العراق
18 تشرين الأول 2017, 12:20

البطريرك ساكو: من أجل مصالحة وطنيّة

وجّه بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو نداء إلى القيادات العراقيّة نشره موقع البطريركيّة فقال:

"تمرُّ بلادُنا في هذه الأيّام بظروف غير مسبوقة، هي من نتاج كلَّ ما حصل في العراق من شماله إلى جنوبه، منذ سنوات وحتّى اليوم، وعليه تستدعي المرحلة الدّقيقة هذه تَكاتُفاً وطنيًّا شاملاً لتجاوز الأزمة نحو أفق الانفراج وبناء شراكة وطنيّة حقيقيّة وقيام عراق جديد. إنّ ما حدث خلال الفترة الماضية، كان جملةً من الصّراعات أدّى إلى التّوتّر الدّائم وتدهور الأوضاع. وفي كلّ هذا كان أوّل من دفع الثّمن هم المدنيّون الأبرياء. وإذا كانت وحدة العراق، قد استقطبت الرّأي الدّوليّ، سواء لمصالح استراتيجيّة أو لمواقف مبدئيّة، فإنّ هذه الوحدة هي حصّة جميع الأطراف العراقيّة، سواء في مسؤوليّة الحفاظ عليها، أو التّسبّب في تخلخلها. ولمّا كانت المكوّنات المتأصّلة في العراق، معنيّة في العيش المشترك، فهي تدعو إلى تجاوز هذا الوضع الهشّ، باعتماد روح المواطنة والقانون، والتّسامح والغفران، وليس روح الانتقام والتّخوين والتّشفّي والصّوت العالي. في هذا النّداء، نتوجّه بحرص ومحبّة، إلى القيادات العراقيّة في المركز والإقليم، للمضيّ في عمليّة إنقاذ ما تسبَّبته السّنوات الماضية، فالعراق أمانة بعنقها، وهو بحاجة ماسّة الآن إلى تمهيد لمصالحة وطنيّة حقيقيّة لوضع العمليّة السّياسيّة على المسار الصّحيح، فلا بدّ من الجلوس على طاولة الحوار الشّجاع الصّادق والحضاريّ بغية مناقشة كافّة الأمور على قاعدة الدّستور وهذه أمنية الحكماء الّتي أكّدت عليها المرجعيّة الرّشيدة. هذه المصالحة الوطنيّة، هي كفيلة بإيجاد مخارج عمليّة ومناسبة لأرث الأزمة كلّها وليس للاستفتاء وحده. ذلك أنّ ما يعصف في البلاد من مشاكل، ليس بين غرباء من أصقاع متباعدة، بل بين إخوة ومواطنين يعيشون على الأرض الواحدة؛ ومن ثمّ لا يمكن الوصول إلى الحلول النّاجعة إلّا بالمفاوضات وتجديد نمط التّفكير بما يؤدّي إلى فروسيّة تقديم تنازلات متبادلة، ووقوف العراقيّين بزعاماتهم، كصفّ واحد ضدّ خطر اندلاع أيّة صراعات جديدة، حفاظًا على البشر قبل آبار النّفط؛ وذلك بهدف قيام دولة مدنيّة حديثة وقويّة بقيادة سياسيّة متماسكة للمساعدة في تنمية المؤسّسات الحكوميّة وإصلاح الجانب الاقتصاديّ والاجتماعيّ والثّقافيّ. كلّ هذا يعزّزه بناء الثّقة وتطوير تدابير الأمن وتأمين الاستقرار، ودعم عمليّة الإعمار وتمهيد الطّريق أمام عودة المهجّرين إلى ديارهم، في عراق التّعايش والحضارات".