دينيّة
10 تموز 2016, 08:45

خاصّ- أول كنيسة للقديسة فيرونيكا جولياني في العالم ترتفع من منطقة القصيبة- المتن الجنوبي، لبنان

تمارا شقير
وُسمت بجراح المسيح كلّها وأرادها الله أن تلعب دورها في الأزمنة الصّعبة، فبعد أن أعلنها البابا بيوس السّابع طوباويّة في 17 حزيران/ يونيو 1804، والبابا غريغوريوس السّادس عشر قديسة في 26 أيار/ مايو 1839، تتحضر اليوم القديسة فيرونيكا جولياني لتولد من جديد عبر أوّل كنيسة لها في العالم خارج ايطاليا.

وفي هذا السياق، دُشنت ليلة أمس كنيسة القديسة في منطقة القصيبة، المتن الجنوبي- لبنان، خلال احتفال نظّمته رهبنة الخدام والخادمات الأصاغر لقلب مريم المتألم والطاهر وجمعية "أبناء مريم أصدقاء القديسة فيرونيكا"، بحضور راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران كميل زيدان والسفير البابوي غابريال كاتشا والمطران أنطوان بيلوني ممثّلًا البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان ولفيف من الأساقفة والكهنة وجمع غفير من المؤمنين.
بدأ الإحتفال بصلاة المسبحة وبتطواف وزياح القديسة فيرونيكا من كنيسة مار جريس باتجاه كنيسة القديسة التي كرّسها المطران زيدان بالميرون المبارك. وبعد رتبة التكريس، ألقى السفير البابوي غابريال كاتشا كلمة أعرب فيها عن فرحته بمشاركته بالإحتفال وبتكريس الكنيسة على اسم القديسة فيرونيكا مشيرًا الى أنّ وجوده يمثّل قداسة البابا فرنسيس وبركته. وقال كاتشا إنّ "هذا الحدث هو عالمي، فيشارك به وفود من البلاد الخارجيّة الى جانب المؤمنين اللبنانيين". من جهة أخرى أشار كاتشا الى أنّ "لغة الكنيسة هي القداسة" وشرح قائلاً "اذا كنّا لا نتكلّم أو نفهم هذه اللغة فنحن أشخاص صمّ ومرضى". ولفت الى أنّ القديسة فيرونيكا ليست ايطالية فقط بل هي لأبناء الكنيسة كلّها وتمنى أن تصبح كنيستها "مكانًا لشفاءات روحية وجسدية كبيرة". وختم كاتشا بكلام البابا فرنسيس الذي قال في إحدى القداديس إنّه يتلو صلاة يومية خمس مرات قبل خلوده الى النوم، وعند ترديده الأبانا، يقول: "يا رب إن شئت فأنت تشفيني"، ودعا من خلالها كاتشا الجميع الى الصلاة للتجدّد روحيًا.
ومن ثمّ ألقى المطران بيلوني كلمة البطريرك يونان لتعذّره عن الحضور وأبرز ما جاء فيها: "إنّ مسيرة القديسة في لبنان بدأت مع جمعية "أبناء مريم أصدقاء القديسة فيرونيكا" وهدفها كان بناء كنيسة على اسم القديسة فيرونيكا في لبنان. ومع تحقيق الهدف، نهنّئ الجمعية مُتمنيين لها التوفيق ومباركين للجميع بهذه الكنيسة، ونأمل أن تكون القديسة شفيعة لنا عند الرّب لتنتهي المحن والحروب ويسود السلام في العالم".
وترأس القداس الإلهي المطران كميل زيدان الذي تخلّله تكريس المذبح بالميرون. وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى المطران زيدان عظة أشار فيها الى أنّ جميع المؤمنين محتشدين في القصيبة لتدشين أوّل كنيسة للقديسة فيرونيكا جولياني في العالم خارج ايطاليا ولإلتماس النعمة والبركة. وقال :"السرعة التي بُنيت بها الكنيسة هي أشبه بمعجزة، ومن خلال تكريس المذبح والكنيسة ندعو الجميع الى تكريم هذا المكان المقدّس والصلاة به والتوبة الى الله من خلاله". من جهة أخرى أردف المطران زيدان أنّ "القديسة فيرونيكا أرادت أن تكون واسطة بين البشر والرب يسوع المسيح وكانت مدركةً أنّ رسالتها تكمن في دعوة الجميع الى قلب يسوع وقلب مريم الطاهر والمتألم" مشيرًا الى أنّ "الكتب المقدّسة أنارت اختبارات القديسة وهي بقوة الله استطاعت أن تقاوم الشرّ والشيطان وتنتصر عليهما".  وأضاف قائلاً: "تدعونا حياة القديسة فيرونيكا التي نحتفل بتكريس الكنيسة على اسمها الى مواقف روحيّة نلّخصها بأربعة: الإستسلام الى ارادة الرب والإتحاد معه، اشراك حياتنا بآلام يسوع المصلوب، ابقاء نظرنا موّجهًا نحو السماء والتغذّي اليومي من كلمة اللّه". وختم زيدان العظة رافعًا الصلوات من أجل جميع من ساهم في بناء الدير والكنيسة.
وبعد القداس الإلهي، ألقت السيدة أندريه ناكوزي التي قدّمت الأرض لبناء الكنيسة كلمة شكرت فيها العذراء مريم  ويسوع المسيح على الوقوف الى جانبها لتحقيق هذا المشروع. وتوّجهت أندريه الى ابنتها الراحلة ماريا قائلة لها: "انت علمتيني العطاء والحب الحقيقي ليسوع، انت علمتيني معنى التضحيّة". وختمت شاكرة كل من ساهم في بناء هذه الكنيسة وبخاصة المطران زيدان لدعمه المعنوي والحركة المريميّة البيروتيّة.
بدوره الشماس عمانوئيل لرهبنة الخدام والخادمات الأصاغر لقلب مريم المتألم والطاهر قال إنّه "تم بناء الكنيسة خلال أربعة أشهر فقط وإنّه أكيد أنّ المستقبل سيبرهن حصول شفاءات روحيّة وجسديّة بشفاعة القديسة فيرونيكا جولياني". وطلب الصلاة من الجميع لتحقيق هدف الجمعيّة، ألا وهو تأمين الإعترافات وتنظيم السجود بشكل متواصل طوال أيام الأسبوع. وشدّد الأخ عمانوئيل على "ضرورة الإلتزام بالحشمة الكاملة عند زيارة الكنيسة، فالكنيسة مكان مقدّس". وختم شاكرًا الحضور وقائلاً : "المحبّة والوحدة بالعمل هما مفتاح النجاح".
وبعدها، وقبل عرض مشاهد من فيلم القديسة فيرونيكا الذي سيصدر في الخريف المقبل في لبنان وايطاليا، ألقى المخرج جيوفاني زيبرنا شهادة حياة أمام الحضور. يتحدّر زيبرنا من عائلة مسيحيّة غير ممارسة ولم ينل سرّ العماد إلّا منذ سنوات قليلة، وأب لولدين من دون زواج. ومن خلال عمله في السينما، بدأ يبحث عن الله وتعرّف منذ ست سنوات على القديسة فيرونيكا من خلال الأخ عمانوئيل واستجاب لرغبته بتنفيذ فيلم عن حياتها. ولتحقيق هذا المراد، كان لا بّد من أن ينال سرّ العماد، فتاب، وتعمّد، وشعر بحراراة إلهية في جسده كلّه وطلب عندها المناولة. وبعد أن وعد الأخ عمانوئيل بالعيش مع زوجته الحاليّة كالإخوة في المنزل لحين حصولهما على بركة الزواج، تناول زيبرنا جسد المسيح، وهو اليوم مثال توبة للعديد من الأشخاص.
اختتم الإحتفال بلقمة محبّة وتبارك الجميع بذخائر القديسة.