لبنان
03 تموز 2025, 11:50

كتاب من الأساقفة الموارنة في بلدان الانتشار إلى الرّئيس عون، ومضمونه؟

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه الأساقفة الموارنة في بلدان الانتشار كتابًا إلى رئيس الجمهوريّة العماد جوزيف عون جاء فيه:

"ن"نحن الموقّعون أدناه، الأساقفة الموارنة في بلدان الانتشار، بناءً على المؤتمر الّذي عقدناه في الأوّل والثّاني من شهر حزيران 2025، قي لبنان، وبعد التّشاور والتّداول، نرفع إلى فخامتكم هذا الكتاب، وقد وجّهنا نسخة منه إلى كلّ من رئيس المجلس النّيابيّ نبيه برّي، ورئيس الحكومة نوّاف سلام، والكتل النّيابيّة، مطالبين بموجبه بإلغاء المادّة 112 من قانون الانتخابات الحاليّ الّذي حدّد المقاعد المخصّصة في مجلس النّوّاب لغير المقيمين بستّة مقاعد أو ما يعرف بالدّائرة 16 وذلك للأسباب الاتية:

أوّلًا: في مخالفة الدّستور والقوانين النّافذة

حيث إنّ المادّة الثّالثة من قانون انتخاب أعضاء مجلس النّوّاب نصّت صراحةً على أنّه يحقّ لكلّ لبنانيّ أو لبنانيّة أكمل السّنّ المحدّد في الدّستور سواءً أكان مقيمًا أم غير مقيمٍ على الأراضي اللّبنانيّة، ومتمتّعًا بحقوقه المدنيّة والسّياسيّة، أن يمارس حقّه في الاقتراع.

وحيث أنّ الفقرة باء من المادّة الثّانية من قانون الانتخاب نصّت على أنّ جميع النّاخبين على اختلاف طوائفهم يقترعون في الدّائرة الانتخابيّة للمرشّحين عن تلك الدّائرة.

وحيث إنّ القوانين الانتخابيّة النّافذة تنصّ على اقتراع كلّ مواطن لبنانيّ مقيم في لبنان، للمرشّحين في دائرته الانتخابيّة، وتمنع بالتّالي عليه بالاقتراع للمرشّح في دائرة إقامته المعتادة، حيث يعيش ويقيم منذ سنوات ويدفع فيها الرّسوم البلديّة والماليّة.

وحيث إنّ استحداث ستّ دوائر انتخابيّة للّبنانييّن غير المقيمين يخالف مبدأ المساواة بين المواطنين أكانوا مقيمين أم غير مقيمين، ويتطلّب تعديلًا دستوريًّا لوثيقة الوفاق الوطنيّ (الدّستور) وبالتّالي لا يجوز إضافة المقاعد السّتّة عبر مادّة إجرائيّة في مشروع قانون الانتخاب .

وحيث إنّ هذه الخطوة، سينتج عنها إشكاليّات قانونيّة وإجرائيّة لا تحصى ولا تعدّ، لاسيّما لجهة عدم وضوح المعايير الّتي وضعها القانون الحاليّ في تحديد طائفة المقاعد السّتّ في القارّات المختلفة، أو لجهة صعوبة تحديد كيفيّة اقتراع غير المقيمين إن بحسب القيد الطّائفيّ، أو بالنّسبة لاستحالة تحديد توزيع الدّوائر السّتّ المنتخبة وكيفيّة احتساب فوز المرشّحين على أساس النّظام النّسبيّ والدّائرة الانتخابيّة في الخارج، مع ما يشكّل هذا الأمر أيضًا من مخالفة صريحة للقانون.

ثانيًا: في الحقّ السّياسيّ بالاقتراع في الدّوائر الانتخابيّة داخل لبنان، وبحيث إنّ استحقاق الانتخابات النّيابيّة يعتبر من أهمّ الاستحقاقات الدّيموقراطيّة في أيّ دولة، وخصوصًا في لبنان، حيث تعكس مشاركة المواطنين مقيمين وغير مقيمين، محطّة بارزة في انتخاب مجلس نيابيّ يشكّل محور العمل التّشريعيّ الرّقابيّ داخل النّظام البرلمانيّ اللّبنانيّ، وذلك عبر انتخاب مرشّحين إلى النّدوة البرلمانيّة يتميّزون بالكفاءة والسّيرة الذّاتيّة الحسنة وبنضالهم السّياسيّ والمجتمعيّ من أجل المساهمة في بناء وطن سيّد حرّ ‏مستقلّ. وحيث إنّ المشاركة في الانتخابات النّيابيّة تجسّد تعلّق اللّبنانيّين في الانتشار بوطنهم الأمّ، ومساهمتهم عبر تصويتهم في الانتخابات، في تعزيز مؤسّسات الدّولة والنّهوض بالوطن من جديد ليحتلّ مركزًا مرموقًا بين الأمم، فضلًا عن تحقيق التّوازن بين مختلف الأطياف السّياسيّة والمجتمعيّة. وحيث إنّ حقّ تصويت اللّبنانييّن في الانتشار في الانتخابات النّيابيّة، وتحديدًا التّصويت كلّ بحسب دائرته الانتخابيّة في لبنان هو حقّ على الدّولة لضمان إيصال المنتشرين لصوتهم والتّعبير عن حقّهم باختيار ممثّليهم في مجلس النّوّاب، من خلال تمكينهم من التّأثير في اتّخاذ القرارات على الصّعد الوطنيّة كافّة، ومشاركتهم الفاعلة في إنتاج الطّبقة السّياسيّة في لبنان، وتحديدًا تلك الّتي قد يطمئنّ المنتشرون إليها فيستعيدون ثقتهم بدولتهم ومؤسّساتها، الأمر الّذي قد يحثّهم للعودة إلى وطنهم، وهو ما نصبو إليه جميعًا. وعليه، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ إنشاء دائرة مستقلّة للمغتربين يؤدّي عمليًّا إلى فصل الجسم الانتخابيّ اللّبنانيّ إلى فئتين: مقيمين ومغتربين، وهو تمييز غير مبرّر دستوريًّا، لأنّه لا يقوم على معيار موضوعيّ. وهذا التّمييز قد يُعرّض النّصّ للطّعن أمام المجلس الدّستوريّ. من المهمّ التّنويه إلى أنّ من يُصنَّفون "مغتربين" ليسوا دائمًا بعيدين أو منفصلين عن واقع لبنان.

إنّ المغترب ليس منقطعًا عن وطنه بل هو امتداد له، وإنّ مشاركته في الدّوائر الوطنيّة هي تأكيد وحدة لبنان، لا خروجه عنه. فنحن كأساقفة انتشار لا ننظر إلى المغتربين كمجموعة منفصلة عن الوطن، بل كامتداد حيّ له في الزّمان والمكان. فالهجرة لم تكن يومًا نكرانًا للهويّة، بل استجابة مؤلمة لظروف اقتصاديّة أو سياسيّة أو أمنيّة. ولا يصحّ أن يكافأ هذا الارتباط الحيّ مع الوطن بفصل تمثيلي يُضعف مشاركتهم بدل أن يعزّزها.

في ضوء كلّ ما تقدّم، وحيث أنّ اللّبنانييّن في الانتشار يتطلّعون إلى المشاركة في الانتخابات النّيابيّة المقبلة، انطلاقًا من قناعتهم الرّاسخة بحقّهم في الإدلاء بأصواتهم بكلّ حرّيّة في دوائرهم الانتخابيّة حيث مكان قيدهم في لبنان. لا بدّ من التّذكير بالتّجربة الانتخابيّة السّابقة للمغتربين والإشارة إلى أنّ اللّبنانييّن غير المقيمين شاركوا فعليًّا في انتخابات 2018 و2022 عبر التّصويت من الخارج لمرشّحين في دوائر قيدهم الأصليّة. وقد أثبتت هذه التّجربة فاعليّتها واحترامها لمبدأ وحدة الجسم الانتخابيّ".

وإختتم الأساقفة بيانهم:" لذلك، فإنّهم يطالبون بإلغاء المادّة 112 من قانون الانتخاب الحاليّ بشكل نهائيّ وفقًا لاقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من كتل نيابيّة عدّة ونوّاب مستقلّين والمسجّل بتاريخ 9/5/2025، آملين عرض هذا الاقتراح على أوّل جلسة هيئة عامّة مقبلة للمجلس النّيابيّ".

والأساقفة هم:

المطران إدغار ماضي، أبرشيّة سيّدة لبنان- البرازيل

المطران يوحنّا حبيب شاميه، أبرشيّة مار شربل- الأرجنتين، بوليفيا، تشيلي، الباراغوي والأورغواي

المونسنيور إيلي مخايل، أبرشيّة سيّدة شهداء لبنان- المكسيك وفنزويلا.

المطران غريغوري منصور، أبرشيّة مار مارون- بروكلين، الولايات المتّحدة الأميركيّة

المطران الياس عبدالله زيدان، أبرشيّة سيّدة لبنان- لوس أنجلوس، الولايات المتّحدة الأميركيّة

المطران بول- مروان تابت، أبرشيّة مار مارون- كندا

المطران أنطوان شربل طربيه، أبرشيّة مار مارون- أستراليا، نيوزيلندا وأوقيانيا

المطران بيتر كرم، أبرشيّة سيّدة لبنان- فرنسا

المطران مارون ناصر الجميّل، الزّائر الرّسوليّ على أوروبا (إيطاليا، بلجيكا، ألمانيا، هولندا، سويسرا، إسبانيا، إنكلترا، البرتغال، اللّوكسمبورغ، السّويد، الدّانمرك وإرلندا)

المطران سيمون فضّول، أبرشيّة سيّدة البشارة- غرب ووسط أفريقيا (24 دولة)، وزائر رسوليّ على أفريقيا الجنوبيّة

الإكسرخوس فادي بو شبل، إكسرخوسيّة كولومبيا، الإكوادور والبيرو.