لبنان
03 حزيران 2017, 09:30

اليازجي في أمسية بيزنطية في البلمند: نصلّي من اجل عودة المطرانين المخطوفين والاتفاق على قانون انتخابي جديد

أقام دير سيدة البلمند، برعاية بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي وحضوره، أمسية مرتّلة بيزنطيّة أدّتها جوقة أبرشية جبل لبنان بقيادة جوزيف مرسال يزبك بعنوان "بطرس بركاتيس" في قاعة الدير الأثرية بمشاركة مطران نيويورك وأميركا الشمالية المتروبوليت جوزيف زحلاوي، مطران باريس وأوروبا الغربية المتروبوليت اغناطيوس الحوشي، الأسقف قيس صادق، رئيس الدير الأسقف رومانوس حنات، مدير ثانوية سيدة البلمند عطية موسى لفيف من الكهنة والشمامسة وحشد من المؤمنين من لبنان وبلاد الاغتراب.

استهلّت الأمسية بصلاة، ثمّ كلمة ترحيب من رئيس الدير نوه فيها بالجوقة التي"باتت معروفة على نطاق واسع، بحيث أنّ مرتليها عاشقين للموسيقى المشذبة بخبرة الاباء المصلّين حتى وصلت الينا بهذا الشكل الرصين والبسيط، اذ غايتها أن تصعد المصلّين الكلمة، ونحن اليوم نودع عيد صعود الكلمة الى السموات".

وأشار الى أنّنا"مع الجوقة نخترق الزمن رجوعا لاحياء ماض موسيقي مجيد، باستذكار اعمال الموسيقار بطرس بركاتيس"، لافتاً الى أنّ"امسيتنا ببركة البطريرك اليازجي الموسيقي، وذي المساهمة التي أغنت ترتيلنا باللغة العربية وجوقاتنا ومدارس الموسيقى واللاهوت بكتاب مبادئ الموسيقى البيزنطية الذي يتبع الطريقة الكلاسيكية عند الاساتذة القدماء".

وختم:"اليوم بتنا نرى جوقات في كنيسة أنطاكيا العظمى استندت بنموها الى مؤلفات ومساهمات ليتورجية موسيقية قدّمها لنا الاباء، فصارت الجوقات تخدم كنائسها باحتراف وتصدر الأسطوانات والكتب، ونحن ممتنّون لكلّ باذل جهد".

وباسم الجوقة تحدّثت مسؤولتها الادارية تالار شهاب عن موضوع أمسية اللّيلة المرتّل الأول بطرس بركاتيس، من نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر.


وطرحت السؤال"لماذا العودة إلى تلك القرون الغابرة البعيدة؟ أليس الأَولى أن نترك الروح القدس يعمل فينا فننشد دون قيود ودون ضوابط؟ خاصة أن كنيستنا الأرثوذكسية ولو أنّها كنيسة تقليد إلا أنّها أيضاً كنيسة انفتاح، والموسيقى البيزنطية ليست مقدّسة بمعنى الإنزال وتبقى وليدة العقل البشري ولو بإلهام من الروح؟".

وشدّدت على"أنّ الموسيقى البيزنطية تجمع الروحانية إلى الجمالية، فمن حيث الروحانية، هذه الموسيقى صقلها آباؤنا بأتعابهم وأسهارهم والصلوات، فسكبوا فيها ما خبروه مع الروح، وهو كتب فيهم وهم لم يكتبوا، خبرة ألفي سنة تقدم إلينا اليوم مجانا، خبرة سبيل إلى الله جربه آباؤنا فنالوا التقديس، ونحن نقتدي بهم. ليس أنّ البيزنطية سبيل أوحد للخلاص، حاشا، بل هي واحد من السبل مجرب ومضمون، ومن هنا أهميّتها الروحية ودافعنا للمحافظة عليها. أمّا من حيث الجمالية، فقد أنعم الله على أجدادنا بظروف اجتماعية وثقافية منذ أيام أمبراطورية الروم الغابرة، فانسكبت الروحانية العظيمة في إناء استثنائي من حيث الجمالية والعظمة، جمالية وروحانية وليتورجيا أهديا كل الروسية إلى اتباع المسيح، على دين السماء، ومازالوا يفعلون في صلواتنا، إذ نردّد صدى أجيال وأجيال نفخ فيها الروح فرتلت ألحانا على لغة القلوب، تهدي وتثبت وتنير نفوسا شاء الله أن يفديها".

واضافت:"انّ التقليد حي، ليس هو جامد وإلا كان ليبهت في متحف، بل هو حي يتفاعل مع المؤمنين على إيقاع الروح، إذا هو يتطور على أيدي المرتلين إذ يتفاعلون بدورهم مع جماعة المؤمنين، لذلك كان لا بد للمرتلين والمؤمنين أن يعرفوا تراثهم كي يأتي التطور في نفس الخط والمنهاج وسيلقى الخبرة الروحية والجمالية على حد سواء".

وأشارت الى"سلسلة هذه الأمسيات التي تقدمها جوقتنا، بمثابة محاضرات مرتلة تنبش الغبار عن التراث وتعرضه على من هم أهل هذا التراث".

وختمت:"نركّز في هذه الأمسية على المرتل بطرس بركاتيس الذي يعتبر من أهم المرتّلين الذين، في مرحلة ما بعد سقوط القسطنطينية في السنة 1453، طبعوا ترتيلنا الحالي البيزنطي، وذلك بأسلوبه، إن كان من حيث الخط اللحني المنطقي وجمله المتوازية، أو من حيث إيقاعه الخاص النشيط حتى في تراتيله المطولة كما في الذكصولوجيا".

 

وكانت كلمة للبطريرك اليازجي في ختام الأمسية، قال فيها:"بعد كل ما سمعناه من الجوقة العزيزة تتهاوى وتتساقط الكلمات، انّما لي كلمة شكر وحمد لربنا وسيدنا يسوع المسيح وللعذراء مريم. شكر للرّب الذي يعطينا نعمه وعطاياه الكثيرة رغم كل الظروف الصعبة والقاسية. ولا بد ّمن كلمة شكر لجوزيف وأعضاء الجوقة وكل من حضر ومن لم يتمكن من الحضور".

 

وتابع:"مع اتقان الجوقة الترتيل والالحان والانسجام وغير ذلك نهنئ الجوقة عليه، وأكثر ما أهنّئهم عليه، لا سيّما بعد ما سمعناه من تراتيل، أنّ كلا منهم فتح قلبه لنعمة السيد، فلامست نعمه قلوبكم أيّها الأحبّة، وانسحق قلب كل واحد منكم وانجذب الى السيد".

ودعا لهم"بالصحة ونعم الرب"، وقال:"نعم الرب أحبّنا بهذا المقدار، انّه أتى الينا بتجسّده من مريم العذراء ورفعه على الصليب، ولأنّه سيد الحياة والموت سحق الموت وقام وصعد الى السماء، وأرسل الروح القدس المعزي، وأسس الكنيسة المقدسة، ومنحنا وديعة الايمان كذلك المرنم بطرس بركاتيس وسائر الاباء والنساك والاباء القديسين. ولهذا التقليد في كنيستنا المقدسة بعد القيامة المجيدة والصعود الالهي في الأحد الذي يسبق العنصرة نقيم تذكاراً لاباء المجمع المسكوني الأول الذين اجتمعوا في نيقية، وفي الأحد الذي يلي العنصرة نقيم تذكاراً لجميع القديسين لأنّهم جنحوا بالعشق والحب الالهي فقدموا لسيدهم الذي أحبّهم كل ما امتلكوه من طاقة وايمان وعلم ومعرفة، واستخدموا كل ما استطاعوا أن يستخدموه من أدب وشعر وألحان وتراتيل وموسيقى للتعبير عن العشق الالهي والشكر للسيد الذي أحبّنا وافتدانا بدمه. فأتى ما أتانا من موسيقى وألحان كالتي سمعناها هي صلوات مرتفعة الى السيد كما البخور الذي يتصاعد الى السماء محبة لله، وهذا يفرحنا ويقوينا يا جوزيف عندما نرى شابات وشبان امثالكم انجذبوا للسيد، وقدموا من حياته له، ويكرّسوا من حياتهم لهذه الحياة الكنيسة، أن يحيوا بالمسيح يسوع في بيوتهم وعملهم وكنائسهم. فليحميكم الله ويوفقكم وأإتجرّأ وأقول بأنّنا فخورون بالجوقة ولنا نصيب كبير منها في البطريركية لأنّها تساعدنا في اذاعة صوت النعمة البطريركية".

وتوجّه للوفد المرافق لمطران أميركا والمشارك بحضوره في الامسية، بالقول:"نتمنّى حينما تعودون الى أميركا أن تخبروا الأميركيين كيف نعيش هنا، رغم القسوة والحرب والدمار والموت والخطف ورغم كل ما يحدث هنا شبان يتحدون الموت، متشبّثون بأرضهم مثل حجارة هذا الدير التي لا تتزعزع، هم مثل الحجارة الراسخة في الأرض، لا شيئ يقتلعهم من وطنهم، فهم صامدون وسيبقون كذلك ".

ورفع الصلاة"من أجل الجميع، من أجل السلام وعودة المطرانين المخطوفين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، من أجل الاستقرار في لبنان، والاتفاق على قانون انتخابي جديد، وممارسة الهيئات الدستورية أعمالها كما يجب، من أجل هذا الشعب الطيب ليحيا مرتاح البال لانه يستحق كل خير".

وختم:"رغم عتمات هذا الدهر وصعوبة الحياة، لنا هذه الومضات المقبلة علينا من فوق، والتي تدحض هذه الظلمة وتضيئ على جميع الناس وتمنحنا الرجاء والايمان".

وبعد مباركته الحضور، قدّم له يزبك هديّةً تذكاريّةً من مدرسة الموسيقى الكنسيّة.