مصر
26 نيسان 2019, 06:30

تواضروس الثّاني ترأّس قدّاس خميس العهد

ترأّس بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني قدّاس خميس العهد في دير الشّهيد مار مينا العجائبيّ- مريوط، قام خلاله بصلوات "اللّقان" وغسل أرجل الشّعب تنفيذًا لوصيّة المسيح.

 

وألقى بابا الأٌقباط كلمة للمناسبة قال فيها بحسب "المتحدّث الرّسميّ بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة":

"بسم الآب والإبن والرّوح القدس الإله الواحد آمين. تحلّ علينا نعمته ورحمته من الآن وإلى الأبد آمين.
في هذا اليوم خميس العهد وهو عيد سيديّ نحتفل بكلّ طقوسه وأحداثه في أسبوع الآلام من البصخة المقدّسة.
وأحداث هذا اليوم صنع السّيّد المسيح الفصح الأخير وغسل أرجل تلاميذه ثمّ تمّ تأسيس سرّ التّناول، وكان هناك حديث العليّ نجده في إنجيل معلّمنا مار يوحنّا إصحاحات (١٣/١٤/١٥/١٦) ونجدها في قراءات البصخة المسائيّة كآخر حديث قبل الصّليب، ثمّ صلاة البستان حيث رفع السّيّد المسيح صلاة شفاعيّة وداعيّة في يو ١٧. وكما تعلمون يوحنّا الحبيب كان القريب لذلك هو الوحيد الّذي سجّل هذه الصّلاة بكلّ عبارتها فهي تعتبر صورة عميقة للصّلاة وكيف أن يرفع الإنسان قلبه إلى الله.
في البصخة اليوم هناك طقس فريد هو طقس خيانة يهوذا وفي هذا اللّحن يذكر إسم يهوذا ٦ مرّات ورقم ٦ يرمز للنّقصان فكان سلوك يهوذا ناقصًا خائنًا.

ونتذكّر أنّ حياة التّلاميذ مع السّيّد المسيح لها ثلاثة مراحل وهي:
١ - مستمعين: إستمعوا لعظات السّيّد المسيح مثل العظة على الجبل والأمثال الّتي كان يقدّمها 
٢-  مشاهدين: يروا بأعينهم معجزات عديدة مع الطّبيعة، المرضى، البعيدين، أقام موتى 
٣-  مشاركين: عند القرب من الصّليب شاركوا بدور فعّال وفي خميس العهد الجديد اليوم السّابق للصّليب شاركوا السّيّد المسيح في مشهدين :
الأوّل: غسل الأرجل: محبّة أظهرت في صورة اتّضاع. فغسل السّيّد المسيح أرجل تلاميذه وهذا منافي للعرف فالتّلميذ هو الّذي يغسل أرجل معلّمه لذلك اعترض بطرس الرّسول لكن عندما أدرك أراد أن يغسله السّيّد المسيح بالكلّيّة. ودرس الاتّضاع ليس بصورة استثنائيّه لكنّه آخر درس قبل الصّليب لكي يثبت أمام التّلاميذ أنّ المحبّة اتّضاع ولها صور عديدة منها غسل الأرجل. ولماذا هذا الفعل "غسل الأقدام" بالذّات؟
لثلاثة أسباب :
١- الأقدام تحمل الإنسان: محتملين بعضكم بعضًا كما نصلّي في قطعة بولس الّتي في صلاة باكر. فخدمتكم هي الاحتمال فعندما تحتمل الآخرين وكأنّك غسلت أقدامهم.
٢- تسند الإنسان: إسندوا الضّعفاء: والضّعفاء هم صغيري السّنّ، المرضى، من كانت إمكانيّتهم ضعيفة، ذوي الاحتياجات الخاصّة من كان ضعيفًا في العلم أو صحّته أو حتّى إيمانه إسندهم بغسل أقدامهم.
٣- سبب للتّقدّم: كما في مسابقات الجري والتّسلّق والمشي: شجّعوا صغار النّفوس: فتشجيعك للآخرين يساعدهم في تقدّمهم.. شجّع بابتسامة بمكالمة بزيارة.
غسل الأرجل فعل صنعه السّيّد المسيح فالمحبّة تحوّلت اتّضاعًا ونحن إن أردنا أن نغسل أرجل الآخرين فلنا أن نحتمل الآخرين، نسند الضّعفاء، نشجّع صغار النّفوس.
المشهد الثّاني: سرّ الإفخارستيّا: فعل المحبّة يؤول للوحدانيّة.
فهذا هو تذكار أوّل مرّة يعلّمنا فيها السّيّد المسيح سرّ التّناول فهذا هو أساس القدّاس وبذرته. بعد إتمام الفصح أيّ العهد القديم بدأنا العهد الجديد "خذوا كلوا هذا هو جسدي" "خذوا اشربوا هذا هو دمي" فأصبح طقس أن نتناول الجسد والدّمّ فيصير فينا ونحمله في داخلنا... إيّ امتياز وكرامة. السّيّد المسيح صنع هذا السّرّ لكي ما نثبت فيه ويثبت فينا كأغصان في الكرمة.
لكن لمّا اختار حبّات القمح (يصنع منها الخبز) وحبّات العنب (يصنع منها الخمر)؟
- في تحوّلها لتصير خبزًا أو خمرًا

١) تتعرّض للنّار الّذي هو شكل من أشكال الآلام.
٢) تطحن شكلاً آخر من أشكال الألم.
٣) تتجمّع لتصير واحد سواء كان الخبز أو كأس الخمر
ففي غسل الأرجل علّمنا السّيّد المسيح أنّ المحبّة تتّخذ شكل الاتّضاع وفي سرّ الإفخارستيّا المحبّة تؤول إلى الوحدانيّة.
وعند التّناول يتقدّم الرّجال من جهة والسّيّدات من جهة ويخرج الجميع من باب واحد لأنّنا توحّدنا في سرّ التّناول. المحبّة الحقيقيّة هي الّتي توحّد فإذا كان هناك بيتًا أو خدمة منقسمة فذلك لنقصان المحبّة.
هذان هما الدّرسان المحبّة تظهر في صورة اتّضاع ووحدانيّة.
أرفع قلبك واطلب أن يكمل المسيح المحبّة في قلبك ويعلّمك الاتّضاع في بيتك وخدمتك وتكون سببًا للوحدانيّة وليس الانقسام.
نحن نصلّي اليوم في دير القدّيس مار مينا العجائبيّ العامر ببرّيّة مريوط ببركة الآباء الأحبّاء ونيافة الأنبا كيرلّس أسقف الدّير. نأخد بركة الصّلاة بقدّيسي الدّير والبابا كيرلّس السّادس. ونفرح أنّنا في هذه المناسبات الطّيّبة نأخذ بركة مواضع القدّيسين مثل القدّيس مار مينا العجائبيّ.
يعطينا مسيحنا القدّوس أن تكون حياتنا مرضيّة أمامه إلى النّفس الأخير، يعطينا أن نمجّده وأن تمتلئ قلوبنا بكلّ محبّة متّضعة وبالمحبّة الّتي تصنع الوحدانيّة لإلهنا كلّ مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين".