفيّة سماع كلمة الله وتقبّل النّاس لها. فالفشل والنّجاح مرتبطان بطريقة استقبال الأرض للحَبّ. والرّبّ يسوع عاد وفسّر المثل بطريقة مفصّلة معتبرًا أنّ كلمة الله موجّهة لكلّ النّاس ونموّها يختلف باختلاف أنواعهم واستعدادهم لتقبّلها. كلمة الله تحتاج إلى قبولنا حتّى تنمو وتكبر، وإذا أهملناها تموت في قلبنا وفي مجتمعنا."

"دعوتنا هي قبول الكلمة في حياتنا وفي قلبنا لكي لا نكون تلك الأرض الصّخريّة. يقول خوري رعيّة شحتول، والأرض الصّخريّة هي قلوبنا التي تمنع كلمة الله من الدّخول وإعطاء الثّمر. قلبنا يكون قاسيًا نتيجة رفضنا وخطيئتنا وكبريائنا. ودعوتنا أيضًا أن نكون حذرين من سقوط البِذار على جانب الطّريق وهذا يعني أن نترك مشروع الله الخلاصيّ لنا على هامش حياتنا، وتكون الأولويّات التي نضعها في حياتنا كلّ شيء ما عدا ملكوت الله."

 وعن مشروع الله أضاف الخوري بو عسّاف "لا يمكن أن يكون مشروعًا ضمن مشاريع كثيرة وإنّما يكون محورًا وجوديًّا كتلميذ للمسيح. ولا يمكن أن يكون مشروعًا تخنقه هموم الحياة ومشاكلها وصعوباتها. هناك الكثير من المشاريع والهموم والمشاكل والصّعوبات والملذّات التي تقتل الله ومشروعه في داخلنا، من حُبّ المال والسّلطة وصولاً للخوف من المستقبل. وإذا أردنا أن نترك كلمة الله تفعل فينا، فعلينا أن نكون الأرض الطّيّبة الصّالحة الجيّدة التي تسمع كلمة الله وتحفظها على مثال مريم أمّ الله. والأهمّ هو العيش في ثبات "ومن يثبت إلى المنتهى يخلص" (متّى 24: 13)."

واختتم الخوري بو عسّاف حديثه بخلاصة الإنجيل والعبرة منه، مشيرًا إلى أنّ "مواقف كثيرة في حياتنا ومشاكل كثيرة نتعرّض لها كلّ يوم، ولكن إذا كانت الأرض تثمر وتعطي وتختبر وتتفاعل مع كلمة الله، لا يمكن إلّا أن تتحدّى الشّيطان والعالم. لذلك، الرّبّ يعطينا كلمته، يبذر حبّه ولكن أيّ أرض أنا أكون؟ يمكنني أن أعيش كمؤمن في كلّ تلك الأنواع، ولكن عليّ أن أسعى دائمًا لأكون تلك الأرض الطّيّبة. فرغم إبليس وأوقات التّجربة، ناهيك عن الهموم والغنى وملذّات الحياة، عليّ أن أترسّخ في كلمة الله وقيم الإنجيل فأعطي ثمارًا تليق فيّ كمؤمن ومعمّد على اسم يسوع المسيح، ليتمجد فيّ الثالوث الأقدس من الآن وإلى الأبد. آمين".