دينيّة
24 شباط 2025, 08:00

تذكار وجود هامة السّابق يوحنّا المعمدان للمرّة الأولى والثّانية

أرزة البيطار
يحتلُّ القدّيس يوحنّا المعمدان مرتبةً عاليةً في الكنيسة، فهو خاتمة أنبياء العهد القديم والسَّابق والصَّابغ ربَّنا يسوع المسيح، وهو أعظم مواليد النِّساء كما أطلق عليه السَّيِّد. لذلك تكرِّمه الكنيسة في مناسباتٍ عدّة، كما وتكرِّم رفاته. وفي هذا الإطار جعلت عيد العثور الأوَّل والثَّاني لهامته في 24 شباط/ فبراير من كلِّ عامٍ.

يشير التَّقليد الشَّريف الّذي تتَّخذه الكنيسة كمنارةٍ لها إلى جانب الكتاب المقدَّس، إلى أنَّ قبر السَّابق كان ولغايةِ القرن الرّابع في السَّامرة، إلّا أنَّ يوليانوس الجاحد خرَّبه وبعثر عظام القدّيس. ثمَّ عاد المسيحيّون وجمعوا ما أمكن منها وذهبوا بها إلى رئيس أحد الأديار في أورشليم واسمه فيليبّس، الّذي بدوره سلّمها للقدّيس أثناسيوس الإسكندريّ. 

وتجدر الإشارة هنا إلى التَّقليد الّذي استلمه السّلافيُّون من أسلافهم والّذي يشير إلى أنَّ حنّة إمرأة وكيل هيرودوس، وهي إحدى حاملات الطّيب، قد وجدت رأس المعمدان في مكانٍ غير لائقٍ فنقلته إلى جبل الزَّيتون في أورشليم. 

بعد مرور الزَّمن ظهر يوحنّا المعمدان لراهبين كانا يحجّان في فلسطين وأرشدهما إلى هامته في قصر هيرودوس، فوجداها وعادا أدراجهما، إلّا أنَّهما التقيا بفخّاريّ حمصيّ يرجَّح أنَّ المعمدان قد ظهر له أيضًا فخطف الهامة منهما وذهب بها إلى حمص. ولمّا دنت ساعته وضع الرَّأس الكريم في صندوقٍ وأوصى شقيقته بعدم فتحه إلّا بأمر المُودَعِ فيه، وأن تسلِّمه لرجلٍ تقيٍّ عندما يحين الوقت.

أمّا العثور الثَّاني فحانَ بعد أن تنقَّلت هامة القدّيس من شخصٍ لآخر، إلى أن وصلت ليد الرّاهب أفسطاتيوس الّذي كان متنسِّكًا في مغارةٍ بعيدةٍ عن حمص، والّذي فقدها بدوره بسبب غروره واعتناقه للآريوسيَّة الّتي دفعته إلى إنكار أعاجيب القدّيس. 

ولكن الله الذي لا يصعب عليه شيء، وفي زمن الأمبراطور مرقيانوس (450 - 457 م.)، أرشد مركلّوس وهو راهبٌ ورئيس ديرٍ يقطن بجوار المغارة، إلى مكان الهامة، من خلال ترائي يوحنا المعمدان له. فذهب الأخير وبَخَّرَ المكان وحفره فوجد الرَّأس الشَّريف تحت بلاطة من المرمر، في جرّة.

بدوره سلَّم مركلّوس الهامة لأسقفِ المدينة الّذي نقلها إلى الكنيسة الأساسيَّة في حمص، فكانت مصدر أشفيةٍ لا ينضب إلى فترة حكم الأمبراطور ميخائيل الثَّالث (842 - 867) وبطريرك القسطنطينيَّة القدّيس أغناطيوس، ثمّ تمّ نقلها إلى القسطنطينيَّة.