لبنان
14 تموز 2022, 05:00

الرّاعي من عجلتون: نواصل صمودنا في هذا الوطن مهما كانت الصّعوبات

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة الانتهاء من أعمال ترميم كنيسة السّيّدة في عجلتون، ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الثّلاثاء، رتبة تكريس الكنيسة والذّبيحة الإلهيّة، حيث ألقى عظة قال فيها:

""أنت هو المسيح ابن الله الحيّ" أخي سيادة المطران بولس روحانا، النّائب البطريركيّ العامّ في منطقة صربا، أيّها الآباء الأفاضل والرّاهبات، سعادة النّائب والوزير السّابق فريد هيكل الخازن، آل الخازن الكرام، الفعاليّات المدنيّة والعسكريّة، رؤساء البلديّات والمخاتير، الحركات الرّسوليّة والكشفيّة، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء.

على إيمان سمعان بطرس بنى يسوع كنيسته فشبّهها ببيت مبنيّ على صخر هو إيمان بطرس، وهكذا الكنيسة تُبنى كلّ يوم كصخرة على إيمان أبنائها وبناتها، هذه الكنيسة، كنيسة السّيّدة العذراء الّتي كرّسناها في الماضي، والّتي تعود إلى 374 سنة،على مدى كلّ هذه القرون كانت تُبنى كلّ يوم على إيمان أبنائها.  

آل الخازن الكرام وكلّ أبناء عجلتون الأحبّاء كانوا يعبرون من هنا ويحيّون أمّنا مريم العذراء سيّدة هذا المقام، ونحن كمسيحيّين عامّة وكموارنة خاصة نردّد ونقول، إيماني إيمان بطرس، وإيمان بطرس إيماني. هذه الصّخرة الّتي نبني عليها كنيستنا وجماعتنا المؤمنة.  

في هذه الكنيسة الّتي تضمّ رفاة البطريرك طوبيا الخازن، نحتفل اليوم بنهاية ترميمها الّذي بدأه المرحوم الشّيخ سمير الياس الخازن، والّذي يتابع نجله الشّيخ الياس الخازن هذا البناء، وفي هذا اليوم تُصادف ذكرى وفاة الشّيخ سمير، نذكره في هذه الذّبيحة المقدّسة الّتي نقدّمها لراحة نفسه، ونذكر معه والديه وكلّ موتاكم أيّها الأحبّاء.

هي كنيسة الأرض تلتقي مع كنيسة السّماء، فنحن لا نعيش بحالة حزن دائم، بل نعيش الرّجاء، نعيش في شركة القدّيسين، فموتانا ليسوا في القبور، رفاتهم في القبور لكن الشّخص الّذي أحببناه هو عند الله، هكذا أودّ معكم أن نستذكر المرحوم الشّيخ سمير وكلّ عزيز على قلبكم، نستذكرهم أحياء في حضرة الله.

نحتفل بإستكمال ترميم الكنيسة على إسم السّيّدة العذراء، وهي ليست مجرّد ذكرى، فالسّيّدة العذراء أمّ يسوع المسيح، هي أمّنا نحن لأنّنا نحن جسد المسيح السّرّيّ.

عندما نأتي إلى الكنيسة، أيّ كنيسة كانت، فنحن نشكّل جسد المسيح السّرّيّ، الكنيسة تتكوّن حول سرّ الإفخارستيّا الّذي يجمعنا في كلّ كنيسة نأمّها، فالكنيسة هي بيت الله، بيتنا، بيت كلّ واحد منّا، كبيتنا الوالديّ، فهنا نتغذّى من المائدتين، مائدة الكلمة الالهيّة، ومائدة جسد الرّبّ ودمه، وهنا نحتفل بذبيحة الرّبّ الّتي تمحو خطايانا وتكفّر عنّا وتفتدينا.

لقاؤنا في كلّ يوم أحد في الكنيسة هو للاحتفال بذبيحة الرّبّ الّتي تمحو خطايانا وتكفّر عنّا وتفتدينا، لقاؤنا يوم الأحد في كلّ كنيسة يحمل كلّ هذه المعاني الرّوحيّة واللّاهوتيّة، ولكن يهمّني أن أقول إنّ كنيسة المسيح تتألّف عندما نكون مشاركين في قدّاس الأحد، الّذي فيه تُقدّم لنا مائدة الكلمة الإلهيّة مائدة جسد الرّبّ، وفي الكنيسة الحجريّة نحن كنيسة.

يُشبّه الرّبّ إيمان بطرس بالصّخرة، والإيمان هو عطيّة من الله، "طوبى لك يا سمعان ابن يونا، لا لحم ولا دم أظهر لك ذلك، بل أبي الّذي في السّماوات" كلّنا نُعطى هبة من الله هي الإيمان والرّجاء والمحبّة، هبة مجّانيّة وجميعنا مدعوّون لأن نقبلها. سمعان بطرس قبِل هذه الهبة وتفاعل معها لمّا سأل يسوع من يقول النّاس إنّي أنا، قالوا إنّ البعض يقول إنّك إرميا وقد عدت إلى الحياة، أم يوحنّا أم أشعيا أم أحد الأنبياء، فقال لهم يسوع، وأنتم من تقولون إنّي أنا، فتفرّد سمعان بطرس وقال أنت المسيح، أيّ أنت المنتظر من جيل إلى جيل، أنت المُرسل من الله، أنت إبن الله الحيّ، لهذا نقول كما قلت، إيماني إيمان بطرس.

أجدادنا بنوا حياتهم وتاريخهم على هذا الإيمان فثبتوا وصمدوا حتّى وصلوا بنا إلى هذا اللّبنان الّذي هو فريد ولا يشبه أيّ بلد آخر في هذا المشرق بفضل أجدادنا. فلنواصل نحن هذا الإيمان، ولنبني كنيستنا البشريّة على صخرة الإيمان بالمسيح، وعندما نبنيها على صخرة المسيح، فلا تستطيع أيّ رياح أن تزعزعها.

نحن اليوم في الاحتفال بترميم هذه الكنيسة، نجدّد إيماننا بالمسيح الرّبّ الّذي به ننفي من قلوبنا كلّ خوف ويأس وقنوط، ونواصل صمودنا في هذا الوطن حامل الرّسالة في هذه البيئة المشرقيّة مهما كانت الصّعوبات، فالرّبّ يسوع هو سيّد البيت ورأس الكنيسة، لذلك لا يترك بيته يُهدم.

أيّها الرّبّ يسوع، اليوم في تكريس هذه الكنيسة ومذبحها على اسم أمّك مريم العذراء وأمّنا، نسألك بشفاعة القدّيس بطرس الرّسول وجميع الرّسل أن تُجدّد فينا هذا الإيمان لكي نواصل الشّهادة لك في هذا المشرق، ونواصل ثقافتنا المسيحيّة الّتي ينبغي أن تكون ثقافة كالعجين، تعطي نكهة لثقافة وطننا وهذا الشّرق.

بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة هذا المقلام المقدّس، وارحم يا ربّ أخانا سمير وكلّ موتانا، لك المجد إلى الأبد، آمين".