المواد البلاستيكية الدقيقة المحمولة جوًا تؤثر على تغير المناخ
تتفتت جميع أنواع النفايات البلاستيكية إلى قطع أصغر عند تعرضها لأشعة الشمس والرياح والأمطار والظروف البيئية الأخرى. ويعني انخفاض كثافة البلاستيك، أن هذه الشظايا يُمكن بسهولة أن تلتقطها الرياح وتهب في جميع أنحاء العالم. وقد اكتشف العلماء في السنوات الأخيرة، جزيئات بلاستيكية دقيقة في قمم الجبال النائية وفي القطب الشمالي.
يقول مؤلفو الدراسة إن النتائج، التي نُشرت في دورية Nature تُظهر الحاجة الملحة للتعامل بشكل أفضل مع كمية الحطام البلاستيكي الموجود في الهواء، ومكانه ومكوناته من أجل تحديد تأثيرها المناخي.
خطر ببال الباحثين - بمن فيهم "لورا ريفيل"، عالمة الغلاف الجوي في جامعة كانتربري بنيوزيلندا وأحد مؤلفي الدراسة الجديدة - أن كل الجسيمات التي تدور حول الكرة الأرضية ستعترض ضوء الشمس، كما يفعل الهباء الجوي الآخر مثل الغبار والكبريتات والكربون الأسود. كل هذا يؤثر في النهاية على درجات الحرارة على سطح الأرض. الكبريتات، على سبيل المثال، تشتت الإشعاع، ما يؤدي إلى تأثير التبريد. من ناحية أخرى، يمتص الكربون الأسود الأشعة المرئية والأشعة تحت الحمراء، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي. ولكن على عكس الكبريتات أو الكربون الأسود، فإن البلاستيك ليس مادة واحدة بل مئات المواد. فهو يشمل العديد من البوليمرات المختلفة، بالإضافة إلى المواد الكيميائية والأصباغ المضافة إليها، كما تأتي جزيئات البلاستيك الدقيق أيضًا في مجموعة واسعة من الأحجام والأشكال.
بحثت الدراسة في الأجزاء غير الملونة والألياف المتساقطة بواسطة النسيج الصناعي لأنها كانت المواد الوحيدة التي يمتلك الباحثون معلومات عن الخصائص الإشعاعية لها. وهذه الجسيمات تبعثر الأشعة فوق البنفسجية والضوء المرئي وتمتص ضوء الأشعة تحت الحمراء. عندما أدرج العلماء هذه التفاعلات في نماذج المناخ العالمي، تمكنوا من تقدير التأثير الصافي للجسيمات على توازن طاقة الأرض والذي كان تبريدًا طفيفًا للغاية.
قدرت الدراسة ما يسمى بالتأثير الإشعاعي الفعال (ERF)، وهو مقياس للتغيرات في توازن طاقة الأرض. تحتوي اللدائن الدقيقة على معامل ERF يبلغ حوالي -0.75 مللي وات لكل متر مربع، في حين أن جميع الهباء الجوي الأخرى يحتوي على معامل ERF يتراوح بين -0.71 و -0.14 واط لكل متر مربع. (هناك 1000 ملي واط في واط واحد). على المستوى العالمي، يطغى الاحترار من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي على تأثيرات التبريد هذه. لكن يمكن أن يكون للجسيمات البلاستيكية الدقيقة تأثيرات تبريد أو تسخين موضعية اعتمادًا على كيفية اختلافها من مكان إلى آخر: فهناك تركيزات أعلى في بعض المدن، على سبيل المثال. يقول عالم المناخ "بيورن سامسيت"، الذي يدرس الهباء الجوي في مركز أبحاث المناخ الدولي في أوسلو ولم يشارك في الدراسة الجديدة: "يمكن أن تكون التأثيرات الإقليمية للهباء الجوي كبيرة، حتى عندما يكون التأثير العالمي الإجمالي منخفضًا".
يمكن أن يختلف التأثير الدقيق على درجة الحرارة اعتمادًا على عدد الجزيئات المتضمنة، ومدى ارتفاعها في الغلاف الجوي والعديد من المتغيرات الأخرى. نظرًا لأن "ريفيل" وزملائها في الدراسة أرادوا اتخاذ الخطوة الأولى في معالجة مسألة تأثير المناخ، فقد افترضوا تركيزًا موحدًا لجسيم بلاستيكي دقيق واحد لكل متر مكعب من الهواء في جميع أنحاء الطبقة الدنيا من الغلاف الجوي. حتى دراسات التركيز المحدود التي تم إجراؤها حتى الآن تظهر اختلافات كبيرة، من 0.01 جسيم لكل متر مكعب فوق أجزاء من المحيط الهادي إلى ارتفاع يصل إلى 5550 جسيمًا لكل متر مكعب فوق بكين. وقد استخدمت الدراسات طرقًا مختلفة لأخذ العينات، بعضها يفتقد إلى أصغر جزيئات البلاستيك. في الدراسات التي استخدمت طرقًا أكثر حساسية، شكلت الجزيئات الأصغر نصف ما تم العثور عليه. ولا يعرف العلماء حتى الآن عدد اللدائن الدقيقة التي قد تكون موجودة في مستويات أعلى من الغلاف الجوي حيث يمكن أن تكون آثارها مختلفة.
يؤدي أيضًا تحليل الأصباغ والمواد المضافة الأخرى إلى تغيير تأثيرها. فالأصباغ، على سبيل المثال، تزيد عمومًا من امتصاص الضوء، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي. تقول "ريفيل":" إنه ببساطة لا توجد معلومات كافية متاحة حتى الآن لاستخلاص مثل هذه الاستنتاجات. ثم هناك مواد عضوية يمكن أن تغير الأشياء عن طريق الالتصاق بجزيئات البلاستيك، وكذلك الطرق التي قد تتفاعل بها هذه الجسيمات مع المواد الكيميائية الأخرى في الغلاف الجوي أو تؤثر على تكوين السحب". وعلى الرغم من أن التأثير الإجمالي الذي حسبته "ريفيل" وزملاؤها ضئيل، مقارنةً بتأثير الهباء الجوي الأخرى، إلا أنه كبير بما يكفي ليتم قياسه كميًا.
المصدر: National Geographic