دينيّة
10 حزيران 2016, 09:37

الله والمال

ريتا كرم
"لا تعبدوا ربّين: الله والمال": كثيرون لم يفهموا هذه الآية فقدّموا الله على المال أو اختاروه سيّداً على حياتهم؛ وحوّلوه من حاجة أساسيّة وضروريّة، من خير مادّيّ مصدره الله إله الخير، إلى شرّ يفتك بمقتنيه وجامعه، شرّ يرميه خارج دائرة هدفه الأساس: الخير العام والعيش الكريم، فيتشتّت الإنسان عن درب الخلاص.

 

إذ يصبح المال عنصراً مهدّداً، خصوصاً عندما يدخله الإنسان في منافسة مع الرّبّ، بمعنى أن يعطيه الأولويّة فيكرّس وقته كلّه لخدمته بدل أن تكون تلك المادّة الورقيّة في خدمته ككائن بشريّ، فـ"ما من أحد يستطيع أن يخدم سيّدين، فإنّه إمّا أن يبغض الواحد ويحبّ الآخر، أو يلزم الواحد ويرذل الآخر، لا تقدروا أن تعبدوا ربّين الله والمال." (متّى 6/24)

فكم من إنسان سلك طريق يهوّذا الإسخريوطيّ وباع ضميره وأخلاقه وتخلّى عن انتمائه من أجل حفنة من الفضّة؟! وكم من أفراد يبيعون جماعاتهم وأوطانهم لتحقيق مكاسب مادّيّة؟

الغنى الأرضيّ ليس خطيئة أو عيباً أو عائقاً أمام الغنى السّماويّ. الله لم يحرّمه، فهو نفسه كان محاطاً بالأغنياء مثل: نيقوديموس، يوسف الرّامي، وزكّا العشّار... لكنّه أعطى المفتاح لحسن استخدامه. فلمَ لا نتحرّر من عبوديّة المال والطّمع والبخل والأنانيّة؟ لمَ لا نمدّ أيدينا نحو الخير فنتقاسم عطيّة الله بمحبّة؟

فعندما تتلطّخ أيدينا بأموال الحرام تلبية لشهوات وملذّات تعنّ على البال، عندما نهمل الفقير والمحتاج، يصبح طريق الملكوت صعباً و"ما  أعسر  دخول  ملكوت  الله! لأن  يمرّ  الجمل  منٍ  ثقب  الإبرة  أيسر  من  أن  يدخل  الغنيّ ملكوت الله." (مرقس 10/24-25)

فلنطلب أوّلاً ملكوت الله وبرّه والباقي يُزاد لنا. لنحافظ على قيمنا الإنسانيّة والرّوحيّة لكي لا نفقد سعادتنا فـ"السعادة  في  العطاء  أَعظم  منها  في  الأخذ" (أعمال الرسل 20/35)، ولنتذكّر أخيراً أنّ المال الأرضيّ زائل أمّا كلام الله فلا يزول.