البابا فرنسيس يلتقي سكان منطقة بويرتو مالدونادو الأمازونية
وبدأ الحبر الأعظم كلمته مشيراً إلى قدوم أشخاص من مناطق أخرى للمشاركة في هذا اللّقاء ما يقدّم صورة جميلة للكنيسة، كنيسة لا تعرف الحدود يمكن للشعوب كافة أن تجد فيها مكانها. وشدّد على الحاجة إلى مثل هذه اللّحظات التي تشجع على منح حياة لثقافة اللقاء التي تُجددنا في الرجاء شأن ما تابع.
توقّف البابا بعد ذلك عند عبارة ذكرتها إحدى السيدات خلال ترحيبها باسم السكان بالأب الأقدس، حيث شكرته على المجيء لزيارة هذه الأرض المنسية والجريحة والمهمشة، لكنّها أرادت التّشديد على أنّ هذه المنطقة ليست أرض لا أحد. وفي تعليقه على هذه العبارة، أكّد البابا فرنسيس، موجّهاً كلماته إلى الحضور، أنّ هذه الأرض لها أسماء ووجوه، وجوهكم. ثمّ ذكّر بأنّ اسم هذه المنطقة هو مادري دي ديوس أي ام الله، أي مريم، تلك الفتاة الشابة التي كانت تعيش في قرية بعيدة كان هناك مَن يعتبرها أيضاً أرض لا أحد، إلا أنّ مريم وفي هذه الأرض تلقت السلام والدعوة الأعظم التي يمكن لشخص أن يتلقاها: أن تكون أم الله. وذكّر الأب الأقدس هنا بحديث الإنجيل عن أنّ أسرار الله تُكشف للفقراء. أكّد البابا لسكان المنطقة؛ بالتّالي أنّ مريم بالنسبة لهم هي أم، وأن وجود أم يعني أنّه ما من مكان للشعور بعدم الانتماء إلى عائلة، إلى شعب، إلى ربنا، ليست هذه الأرض يتيمة، شأن ما ذكر الحبر الأعظم.
توقف قداسته بعد ذلك عند واقع مؤلم وهو رغبة البعض في القضاء على يقين الانتماء هذا، وفي تحويل منطقة أم الله إلى منطقة بلا أبناء، إلى أم عقيمة ومكان يسهل استغلاله للربح، وأشاد في المقابل بمن يتقاسمون عطية إدراك كوننا أبناء الله وينقلون هذا النبأ سار عبر الأجيال. وتابع قداسة البابا متحدّثاً عن ثقافة الإقصاء والتي لا تكتفي باستبعاد الأشخاص، بل تكتم صوت وتتجاهل وترفض كل ما لا يخدم مصالحها، ووصف هذه بثقافة بلا روابط وبلا وجوه، ثقافة بلا أم، لا ترى سوى الاستهلاك. أدان الأب الأقدس بالتالي معاملة هذه الثفافة للأرض، للغابات والأنهار، وللأشخاص أيضاً الذين يُستغلون ليُلقى بهم حين يصبحون بلا فائدة.
هذا وأراد البابا فرنسيس التوقف عن قضية أليمة ألا وهي الاتجار بالبشر وشدد على ضرورة تسميته بالعبودية، وأشار في سياق حديثه إلى ما تتعرّض له النساء في هذه المنطقة من عنف مشددا على ضرورة تفادي اعتبار هذا أمراً اعتياديّاً. ومن بين ما تطرق إليه الأب الأقدس عبادة المال والجشع والسلطة كأصنام تُفسد الأشخاص والمؤسسات وتدمر الغابات أيضاً، ودعا سكان المنطقة الأمازونية إلى العمل على مواجهة هذا الخطر مشدّداً على أنّ بإمكاننا، بفضل الصلاة ولقاء يسوع مفعمين بالفرح، أن نبلغ الارتداد الذي يجعلنا نكتشف الحياة الحقيقية. وتابع متحدّثاً عن الخلاص مؤكّداً أنّه ليس أمراً عاماً أو مجرّداً، وذلك لأنّ أبانا ينظر إلى الأشخاص بشكل ملموس، أشخاص لهم وجوه وقصص، وعلى الجماعات المسيحية كافة أن تكون انعكاسا لهذه النظرة، لهذا الحضور الذي يخلق الروابط، العائلة والجماعة.
ثمّ، ختم البابا فرنسيس حديثه إلى سكان هذه المنطقة الأمازونية في بويرتو مالدونادو معرباً عن رجائه فيهم، في قلوب الكثيرين الباحثين عن حياة مباركة، ودعا الجميع إلى أن يحبوا هذه المنطقة، أن يشعروا بها منطقتهم، إلى الالتزام من أجلها وحمايتها، وألا يعاملوها كشيء يمكن الإلقاء به، بل ككنز حقيقي يجب إنماؤه ونقله إلى أبنائهم. وفي مادري دي ديوس، أم الله، تلا البابا مع الحضور صلاة السلام عليك يا مريم.