البطريرك الراعي يزور جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات في البترون - مدرسة راهبالت العائلة المقدسة
بعدها، توجه البطريرك الراعي والوفد المرافق إلى جامعة راهبات العائلة المقدسة المارونيات في البترون، حيث كان في استقباله رئيسة الجامعة الاخت ماري دو كريستين بصبوص، الرئيسة العامة للجمعية الاخت ماري انطوانيت سعادة، رئيسة مدرسة عبرين الأخت غابرييل بو موسى وحشد من راهبات الجمعية والهيئة التعليمية وقائمقام البترون روجيه طوبيا.
وبعد الإطلاع على وضع الجامعة من الأم الرئيسة، التقى غبطته في مسرح الجامعة طلاب الكليات، وكان حوار تمحور حول الوجود المسيحي في لبنان والشرق، الفراغ في سدة رئاسة الرئاسة، والمصاعب التي يواجهها الشباب اللبناني على كافة المستويات.
بداية اللقاء ألقت رئيسة الجامعة الأخت ماري دو كريستين بصبوص كلمة رحبت بها بغبطته وبالوفد المرافق وقالت:" نعلم تماما يا صاحب الغبطة كم ان همومكم كبيرة وكثيرة، وانما نعلم ايضا ان قلبكم يتسع للجميع وان فكركم النير يحيط بكل التفاصيل. انتم تحملون دوما بشخصكم الحبيب شباب لبنان في قلبكم وروحكم كأسلافكم من البطاركة العظام."
وتابعت بصبوص:" جامعتنا تفرح بزيارتكم وتقدر اهتمامكم بالشباب آملة تحقيق المزيد من التعاون بين كل الجامعات الكاثوليكية في لبنان ومشددة على الإرشاد والنشاط الروحي الذي اطلقتموه في كافة الجامعات. ان جامعتنا متمسكة بشباب لبنان وتحب كل لبنان على مثالكم لأنكم ترفعون اسم لبنان عاليا وبطريرك الموارنة من الحويك الى الراعي ليس بطريرك الموارنة فقط انما هو لكل لبنان ولكل اللبنانيين."
وقبيل البدء بالحوار مع الطلاب قال غبطته :" كلمة رجاء كبيرة جدّاً أودّ توجيهها إليكم، وهي أن لا ندع الهموم تكون أكبر منّا. يجب أن نواجهها بصمودنا وبالعلم والأخلاق والروحانية. نحن يجب أن نكون عكس التيّارات الإجتماعيّة. لأنّ هناك فلتان إجتماعي، يجب أن نكون منضبطين، ولأنّ هناك عبث بحياة الوطن يجب أن نكون جديّين. ولأن الأوطان تُبنى بسواعد أبنائها. هذه ساعتنا نحن اللّبنانيّين، وبخاصّة هي ساعة الشّباب شئنا أم أبينا، لأنه عمر القرارات والمسؤوليّات التي يحملها الإنسان ويتهيّأ بها للغد. ما أنتم اليوم، يكون لبنان غداً وكنيسة لبنان. من على مقاعد هذه الجامعة، تهيّئون مستقبل لبنان، الذي يريد أشخاصاً أوفياء ومتجرّدين يعطون من قلبهم. كلّنا درسنا التّاريخ، وعرفنا أنّ كلّ الدّول عاشت الحروب والدّمار، وربّما أكثر منّا، وبعدها عادت شعوبها ونهضت. أقول هذا الكلام، لأنّ اللّغة السّائدة بين شبابنا لا بل بين الأهل هي انه "يجب أن نجد مكاناً آخر." لبنان بحاجة الينا اليوم أكثر من قبل، نحن أبناء وبنات هذه السّاعة. فنحن هنا من عائلة الحويك، الذي اقترن اسمه باسم لبنان الكبير، وأنتم في الجامعة طُبعتم بطابع البطريرك الحويك."
س: حين نقرأ التاريخ السياسي اللّبناني، نرى أنّ البطريركية المارونية لطالما كانت أساسيّة ومرجعيّة في الحفاظ على الجمهورية، ومثلاً البطريرك الحويك. ما هو الدور الذي تقوم به البطريركية اليوم في ملف رئاسة الجمهورية؟
ج: البطريركية والكنيسة تلعب دوراً في الحفاظ على المبادئ الإجتماعية والدستورية، ولكن الخيارات السياسية هي للمدنيين. وعندما نطالب الكتل السياسية والنيابية أن يدخلوا إلى البرلمان لانتخاب رئيس، يتهمون البطريرك بأنه يتعاطى السياسة. كل مايعرف بالسياسة التقنية هو للسياسيين. الكنيسة والبطريركية تناديان بالمبادئ الوطنية والسياسية لخدمة المواطن اللبناني والدولة اللبناية. نحن فيما يختص فينا ككنيسة، نعمل على الصعيد التربوي والرعوي والأخلاقي لخدمة الإنسان في لبنان. بينما دور السياسيين يتعلّق بالقضاء والتشريع."
وتابع غبطته:" بالنسبة لرئاسة الجمهورية، الدور الذي نقوم به هو المطالبة باستمرار المجلس النيابي بتحّمل مسؤوليّته وبدء عمليّة الإقتراع. دورنا هو حث الكتل السياسية على انتخاب رئيس، ومطالبة الدول النافذة على تسهيل الامر.
س: نلحظ في الفترة الأخيرة في الشرق الأوسط صحوة إسلامية، ما يترك خوفاً كبيراً لدى الأقليات، هل هذا الخوف مبرّر، وكيف نواجه هذه الهواجس؟
ج: يجب أن نميّز بين مسلمي الشرق الأوسط الذين عشنا معهم في لبنان وسوريا ومصر، حيث عشنا الاعتدال معا، وعشنا نحو 1400 سنة، وهناك اختلاط دائم بيننا. نقلنا لهم قيمنا ونقلوا لنا قيمهم. وبنينا ثقافة مشتركة، ولبنان هو مثل. واستطعنا بالرّغم من الصّعوبات أن نبني الإعتدال. ولكن من يظهر اليوم هي الجماعات المتطرفة بدعم دولي، مع إرسال المرتزقة من الخارج، الذين لم يعيشوا هذه الخبرة الإسلامية-المسيحية. المسلمون المعتدلون مقموعون. وقد أدانت العديد من الدول الإسلامية أعمال المتطرّفين الإسلاميين. وهذا التطرف يأتي نتيجة البطالة والحرمان. البابا فرنسيس اسمى الحرب الدائرة اليوم ب: "تجارة السّلاح.". واليوم العالم الغربي يتكلّم عن صراع الدّيانات. وهناك إرادة بمنع التّعايش بين الأديان والحضارات. أمّا نحن فنقول دائما، حوار الأديان والحضارات والتعايش بينها. العالم متّجه نحو العولمة، وأصحاب المصالح تتّجه نحو تقسيم الشعوب. ولقد تمكّن لبنان في العالم العربي أن يفصل بين الدين والدولة ويحقق المساواة. دور لبنان اليوم هو أكبر من ذي قبل، ليعطي مثالا للعيش المشترك للدول المجاورة والمتنازعة. وهذا هو دور شباب اليوم."
وتابع غبطته:" نحن نرفض أن نسمّي أنفسنا أقليّة مسيحية. المسيحيوون ليسوا جماعة إثنينة، بل هم الكنيسة الموجودة في كل دول العالم، وهي كنيسة المسيح. عمرنا 2000 سنة في الشرق، الكنيسة متأصلة، يعني أنّها مؤسسات ورهبانيات ورعايا. قد يتأثر عدد المسييحن، ولكن لن ينتهي، وقوات الجحيم لن تقوى عليها. إنها سر الله مع البشر. هذا وطننا وهذه أرضنا وهنا سنلعب دورنا في التاريخ."
س: في ظلّ زمن الإضطهاد والتهجير المسيحي في العالم العربي، كيف يمكن توجيه إرادتنا وطاقتنا للمشاركة في الحد من الآلام المسيحية في هذا الشرق؟
ج: يجب أن أعمل انطلاقاً من دوري وإمكاناتي. عندما يلتزم كلّ منا بإمكاناته وينفتح إلى العطاء في عالمه، هنا يكمن الكمال. وعلى الصعيد الجماعي، عندما ننتظم معاً يمكن أن نخرج بأمور كثيرة. والأمر نفسه على الصعيد الوطني. أمّا على صعيد الشرق الأوسط، لا يمكنكم أن تصنعوا شيئاً، لأنّه خارج إمكاناتكم. عندما يتحمّل كلّ منّا مسؤوليّته نحقق الكثير. لا تتأثروا بالخلافات السياسية والإنتخابية، بل اذهبوا إلى المبادئ."
وكان تشديد من البطريرك الراعي على "ضرورة الصمود في وجه الصعاب"، وتاكيد على "أن المسيحيين هم من صلب هذا الشرق والعالم، فهم الكنيسة التي لن تقوى عليها أبواب الجحيم".
ودعا غبطته الشباب إلى "المزيد من الإيمان بوطنهم وعدم وراثة الصفحات السوداء ممن سبقهم"، طالبا منهم "أن يكونوا الصفحة البيضاء الجديدة لمستقبل لبنان".
وإذ أكد أنه "لا يمكن للبنان أن يستمر من دون رئيس"، دعا غبطته المسؤولين إلى "صحوة ضمير لإنقاذ لبنان لما له من دور كبير جدا في هذا الشرق عليه القيام به."
بعد ذلك، توجه البطريرك الراعي الى مدرسة راهبات العائلة المقدسة في البترون، حيث كان في استقباله الهيئة الإدارية والتعليمية والطلاب، وبعد رفعه الصلاة في كنيسة مار الياس داخل المدرسة، جال غبطته على أقسام المدرسة من الروضة حتى الصفوف الثانوية، وكانت له محطات مع التلامذة الذين رفعوا الاعلام البطريركية واللبنانية والزهور، وقدموا لوحات غنائية واخرى راقصة تعبيرية، مرنمين الأناشيد الدينية، كما قدموا الهدايا التذكارية.
بعدها انتقل غبطته الى القسم الخارجي من المدرسة لوضع حجر الاساس لبناء كنيسة مار الياس الحي وكان في استقباله وزير الإتصالات النائب بطرس حرب وعقيلته مارلين التي ساهمت وسعت لاطلاق مشروع بناء الكنيسة، النائب سامر سعادة، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان صعب، قائمقام البترون روجيه طوبيا وحشد من الفعاليات السياسية والثقافية والإجتماعية والدينية.