مصر
03 حزيران 2021, 12:30

تواضروس الثّاني دشّن مذابح كاتدرائيّة الأنبا توماس السّائح في الخطاطبة

تيلي لوميار/ نورسات
دشّن بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني اليوم مذابح كاتدرائيّة القدّيس الأنبا توماس السّائح- الخطاطبة وحامل أيقوناتها، بمشاركة لفيف من أحبار الكنيسة ومجمع رهبان الدّير، ترأّس بعدها القدّاس الإلهيّ، وسط تدابير احترازيّة مشدّدة.

وللمناسبة، ألقى بابا الأقباط عظة تحت عنوان "تدشين الزّمان"، قال فيها بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة":  

"هذا اليوم يوم فرح نفرح فيه بتدشين هذه الكنيسة في هذا الدّير العامر دير القدّيس الأنبا توماس السّائح، ونفرح مع نيافة أنبا ساويرس والآباء الرّهبان الأحبّاء في هذا الدّير وحضور كلّ الآباء المطارنة والأساقفة والآباء الكهنة والشّمامسة والأراخنة، نفرح في هذا اليوم بتدشين هذه الكنيسة، ففي مذابحها وأيقوناتها وشرقيّتها، وأحبّ أن أتأمّل معكم في كلمة التّدشين في هذا الصّباح لنفهمها ونستفيد بها في حياتنا الشّخصيّة.

كلمة تدشين: تعني تخصيص (يخصّص هذا الشّيء لـ.....).

الله أعطى الإنسان بُعدين في الحياة الزّمان والمكان، المكان مثل الكنيسة والمذبح والمعموديّة يدشّن، وأيضًا الأسرة المسيحيّة عندما تنال سرّ الإكليل والزّيجة هي أسرة تُدَشَّن وتُدهَن بالزّيت وتصير هذه الأسرة مقدّسة، وأيضًا كلّ طفل يولد يدشّن بالمعموديّة ويخصّص بالميرون المقدّس، وكلمة تدشين معناها تخصيص، واليوم تحضر تدشين المكان فيكون عليك تدشين الزّمان، أكلّمك على تدشين الزّمان.

قد حضرنا التّدشين وفرحنا به وحفظنا تاريخه وهذا في المكان الّذي اسمه دير الأنبا توماس، وأنت يا من تحضر اليوم وتشترك في الصّلوات عليك دور في تدشين الزّمان. الزّمان هو الوقت الّذي يمنحه الله لنا جميعًا، وعطيّة الوقت هي عطيّة متساوية بين جميع البشر، في صباح كلّ اليوم الله يعطي لكلّ إنسان 24 ساعة ولكن الفرق بين إنسان وآخر هو كيف تستغلّ وتستفيد وتدشّن هذا الوقت؟

تدشّن وقتك، تدشّن كيانك الإنسانيّ، والوقت والفكر والرّوح والعمل، فأنت مطالب أن تدشّن وقتك وسوف نتحدّث عن بعض المساعدات في هذا المجال:

1- الصّلوات: عندما تحضر قدّاسًا فأنت قمت بتدشين ساعتين من يومك خصّصه من أجل الله، عندما تقف في البيت وتصلّي صلوات السّواعي فأنت بهذه الصّلوات تدشّن يومك وساعات عمرك، "لأجلهم أقدّس أنا ذاتي" السّيّد المسيح قبل الصّليب صلّى في بستان جثسيماني وصلّى صلاة انفراديّة سجّلها لنا القدّيس يوحنّا البشير في أصحاح 17 من إنجيله، وهذه الصّلاة بها عبارات رائعة من ضمنها "وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ." (يو 17: 19)، فأنت إن كنت راهبًا تعيش في الدّير أو شخص تعيش في أسرة فأنت يجب أن تقدّس نفسك من أجل من تعيش في وسطهم، وإذا فعلنا هذا جميعًا يصير المجتمع كلّه مقدّسًا. سواء مجتمع الأسرة أو الكنيسة أو المجتمع بصفة عامّة، فيعيش الإنسان بالحقّ، وكنيستنا مليئة بالصّلوات بأشكال مختلفة لتعطي فرصة أن يكون عمرك مقدّس، فكانت الوصيّة على فم يسوع المسيح " صلّوا ولا تملّوا" اجعل وقتك كلّه مدشّن ومخصّص ومقدّس، ولذلك يوجد ما يسمّى بالرّهبنة، فالرّهبنة عبارة عن أناس اختاروا أن يدشّنوا حياتهم كلّها ويخصّصوها من أجل الله.

2- الكتاب المقدّس: أنت كإنسان خلق الله لك الفكر والعقل وميّزك بأنّك كائن عاقل، والعقل والفكر يحتاجان إلى تدشين، وأنت صغير عندما تعمّدت ورشمت بالميرون كانت أوّل رشمة على مكان العقل فصار مقدّسًا فاحفظه مقدّسًا من خلال الكلمة المقدّسة. اتّصالك المستمرّ بالكلمة المقدّسة "لكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا." (مز 1: 2) فتدشّن فكرك، كلّنا نشتكي من الأفكار الشّرّيرة ومن طياشة الفكر فيرشدنا الآباء إنّ العلاج يكون بقراءة الإنجيل، "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ." (عب 4: 12) دشّن فكرك واجعل فكرك ممسوحًا بمسحة الرّوح القدس، اجعل فكرك طاهر من خلال أن تلهج في الكلمة المقدّسة "اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ،" (يو 6: 63).

3- الخدمة: الخدمة تدشّن جهدك وطاقتك. الإنسان الّذي يقدّم من وقته ساعات للخدمة هو يدشّن طاقته وصحّته وأيّامه، وفي الأديرة كلّ راهب له خدمة لأنّ عمل الخدمة يدشّن صحّة الإنسان فأنت إذًا:

تدشّن قلبك بالصّلوات.

تدشّن فكرك بالقراءات.

تدشّن صحّتك بالخدمات.

تدشّن حياتك كلّها بالتّوبة.

4- التّوبة: تدشّن حياتك بالتّوبة وتصير حياة سماويّة. الإبن الضّالّ قال "أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ" لأنّ الخطية نزعت منه أن يقدّس وقته "أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي" واسترجع تدشين وتخصيص حياتي ويكون لي نصيب في هذا البيت، لذلك توبتك الدّاخليّة هي الّتي تدفعك أن تتناول من الأسرار المقدّسة وتساعدك أن تكون أيّام حياتك مدشّنة لله، "وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ." (يو 17: 19)، إذا كنت عضوًا في أسرة فتقول من أجل أسرتي أدشّن وأقدّس أنا ذاتي وإذا كنت ابن أو ابنة وإن كنت عضوًا في الخدمة وإن كنت راهبًا، وهذا هو المبدأ الّذي نعيش به، أنت مطالب أن تقدّس ذاتك من أجل من تعيش في وسطهم، فيجب أن يكون كلّ واحد منّا مثل الشّمعة المضيئة بأعمالك وأسلوبك وفكرك تقدّس ذاتك لكي ما يكونوا هم مقدّسين في الحقّ.

اليوم ونحن نفرح بتدشين هذه الكنيسة الجميلة وعلى اسم القدّيس الأنبا توماس ومار بقطر والأنبا ساويرس الأنطاكيّ، وهم آباء وقدّيسين وشهداء ونساك وسواح نفتخر بهم ونتعلّم على يدهم ويكونوا بركة، وعندما نسمّي مذبحًا بإسم قدّيس روح هذا القدّيس تحضر معنا وتفرح أنّنا في الكنيسة المجاهدة على الأرض نتذكّر من سبقونا للسّماء.

ربّنا يبارك ويعوّض كلّ من تعب في هذه الكنيسة والدّير من كلّ الأحبّاء والأراخنة.

ويشترك الآباء المطارنة والأساقفة والكهنة كلّنا نفرح مع نيافة الأنبا ساويرس ومع الآباء الرّهبان في هذا الدّير بهذا العمل.

وكما هو مذكور في تاريخ الدّير أنّ البابا شنوده زار الدّير سنة 2009م، وقد زرت هذا الدّير سنة 2016 واليوم هي الزّيارة الثّانية للدّير بعد تجليس أنبا ساويرس ويصير أسقفًا ورئيسًا لهذا الدّير ولدير مار بقطر. والدّيران متقاربان وهي أديرة حديثة والرّهبان كلّهم شباب ومجتهدين ويحاولوا أن يفرحوا قلب ربّنا والكنيسة ويعيشوا في هدوء الفضائل الرّهبانيّة.

عش حياتك مقدّسة واجعل شعارك من يوم التّدشين "من أجل أخوتي في الدّير أقدّس أنا ذاتي ليكونوا هم مقدّسين في الحقّ".

ربّنا يحفظكم ويبارك حياتكم ويعطيكم نعمة وسلام له كلّ مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين."