الفاتيكان
03 تشرين الثاني 2025, 11:00

البابا لاوُن الرّابع عشر يتحدّث عن مشيئة الله ألّا يَهلك أحد

تيلي لوميار/ نورسات
تلا قداسة البابا لاوُن الرّابع عشر ظهر يوم الأحد صلاة التّبشير الملائكي. وتحدّث قبلها إلى المؤمنين والحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس عن قيامة يسوع من بين الأموات والتي تنير في هذه الأيام الأولى من شهر تشرين الثّاني/ نوفمبر مصير كلّ واحد منّا بحسب "فاتيكان نيوز".

وتابع "هذا ما قاله يسوع ذاته، ذكَّر الأب الأقدس عائدا إلى كلمات يسوع: "ومَشيَئةُ الَّذي أَرسَلَني أَلّا أُهلِكَ أَحَدًا مِن جَميعِ ما أَعْطانيه بل أُقيمُه في اليَومِ الأَخير" (يو ٦، ٣٩). إنّ هذا يوضح كيف أنّ في مركز اهتمام الله ألّا يهلك أحد إلى الأبد وأن يكون لكلّ واحد مكانه وأن يبرق في تفرده.

هذا هو السّرّ الذي احتفلنا به أمس يوم الاحتفال بعيد جميع القدّيسين. الشّركة في التّنوّع توسع حياة الله لتشمل جميع البنات والأبناء الذين تمنّوا أن يكونوا جزءً منها. إنّه ذلك التّوق المحفور في قلب كلّ كائن بشريّ، التّوق الذي يتطلّب التّعرّف عليه والاهتمام والفرح به."

ثمّ أراد الحبر الأعظم التّذكير بكلمات البابا بندكتس السّادس عشر حين كتب في الرّسالة العامّة "بالرّجاء مخَلَّصون"، فقال "إنّ تعبير "الحياة الأبدية" هو عبارة عن تسمية لذلك التّوق الذي لا يمكن كبحه، وليست هذه الحياة تتابعًا للأيّام بلا نهاية، بل هي انغماس في محيط المحبّة اللّانهائيّ والذي لا يصبح فيه وجود بعد للزّمن، لما قبل وما بعد، إنّه كمال الحياة والفرح، هذا ما نرجو وما ننتظر من كوننا مع المسيح".

وأضاف "إنَّ تَذكُّرنا جميع المؤمنين الذين ماتوا، يُقرِّب منّا السّرّ بشكل أفضل، فاهتمام الله بألّا يفقد أحدًا نعرفه نحن في كلّ مرّة يبدو فيها أنّ الموت يجعلنا نفقد إلى الأبد صوتًا، وجهًا، عالمًا بكامله، فكلّ شخص هو عالم كامل. وهكذا فإنّ هذا هو يوم يتحدّى الذّاكرة البشريّة الثّمينة والهشّة في الوقت ذاته. بدون تذكر يسوع، حياته وموته وقيامته، يصبح الكنز الهائل لكلّ حياة مُعرَّضا للنّسيان. ففي ذكرى يسوع الحيّة فإنّ حتى مَن لا يتذكّره أحد ومَن يبدو أنّ التّاريخ قد محاه يظهر بكرامته اللّانهائيّة. يسوع، الحجَر الذي رذله البنّاؤون قد صار رأس الزّاوية (راجع رسل ٤، ١١)، هذا هو إعلان الفصح، ولهذا يتذكّر المسيحيّون منذ البداية الموتى في كلّ احتفال بالقربان المقدّس، ويسألون حتّى اليوم أن يُذكَر موتاهم في الصّلاة الإفخارستيّة، ومن هذا الإعلان ينبع الرّجاء في ألّا يهلك أحد."

تحدّث الأب الأقدس بعد ذلك عن فعل زيارة المقابر والذي يقطع فيه الصّمت لهاث الحياة، وقال "إنّ هذا الفعل عليه أن يكون لنا جميعًا دعوة إلى التّذكّر والانتظار. وذكَّر قداسة البابا هنا بما نقول في قانون الإيمان: "نترجّى قيامة الموتى والحياة الجديدة في الدّهر الآتي"، ودعا بالتّالي إلى أن نتذكّر المستقبل، لا أن ننغلق في الماضي والدّموع والحنين إلى ما سبق، أو أن نكون من جهة أخرى مغلَقين في الحاضر كما في قبر.

وأردف قائلًا "ليَبلغنا صوت يسوع المألوف، ليَبلغ الجميع، لأنّه الصّوت الوحيد الذي يأتي من المستقبل، إنّه ينادينا باسمنا ويُعد لنا مكانًا، يحرّرنا من الشّعور بالعجز الذي يهدّد بأن يجعلنا نتخلّى عن الحياة." وإختتم الأب الأقدس متضرّعَا كي تُعَلمنا مريم العذراء مجدّدًا أن نرجو".

هذا وأراد قداسة البابا عقب تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ تأكيد متابعته بألم للأنباء المأساويّة التي تأتي من السّودان وبخاصة من الفاشر في شمال دارفور المتألّمة. وأضاف قداسته أنّ أعمال عنف بلا تمييز ضدّ النّساء والأطفال وهجمات على مدنيّين عزل وإعاقة الأعمال الإنسانيّة تسبب معاناة غير مقبولة لشعب أنهكته شهور طويلة من النّزاع. ودعا إلى الصّلاة كي يقبل الله نفوس الضّحايا وأن يعضد المتألّمين ويلمس قلوب المسؤولين. ثم جدد البابا لاوُن الرّابع عشر نداءه إلى الأطراف المتنازعة من أجل وقف إطلاق النّار وفتح عاجل لممرّات إنسانيّة، كما ووجّه نداءً إلى الجماعة الدّوليّة للعمل بحزم وسخاء من خلال تقديم المساعدات ودعم مَن يحاولون الإغاثة.

دعا قداسة البابا من جهة أخرى إلى الصّلاة من أجل تنزانيا حيث اندلعت عقب الانتخابات الأخيرة صدامات أسفرت عن أعداد كبيرة من الضّحايا. وطالب الأب الأقدس الجميع بتفادي العنف بأشكاله المختلفة وباختيار درب الحوار.