الجفاف يضاعف من مشاكل زامبيا بعد خسارة معركتها لإنقاذ الغابات
وعلى الرغم من الجهود الجماعية للحد من إزالة الغابات فقد أدى شُحُّ الأمطار هذا الموسم - الناتج عن ظاهرة النينيو المناخية- إلى تراجع إمدادات الغذاء ومصادر الطاقة ما قد يجبر سكان القرى في زامبيا على اللجوء إلى قطع الغابات لتوفير الوقود وجلب الدخل.
يلتمس سيامبوندو قسطا من الراحة وهو يتصبب عرقا بعد أن انتهى من تقطيع ثالث شجرة ضخمة من (الساج) خلال أسبوع. وبعد ثلاثة أيام من الكَدْح يتعشم أن يملأ تسعة أجولة على الأقل من كتل الفحم النباتي – الناتجة من الأخشاب الحمراء- يزن الواحد منها 50 كيلوجراما.
يقول سيامبوندو "لدي حديقة بمنزلي لكن المحصول شحيح لذا فإني أبذل قصارى جهدي وإلا تضورت جوعا".
يباع جوال الفحم النباتي الواحد مقابل 25 كواتشا (نحو 2.5 دولار) في ليفنغستون لكن السعر يتجاوز ذلك كثيرا في زيمبابوي وناميبيا المجاورتين.
وأُنْشِئَت غابات محمية دامبوا عام 1972 فيما تحظر القوانين على منتجي الفحم النباتي ممارسة أنشطة غير مرخصة لصناعة الوقود المستخرج من الخشب أو بيعه لكنها تظل ممارسات تقليدية متجذرة لدى سكان المنطقة.
تشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن زامبيا تملك واحدة من أعلى معدلات إزالة الغابات للفرد في العالم وتقول تقديرات إدارة الغابات في البلاد إن مساحات تتراوح بين 617800 إلى 741300 فدان من الغابات تزال سنويا ويرجع ذلك أساسا إلى قطع الأشجار الجائر والأغراض الزراعية وإنتاج الفحم وتوطين المجتمعات البشرية.
وقال تقرير من برنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2015 إن المنظومة البيئية للغابات تسهم في اقتصاد البلاد بواقع 1.3 مليار دولار سنويا بما يعادل نحو ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتستخدم الأخشاب الصلبة مثل (الساج) و(الموبان) و(الموكوسي) في صناعة الأثاث وأغراض البناء فيما يجري تصدير بعض الأنواع الأخرى.
وفيما تحدث موجات الجفاف أضرارا فادحة بالمحاصيل في جنوب القارة الأفريقية يقول المسؤولون إن انعدام الأمن الغذائي والضائقة الاقتصادية يدفعان المزيد من السكان إلى قطع الأشجار.
تقول شبكة منظومة الإنذار المبكر من المجاعات إن أسعار الغذاء ارتفعت في منطقة حزام الذرة بجنوب غرب البلاد في الوقت نفسه يحذر مجلس وزراء الإدارة الوطنية للكوارث من أن الآثار الشديدة لظاهرة النينيو قد تدفع نحو 1.6 مليون شخص إلى الحاجة إلى معونات غذائية أي ما يمثل ضعف المعدل الحالي.
وقال فيكتور تشييبا مسؤول الغابات بالإقليم الجنوبي في زامبيا "توجد زيادة ملحوظة في قيام أهالي الريف باستغلال الغابات بسبب شُح الأمطار".
وأضاف "هناك سوق للفحم النباتي لذا فإن لم يحصلوا على عائدات محصولية طيبة يتحولون بصورة متزايدة إلى أنشطة أخرى لتحقيق دخل".
ويرجع بعض نشطاء البيئة زيادة الطلب على الفحم النباتي إلى النقص الشديد في مصادر الطاقة كما أن اضطراب معدلات سقوط الأمطار أضر بشدة بإنتاج زامبيا من الكهرباء المستمدة من الطاقة المائية لذا فقد صار انقطاع الكهرباء يوميا هو النسق السائد.
وقال بنجامين مودينجي الذي يعمل مع شركة جرينبوب وهي منشأة اجتماعية مقرها جنوب أفريقيا تقيم مهرجانا سنويا لزراعة الأشجار في ليفنغستون "الجميع هنا يستخدمون الفحم النباتي حتى الفنادق وذلك بسبب انقطاع الكهرباء. ثمة طلب متزايد على الوقود الزهيد الثمن وإذا استمر مثل هذا الاتجاه فإننا سنفقد غاباتنا بالفعل يوما ما".
ومنذ إنشاء جرينبوب عام 2010 تقول إنه تمت زراعة 14 ألف شجرة في زامبيا من خلال أنشطتها وبرامج التوعية التي تنشرها بالمدارس.
في الوقت نفسه تنتشر مخاوف من أن تغير المناخ قد أدخل تغييرات على غابات أشجار (الميومبو) المتساقطة الأوراق بعد أن زادت أعمار بعض الأنواع بواقع 30 سنة فيما يخشى تشييبا أن يؤدي ذلك إلى قطع الأشجار الأطول عمرا.
وفي إطار مساعي مكافحة تزايد أنشطة قطع الأشجار أقنعت إدارة الغابات بالإقليم الجنوبي بعض القرويين بتطبيق قوانين فرعية تشجع على إعادة زراعة الغابات وان يقتطعوا مساحات من رقعتهم الزراعية لهذا الغرض وذلك من خلال بث برامج التوعية الإذاعية وإنشاء شبكة من حراس الغابات المتطوعين.
المصدر : رويترز