التنشئة المسيحيّة - الأحد الجديد
يرتبط عيد الرحمة الإلهيّة باسم الراهبة القدّيسة ماريا فوستينا للقربان الأقدس البولونيّة التي وُلدت سنة 1905، ودخلت رهبانيّة سيّدة الرحمة في فرصوفيا سنة 1923، وماتت سنة 1938 بعمر المسيح 333 سنة.
ظهر لها المسيح بكامل قامته، وبمجد القائم من الموت، ويخرج من قلبه شعاعان أبيض وأحمر يدلّان إلى الماء والدّم اللّذَين جريا من صدره، عندما طعنه أحد الجنود بحربة وهو ميت على الصليب. وكان ذاك الظهور في 28 شباط 1931 وهي في غرفتها تصلّي. فطلب إليها قائلًا: "أُرسمي لوحة بما ترين، واكتبي في أسفلها: "يا يسوع، أنا اثقُ بك". وأرغب أن تُكرَّم هذه الصورة في كنيستك أوّلًا ثمّ في العالم أجمع".
الماء علامة المعمودية التي منها نولد كمسيحيِّين، أبناء لله وإخوة لبعضنا البعض بالمسيح. والدم، علامة الإفخارستيا، هو دم الربّ الذي يغسل خطايانا ويروي نفوسنا بالحياة الجديدة. إنّنا من رحمة الله ومحبّته وُلدنا، وبدم المسيح افتُدينا، وبجسده ودمه نتناول الحياة الإلهيّة.
بهذا الترائي طلب الربّ يسوع من الأخت فوستينا نشر عبادة الرحمة الإلهيّة، قائلًا: "يا ابنتي، كلّمي الكهنة عن رحمتي الفائقة. إن شعلة رحمة قلبي تحرقني، وأريد أن أسكبها في النفوس التي لا تصدّق أنّي إله جوّاد محبّ".
لقد فتحت الأخت ماريا فوستينا أعيننا إلى "الحبّ المصلوب"، من خلال نشر عبادة الرحمة الإلهيّة، انطلاقًا من قول المسيح لها: "أرغب أن تفهمي بالعمق حبّي الذي يحترق به قلبي للنفوس. ويمكنُكِ فهمه فقط من خلال التأمّل بآلامي. استرحمي قلبي من أجل الخطأة، فإنيّ أرغب بخلاصهم".
وتقول القديسة مارينا فوستينا: "ما من أحد ينكر أنّ الله رحيم، لكنّ الله يريد أن يعرف العالم كلّه ذلك. ويريد من النفوس أن تتعرّف عليه كملك الرحمة، قبل مجيئه الثاني كملك ديّان".
تستعدّ جماعات الرحمة الإلهيّة في لبنان ومصر وسوريا والعراق والأردن وفلسطين لعقد "مؤتمرها الرسولي الأوّل للرحمة الإلهيّة في الشَّرق الأوسط"، في القاهرة، من 20 إلى 23 نيسان الجاري، على أن يُختم في عيد الرحمة الإلهيّة. ينعقد المؤتمر برعاية المجلس الحبري للأنجلة الجديدة في الفاتيكان والرهبنة الفرنسيسكانيّة في مصر.
يشارك فيه السفير البابوي ومطارنة الأبرشيّات في مصر. وغايتُه الإدراك من كلّ واحد وواحدة لواجب عيش الرحمة كدعوة ورسالة في محيطه وفي وطنه. فالرحمة حاجة العالم عامّة وحاجة منطقتنا المشرقيّة بخاصّة، حيث تفرض شريعة الحقد والبغض والقتل، وتتحوّل القلوب من طاقات للحبّ والرحمة إلى قلوب من حجر خالية من الإنسانية.
ويأتي هذا المؤتمر كتكملة ليوبيل سنة الرحمة الذي دعا إليه قداسة البابا فرنسيس في السنة الماضية. وقد تعرّفنا إلى وجه الله الرحوم المتجلِّي في وجه يسوع المسيح. والمؤتمر يذكِّرنا بأنّنا، كمسيحيِّين، وجه رحمة المسيح، من خلال نهج حياتنا وأعمالنا وأقوالنا.