الفاتيكان
11 أيار 2020, 05:55

البابا يكشف عن علاجين للاضطراب، ما هما؟

تيلي لوميار/ نورسات
قبل أن يصلّي مع المؤمنين حول العالم صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، ظهر الأحد، توجّه البابا فرنسيس إليهم بكلمة شدّد فيها على أنّ الإنسان خُلق للسّماء وللحياة الأبديّة، فقال نقلاً عن "فاتيكان نيوز":

"في إنجيل اليوم نصغي إلى بداية ما يُعرف "بخطاب وداع" يسوع. إنّها الكلمات الّتي وجّهها يسوع لتلاميذه في العشاء الأخير، قبل أن يواجه آلامه. في لحظة مأساويّة كهذه بدأ يسوع يقول: "لا تَضْطَرِبْ قُلوبُكم". وهو يقول ذلك لنا نحن أيضًا في مآسي الحياة. ماذا ينبغي علينا أن نفعل لكي لا تضطرب قلوبنا؟

يشير الرّبّ إلى علاجين للاضطراب. الأوّل: "آمنوا بي". يبدو أنّها نصيحة نظريّة ومجرّدة. لكنّ يسوع يريد أن يقول لنا شيئًا ثمينًا. هو يعرف أنّ الخوف الأكبر والاضطراب، في الحياة، يولد من الشّعور بأنّنا لن ننجح وبأنّنا وحدنا وبدون مرجع إزاء ما يحصل. هذا الخوف، الّذي تُضاف إليه الصّعوبات لا يمكننا أن نتخطّاه وحدنا. لذلك يطلب منّا يسوع أن نؤمن به، أيّ ألّا نتّكل على أنفسنا وإنّما عليه. لأنَّ التّحرُّر من الاضطراب يمرُّ عبر الاتّكال والاستسلام؛ ويسوع قد قام من الموت وهو حيّ لكي يكون دائمًا إلى جانبنا، وبالتّالي يمكننا أن نقول له: "يا يسوع، أنا أؤمن أنّك قمت من الموت وأنّك إلى جانبي. أؤمن أنّك تُصغي إليّ. أحمل إليك ما يجعلني أضطرب ومخاوفي: أنا أؤمن بك وأتّكل عليك".

هناك علاج ثاني للاضطراب يعبّر عنه يسوع بهذه الكلمات: "في بَيتِ أَبي مَنازِلُ كثيرة... وإِذا ذَهَبتُ أَعددتُ لَكُم مُقامًا". هذا ما فعله يسوع من أجلنا: لقد حجز لنا مكانًا في السّماء. لقد أخذ على عاتقه بشريّتنا لكي يأخذها أبعد من الموت، إلى مكان جديد، إلى السّماء لكي نكون حيثما هو. إنّه اليقين الّذي يعزّينا: هناك مكان محفوظ لكلّ واحد منّا. فلا نعيشنَّ بدون هدف وبدون وجهة. هناك من ينتظرنا ونحن قيّمون بالنّسبة له. إنّ الله مغرم بنا نحن أبناءه، ولقد أعدَّ لنا المكان الأجدر والأجمل: الفردوس. لا ننسينَّ هذا الأمر أبدًا: إنّ المسكن الّذي ينتظرنا هو الفردوس. نحن هنا مجرّد عابري سبيل، لقد خُلقنا للسّماء وللحياة الأبديّة ولكي نعيش للأبد. للأبد: إنّه شيء لا يمكننا الآن ولن نتمكّن أبدًا من تصوّره. لكن من الأجمل أيضًا أن نفكّر أنّ هذا الـ"للأبد" سيكون في الفرح والشّركة الكاملة مع الله والآخرين بدون دموع وحقد وانقسامات وقلق.

ولكن كيف نبلغ الفردوس؟ ما هي الدّرب؟ هذه هي جملة يسوع القاطعة اليوم: "أَنا الطَّريقُ". إنّ الدّرب للصّعود إلى السّماء هو يسوع: أيّ أن يكون لدينا علاقة حيّة معه ونتشبّه به في المحبّة ونتبع خطواته. ويمكنني أنا المسيحيّ أن أسأل نفسي: "ما هي الدّرب الّتي أتبعها؟". هناك دروب لا تحمل إلى السّماء: دروب السّلطة وروح العالم ودروب تحقيق الذّات. وهناك درب يسوع، درب الحبّ المتواضع والصّلاة والوداعة والثّقة. ليست درب حبّ الظّهور وإنّما درب يسوع رائد حياتي. والسّير قدمًا كلّ يوم قائلاً له: "ما رأيك يا يسوع بخياري هذا؟ كيف كنت ستتصرّف في هذه الحالة ومع هؤلاء الأشخاص؟" سيساعدنا أن نطلب من يسوع، الّذي هو الدّرب، الإرشادات إلى السّماء. لتساعدنا العذراء مريم، سلطانة السّماء، لكي نتبع يسوع الّذي فتح لنا الفردوس".

وبعدها تلا الصّلاة، ووجّه فكره في ختامها إلى أوروبا وأفريقيا، كما تقدّم التّهاني من جميع الأمّهات في عيدهنّ، وقال: "يتوجّه فكري اليوم إلى أوروبا وأفريقيا. إلى أوروبا بمناسبة الذّكرى السّبعين لإعلان شومان في التّاسع من أيّار مايو عام 1950. لقد ألهم عمليّة الإدماج الأوروبيّ وسمح بمصالحة شعوب القارّة بعد الحرب العالميّة الثّانية، وفترة الاستقرار والسّلام الّتي ننعم بها اليوم. لا يغيبنَّ روح إعلان شومان عن إلهام الّذين يشغلون مناصب مسؤوليّة في الاتّحاد الأوروبيّ والمدعوّين لكي يواجهوا بروح وفاق وتعاون التّبعات الاجتماعيّة والاقتصاديّة الّتي سبّبها الوباء.

يتوجّه النظر أيضًا إلى أفريقيا لأنّه وفي العاشر من أيّار عام 1980، ولأربعين سنة خلت، خلال زيارته الرّاعويّة الأولى لتلك القارّة أعطى القدّيس يوحنّا بولس الثّاني صوتًا لشعوب السّاحل الّتي كانت تعاني من الجفاف. أمّا اليوم فأتوجّه بالتّهاني لمجموعة شباب بلدان السّاحل والولايات المتّحدة الأميركيّة على إطلاق مبادرة "Laudato Si’ Alberi"، بهدف زرع في منطقة السّاحل مليون شجرة ستشكّل جزءًا من "جدار أفريقيا الأخضر الكبير". أتمنّى أن يتمكّن كثيرون من اتّباع مثال التّضامن لهؤلاء الشّباب.

يُحتفل اليوم في العديد من البلدان بعيد الأمّ. أرغب في أن أذكر جميع الأمّهات بامتنان ومحبّة، موكلاً إياهنَّ إلى حماية العذراء مريم أمّنا السّماويّة. يتوجّه الفكر أيضًا إلى جميع الأمّهات اللّواتي عبرن إلى الحياة الأخرى ويرافقننا من السّماء. أتمنّى لكم أحدًا مباركًا ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي".