لبنان
11 حزيران 2017, 14:00

اليازجي: سنبقى متشبثين في هذه الأرض وفي أوطاننا ومتمسكين بكنيستنا لنبقى شهوداً للحق

ترأس بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي قداس أحد جميع القديسين في كنيسة دير سيدة البلمند البطريركي، بمعاونة كل من متروبوليت سان باولو وسائر البرازيل دمسكينوس منصور، متروبوليت نيويورك وسائر اميركا الشمالية المطران جوزيف زحلاوي، متروبوليت بغداد والكويت والجزيرة العربية وتوابعها المطران غطاس هزيم، امين سر المجمع الانطاكي المقدس اسقف سلوقية افرام معلولي، رئيس الدير الارشمندريت رومانوس حنات، رئيس معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي الاب بورفيريوس جرجي، ولفيف من الكهنة والشمامسة، في حضور محافظ بيروت زياد شبيب، نائب رئيس جامعة البلمند الدكتور ميشال نجار، رئيس الحركة الاجتماعية اللبنانية المهندس جون مفرج، فاعليات، الاسرة البلمندية وحشد من المؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك اليازجي عظةً، قال فيها:"نقيم اليوم تذكار جميع القديسين، ولهذا العيد مدلولات عديدة في الكنيسة. ولا بدّ أن نتساءل من هو القديس؟ ومن هم القديسون؟ وما هي أسس اعلان قداسة أي انسان؟ أي حياة نعيشها نحن البشر؟ كل هذه التساؤلات تطرح علينا اليوم. أراد أباؤنا القديسون أن يذكّرونا في هذا العيد أنّ حياة يسوع ليست مجرد مقالات تكتب بالجرائد، وكتابات تحفظ في ملفات مختلفة. بحيث أنّ هناك الكثير من الأشخاص، في هذه الأيام، يتكلّمون عن الايمان بالمسيح وعن الفضائل، كما عن الكتاب المقدس ويقدمون شروحات به، حتى أصبحت هذه الكتابات مجلدات تعد ولا تحصى. الا أنّنا نريد من كل ذلك مع أهميّته أن نرى في عالمنا قديسين، أشخاصاً يجسدون هذه الكتابات والأقوال المسيحية. مطلوب اليوم أن نحيا هذه القداسة والايمان مقابل التحدث عنهما. نعم من واجبنا الكلام عن القداسة، لأنّنا بذلك ننقل بشرى الخلاص لجميع البشر وفق ما يردد المقطع الانجيلي كل من يعترف بي أمام الناس اعترف به أمام ابي في السموات. انّما هل الاعتراف بالرب يتمّ بالكلام وحسب؟".

ولفت الى"الرسالة التي تليت في هذه المناسبة، وهي تذكر أنّ هناك قديسين شهدوا لايمانهم بحيث رجموا نشروا وجربوا وماتوا قتلا بالسيف.. فالقديسون اذا حملوا وديعة الايمان التي تفجرت بقلوبهم وأذهانهم وحواسهم. ويقول الرسول ان أطعمتم أحد اخوتي أو أشربتموه وزرتموه تكونوا قد فعلتم ذلك بالمسيح، لأنّ حياة القداسة بالامكان أن نعيشها على الأرض. وذلك بالسعي الصادق وفتح القلب المنسحق فتنسكب فينا روح القداسة. وعلى الانسان أن يسعى هذا السعي الصالح والرّب يتكفل بما يتبقى. علينا أن نزرع، انّما البنيان هو لله الذي يتمجد وحده وليس البشر".

وأشار الى انتهاء اعمال دورة المجمع الانطاكي المقدس، شاكراً الله "على ما منحنا ايّاه من عطايا. بحثنا في شؤون الكنيسة لتكون بأجمل صورة عظيمة طاهرة بلا عيب وتناولنا جميع جوانب الأمور المتعلقة بها على الأصعدة كافة، وأحياناً نسجل ملاحظات ونبحث بالنهضة والاصلاح والتجديد.. "وتساءل" من هي الكنيسة وكيف تصطلح؟ عندما تصطلح الكنيسة تصبح جميلة وذلك بالتزام دعوة الانجيل لمحبة بعضنا البعض، وهذه دعوة لنا من مشارق أرض الى غربها ومن شمالها الى جنوبها، لا سيّما بالنسبة للذين يدعون العيش بالايمان ويرجون الصلاح للكنيسة. ذلك يتمّ بالتوبة وخلع البشاعة من الذات والتّجدد على صورة المسيح بذلك نكون أمّة مقدسة. وعندما يسعى كل منا بحياته الشخصية وبالجماعة أن يحيا بالمسيح ويحقق فعلاً اصطباغه على اسم الثالوث القدوس ويغطس بجرن المعمودية ليكون ابن القيامة وليس الموت".

وتوقف عند أهمية ترتيب الاعياد، مؤكّداً أنّ الاحتفال بذكرى جميع القديسين يذكّرنا بأنّهم كانوا صادقين، أوفياء مع ربهم، بحيث كانت الكلمة تتطابق مع أقوالهم ومع سلوكهم الحياتي. فقد استعملوا انجيلاً حيّاً مفتوحاً، واعترفوا بالرب بالبشارة والأعمال الصالحة والطهارة".

ودعا الى"التّمثّل بحياة القديسين والسلوك في مسيرتهم، في مسيرة القداسة والتوبة وحمل وديعة الايمان والشهادة لها بالفعل وليس بالقول وحسب، انّما بالممارسات اليومية في حياتنا العائلية والكنسية والوظيفية والاجتماعية، وفي بلداتنا واوطاننا كي نجعل سلام الرّب هو العمود المنتصر وسط عالم يتألم ويتعذب".

وعبّر عن فخره بكنيسة أنطاكية، وقال:"علينا جميعنا أن نفتخر بها هي كنيسة الشهداء، أباؤنا وأجدادنا منذ القرون الاولى رووا بدمائهم تراب البلاد ومنحونا الايمان ونشكرهم على ذلك، ويجب أن نبقى محافظين على هذه الأمانة وهو تقليد رسولي ينتقل من جيل الى جيل".

وتمنّى ألا تتكرّر عبارات" اكليركيين وعلمانيين، لأنّنا جميعنا شعب الله وكنيسته الواحدة. وعلينا أن نبقى الى جانب بعضنا البعض ليظهر وجه المسيح. وعلينا أن نلغي ذواتنا لنرى نور المسيح ونصبح مثل القديسين".

وقال:"مسيحنا جميل، وانجيلنا جميل أن نقرأه ونعيشه ونجسده بحياتنا، ليرى الجميع محبتنا لبعضنا واننا كنيسة واحدة. لذا علينا أن نتكاتف ونكون دوماً يداً واحدةً لتبقى كنيسة أنطاكية راسخة على الوفاء، رغم كل ما يحيط بنا من ظلام وتهجير وحروب ودمار، انّما بنعمة ربّنا سنبقى متشبّثين في هذه الأرض وفي أوطاننا، ومتمسّكين بكنيستنا لنبقى شهوداً للحقّ".

ورفع الصلاة"من أجل لبنان وسوريا والعالم أجمع، لاسيّما في ظلّ ما نسمعه من أخبار تدمي القلوب، بحيث لا نسمع الا بلغة الأسلحة ما يدفعنا للتساؤل أين هو السّلام الذي نريده في حياتنا على المستويات كافّة؟ سيروا سيرة القديسين وتشبّهوا بهم، والرّب يقويّنا ويحمينا".

ثمّ، استقبل المؤمنين في قاعة الكنيسة.