السّينودس من أجل الشّباب: مواقف وانتظارات
"شباب اليوم عالم مختلف عن السّابق
الإختلافات بين المجتمعات عميقة بحسب القارّات والبلدان: فأميركا غير أفريقيا وأوروبا غير آسيا والشّرق الأوسط. إختلاف في الثّقافة والانتماء، وظروف الحياة والمعيشة. ثمّة من لهم كلّ شيء ومن يفتقر إلى كلّ شيء! ومعرفة واقعهم ليس بالأمر الهيّن. المواضيع معقّدة، وتحتاج إلى بلورة وفهم، وخصوصًا أنّنا محكومون بالعالم الرّقميّ، والعالم هو أشبه بقرية إنترنت internet village وثقافته هي الدّيجيتال Digital culture وقد غزت العالم. فالشّباب اليوم لا يميلون إلى القراءة ما عدا ما يخصّ دراستهم، إنّهم يميلون إلى الصّورة والنّصّ الرّقميّ القصير!
الشّباب يريدون أن تلعب الكنيسة دورها النّبويّ
يتمنّى الشّباب الّذين تكلّموا أن تكون الكنيسة حاضرة في حياتهم وقريبة منهم وتحسّ بهم وتحبّهم وتحتضنهم وتتفهّمهم وتُعينَهم في سعيهم لتكوين ذاتهم إنسانيًّا ومسيحيًّا وإنضاجها بشكل سليم وعميق. كنيسة تكون أبًا وأمًّا لهم، كنيسة معلّمة ومرشدة ومصغية ومرافقة ليكونوا ذاتهم … يريدونها أن تعلن لهم "الخبر السّارّ– الإنجيل" في ظروفهم وواقعهم وثقافتهم ولغتهم وليس تعليمًا نظريًّا لا يلمس حياتهم.
الشّباب ذكورًا وأناثًا من دون استثناء، يريدون أن يكونوا أعضاء فاعلين في حياة الكنيسة ومشاركين في ليتورجيّتها، وليس مجرّد متلقّين أو متفرّجين. يريدون الكنيسة أن تستمع إليهم، وأن تتكلّم عن حقيقتهم، بدل الكلام اللّاهوتيّ النّظريّ الّذي لا يفهمونه. الشّباب يريد من الكنيسة أن تقول لهم كلمة نبويّة تبعث فيهم الرّجاء وترفع معنويّاتهم مهما كانت التّحدّيات والإخفاقات.
القضايا الجوهريّة الّتي طرحت
القضايا الجوهريّة الّتي تناقشها الحلقات الصّغيرة الأربع عشرة ولمدّة يومين وعلى ضوء مداخلات آباء السّينودس حول القسم الأوّل من "أداة العمل" عن الإصغاء.
الإعلان الواضح للإيمان، المفهوم الإنسانيّ السّليم في المسيحيّة، روح المشاركة الصّادق في حياة المسيح، ولا ننسى هنا دور اللّيتورجيا بجمالها ورموزها وبلاغاتها في تعميق هذا الاندماج في المسيح، العائلة في حياة الشّباب، التّنشئة والمعرفة والعلاقة مع المتغيّرات الثّقافيّة، القارّة الرّقميّة (وسائل التّواصل الاجتماعيّ بكلّ أصنافه) الجسد والحياة العاطفيّة والجنسيّة، الزّواج والأسرة، أحيانًا يعزفون عن الزّواج خوفًا من الفشل، والبتوليّة المكرّسة، الجماعات الكنسيّة ودور التّنشئة.
المشاكل الاجتماعيّة: العولمة والعلمنة والحرّيّة.
الجانب الاقتصاديّ: السّلامة والأمان، وأهمّيّة بناء السّلام بعيدًا عن الكراهيّة وضرورة تدريب الشّباب على الحوار بين الأشخاص والثّقافات والدّيانات.
هذه المواضيع الّتي تمّت مناقشتها سوف تساعد الكنيسة على إنعاش حوارها مع الشّباب خصوصًا وأنّها تريد إعطاء الأولويّة للشّباب. المهمّ الخروج من كلّ الانغلاقات والتّخوّفات وأن تلعب الكنيسة دورها النّبويّ. وهنا ينبغي التّأكيد على دور الكنائس المحلّيّة، الأبرشيّات والخورنات في تحمّل مسؤوليّاتهم للبحث عن عمل راعويّ ملائم لشباب اليوم.
خلاصة القول، أعتقد أنّ علينا جميعًا كأساقفة وكهنة ومؤمنين، وبالأخصّ الشّباب، أن نقول مثل بطرس بشجاعة وثقة: "يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟" (يوحنّا 6/ 68)".