لبنان
31 آذار 2018, 12:00

البطريرك يونان يحتفل برتبة سجدة الصّليب ودفن المصلوب يوم الجمعة العظيمة في كاتدرائية سيّدة البشارة - بيروت

احتفل البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، برتبة سجدة الصليب ودفن المصلوب يوم الجمعة العظيمة، في كاتدرائية سيّدة البشارة؛ عاونه غبطتَه المطران المنتخَب شارل مراد كاهن الرعية، ومساعده الأب جول بطرس، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية. وأشرفت حركة مار شربل-بيروت على التنظيم، بحضور جماهير غفيرة من المؤمنين، بحسب عشتار تيفي كوم. وبعد الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك عظةً بعنوان "فإنّ الله أحبّ العالم حتّى أنّه جاد بابنه الوحيد، لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به" (يوحنّا 3: 16)،وقد جاء فيها:

"لكي نستفيد من عمل فدائنا، علينا أن نقف بدورنا تحت أقدام المصلوب على غرار مريم ويوحنّا، ونتأمّل بصمتٍ واستسلامٍ لمشيئة الله، مقتدين بيسوع الفادي الذي وحده يساعدنا على قبول سرّ الألم الذي يرافقنا منذ ولادتنا حتى مماتنا. اذ أنّ وبالحكم على يسوع بالموت صلباً، تحمّل الآلام، وعُلِّق ما بين السماء والأرض، وكأنّي به وقد رفضَتْه السماء لأنه قَبِل على ذاته أن يحمل خطيئة بني البشر، ورفضَتْه الأرض لأنه بكَّتَ رؤساء كهنتها ووبّخ فرّيسييها، وأنّب الذين تمسّكوا بحرف الشريعة وقاوموا الروح، فعُلِّق على خشبة، ليربط السماء بالأرض، وليحوّل لعنة الخشبة إلى بركة سماوية، بل ليجعل الصليب سلّماً يصعد عليه إلى السماء جميعُ الذين آمنوا به.

    وقد قال مار أفرام: "لقد مدّ ابن الله نفسه على خشبة الصليب، وببسط يديه ضبط أي وحّد جهات الأرض الأربع"، كما قال القديس اسحق السرياني: "إنّ الكنيسة تفتخر أنّ الله مات على الصليب".

    وانّنا طوال الصّوم، وبنوع خاص في أسبوع الآلام المقدس، رافقنا يسوع على درب آلامه، وصلّينا وتضرّعنا بحرارة غير عادية، ملتمسين الرحمة والغفران من الآب السماوي، ينبوع المراحم. هذا هو إيماننا الذي نقله إلينا الرسل وتلاميذهم، والذي عاشته أمّنا الكنيسة الجامعة على مدى العصور وفي كلّ بقعة من الأرض، وهو إيمان لا يقوم على محدودية العقل البشري وحساباته وفرضياته الدنيوية، كما يريد المختلفون عنّا في الدين أن نشارك الصّالبين في سخريتهم وروفضهم أن يجذبنا الفادي إليه.

    ويعاني اليوم مسيحيو الشرق آلام اضطهاد واقتلاع وأحداث مريعة منذ سنوات، وبخاصّة في سوريا والعراق ومصر، وكذلك الوضع في لبنان، مجدّدين الإيمان بالعناية الإلهية، رغم كلّ ما يسبّبه لنا الشرّ في العالم من آلام، مستلهمين منبعاً للرّجاء فوق كلّ رجاء، متجاوبين مع رسالة الإنجيل في نشر المحبّة والرّحمة والسلام، لأنّ خشبة الصليب التي رأى فيها الآخرون عاراً وشكّاً، ستبقى لنا رمز فخرٍ وخلاص."

    وبعد العظة، أنشد غبطته بالسّريانيّة نشيد السّجود للصّليب:"فلنسجد للصليب الذي به خُلِّصنا، ومع لصّ اليمين نهتف: أذكرنا في ملكوتك". ثمّ جثا غبطته وقبّل الصليب، وفعل مثله الإكليروس من كهنة وشمامسة، فيما الإكليروس والمؤمنون يردّدون النشيد عينه بالسريانية والعربية.

    بعدئذٍ طاف غبطته في زيّاح حبري مهيب داخل الكاتدرائية وخارجها في شوارع المنطقة، ليتمّ بعدها رفع نعش المصلوب عالياً، فيمرّ الجميع تحته لنيل البركة، ويتباركوا من الصليب، قبل أن يقيم غبطته رتبة دفن المصلوب بعد أن نضحه بالزيت ورشّ عليه البخور والطيوب، ثمّ وضعه في قبر خاص تحت المذبح وبخّره.

    وفي الختام، منح غبطته الحاضرين بركة آلام الرّب يسوع وموته الخلاصي بالصّليب المقدّس.