البطريرك ساكو: نحن مدعوّون لتحمّل مسؤوليّاتنا الدّينيّة والإنسانيّة والوطنيّة
أصحاب السّماحة والفضيلة والسّيادة
اُسعدتم صباحًا وشكرًا لكم على تلبيتكم دعوتنا هذه. وفي الخطّة أن تتبع لقاءَنا الأوّل هذا لقاءات مماثلة في مدينة النّجف ومدن أخرى. فنحن مدعوّون لتحمّل مسؤوليّاتنا الدّينيّة والإنسانيّة والوطنيّة وحمل هموم الوطن والمواطنين، لاسيّما في هذه الظّروف القاسيّة والمقلقة.
إن الله تعالى، لن يضع كلّ مؤمن يوم الدّين أمام السّؤال: هل أنت مسلم شيعيّ أم سنّيّ؟ هل أنت مسيحيّ كاثوليكيّ أم أرثوذكسيّ، أم انت صابئيّ أو يزيديّ؟ بل بالأحرى سيكون السّؤال: ماذا فعلت لأخيك؟ وما الخير الذي حققته للنّاس؟
وعليه فرسالتنا كرجال الدّين، تتمركز حول تنشئة النّاس على عمل الخير وتعزيز قيم السّلام والعيش المشترك وتوجيههم وتأهليهم للنّهي عن المفاسد والمظالم.
من المؤسف، أن الخطاب المتطرّف المحرِّض على الكراهيّة والعنف "بإسم الدّين" قد انتشر في السّنوات الأخيرة، في منطقتنا ومناطق أخرى. وتفشّي هذا الحال بالرّغم من تقاطعه مع إرادة الله الذي "خلقنا مختلفين"، و مع المفاهيم الدّينيّة الكبرى كالمحبّة والتّسامح والاحترام المتَبادل والسّلام.
هذا الخطاب المتطرّف المُفزِع يشكِّل خطرًا على حياة المواطنين وأمن الدّولة، لذا يستدعي منا كقيادات دينيّة، تحمُّل المسؤوليّة، وذلك بأن تكون لنا رؤية شاملة لأسباب التّطرف والعنف بإسم الدين، وأن يُعوَّل على مركزيّة المرجعيّة بأعلى تراتبيتها في الدّيانة، في سبيل السّعي لإيجاد سبل ناجعة لمكافحته والحيلولة دون "تنشئة" أجيال جديدة من المتطرّفين.
أود هنا، أن اُشيد بمواقف المرجعيّات الدّينية العليا، ومؤسّساتها التي لم تكتفِ بشجب مثل هذه الأفعال التي تشوّه صورة الدّين وتحريمها، بل سعت لاعتماد الاعتدال والوسطيّة والتّجديد في الخطاب الدّينيّ، على ضوء فهم النّصوص المقدّسة، والتّعامل الحكيم مع المتغيّرات الثّقافية والاجتماعيّة والسّياسيّة التي تؤثّر في المجتمع، من أجل أن تتلائَم مع حياة النّاس وظروفهم وثقافتهم، التي اختلفت حتمًا عن القرون الماضية.
أصحاب السّماحة والفضيلة والسّيادة.
اني متفائل ومستبشرٌ خيرًا بهذا اللّقاء والشّراكة الأخويّة، حضورنا اليوم مع بعضنا وبهذا الانفتاح والرّوحيّة رسالة تطمئن العراقيّين، أسأل الله تعالى أن يباركنا ويسدّد خطانا في سبيل مستقبل أفضل لبلدنا ومواطنينا نطمح جميعًا لتحقيقه.
وإلى حضراتكم النّقاط الثّلاث للمناقشة المفتوحة كي نخرج بخطوات عمليّة.
أهميّة مراقبة الخطاب الدّينيّ واعتماد آليّة منتظمة وثابتة لمكافحة الاستعمال السّلبيّ للدّين، والاتّفاق على مطالبة الدّولة قانونيًّا بتجريم الخطاب المُحرِّض على الكراهيّة والعنف.
أهمية ترسيخ مبادئ احترام الدّيانات من خلال تعامل المرجعيّات الدّينية مع بعضها، والتّعاون الصّميميّ من أجل بناء الثّقة، والاعتماد على المعرفة الصّحيحة والشّموليّة لدين الآخر.
تعزيز المشتركات الإنسانيّة والوطنيّة وإشاعة روح التّسامح والمودّة والتّأكيد على المبادئ الدّينيّة والإنسانيّة التي تدعو إلى احترام حقّ التّعدّديّة الدّينيّة والفكريّة من خلال مبادرات شخصيّة وجماعيّة.