الفاتيكان
04 شباط 2021, 12:50

البابا فرنسيس: وحدة القلوب تتعمّق أكثر بوحدة الأصوات

تيلي لوميار/ نورسات
تمنّى البابا فرنسيس العودة للغناء والعزف والاستمتاع بالموسيقى والغناء معًا، فـ"يتمكنّ هذا الجانب من الحياة الاجتماعيّة من أن يولد مجدّدًا"، وذلك في رسالة مصورّة وجّهها إلى المشاركين في المؤتمر الدّوليّ الرّابع للموسيقى، الّذي ينظّمه المجلس البابويّ للثّقافة، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"نجد في سفر النّبيّ أشعيا هذه الوصيّة: "أنشدوا لِلرَّبِّ نشيدًا جَدِيدًا، تَسْبِيحَهُ مِنْ أَقْصَى الأرضِ". كما هو معروف، ألهم الكتاب المقدّس عددًا لا يحصى من التّعابير الموسيقيّة، بما في ذلك الصّفحات الأساسيّة في تاريخ الموسيقى: لنفكّر في التّرانيم الغريغوريّة، في باليسترينا وباخ...؛ لقد ألهم مجموعة كبيرة ومتنوّعة من المؤلّفات في القارّات الخمس؛ كذلك تناول العديد من الكتّاب المعاصرين النّصوص المقدّسة، وتمكّنت العديد من الجماعات الكنسيّة في العقود الأخيرة من تفسير هذه النّصوص إن كان باتّباع الأشكال الموسيقيّة الجديدة وإمّا في تعزيز التّراث القديم. إنّ التّراث الموسيقيّ للكنيسة، في الواقع، متنوّع للغاية ويمكنه أن يدعم، بالإضافة إلى اللّيتورجيا، أداء الحفلات الموسيقيّة، في المدرسة وفي التّعليم المسيحيّ، وحتّى في المسرح.

ومع ذلك، نعلم أنّه منذ بداية جائحة فيروس الكورونا، تمّ تقليص النّشاط في مجال الموسيقى بشكل كبير. يتوجّه فكري إلى جميع الّذين تأثّروا بسببها: إلى الموسيقيّين الّذين رأوا حياتهم ومهنتهم تنقلب رأسًا على عقب بسبب متطلّبات التّباعد الاجتماعيّ؛ وإلى الّذين فقدوا وظائفهم واتّصالاتهم الاجتماعيّة؛ والّذين اضطرّوا إلى مواجهة اللّحظات الضّروريّة للتّنشئة والتّعليم والحياة الجماعيّة في سياقات صعبة. لقد كرّس الكثيرون جهودًا كبيرة لمواصلة تقديم خدمة موسيقيّة بإبداع جديد. إنّه التزام لا يصلح للكنيسة وحسب، وإنّما للأفق العامّ أيضًا، ولـ"الشّبكة" عينها، والّذين يعملون في قاعات الحفلات الموسيقيّة وغيرها من الأماكن حيث تشكّل الموسيقى خدمة للمجتمع.

أتمنّى أن يتمكّن هذا الجانب من الحياة الاجتماعيّة من أن يولد مجدّدًا، وأن نعود للغناء والعزف والاستمتاع بالموسيقى والغناء معًا. يؤكّد ميغيل سيرفانتس في دون كيشوت: "حيثما توجد الموسيقى، لا يمكن أن يكون هناك شيء سيّء". تحفّز العديد من النّصوص والألحان، من خلال قوّة الموسيقى، الضّمير الشّخصيّ لكلّ فرد وتخلق أيضًا أخوّة عالميّة.

يتابع النّبيّ أشعيا في المقطع عينه: "قَدْ صَمَتُّ مُنْذُ الدَّهْرِ. سَكَتُّ. تَجَلَّدْتُ". إنَّ الموسيقيّ الجيّد يعرف قيمة الصّمت وقيمة التّوقّف. إنَّ التّناوب بين الصّوت والصّمت هو خصب ويسمح بالإصغاء الّذي يلعب دورًا أساسيًّا في كلِّ حوار. أعزّائي الموسيقيّين، إنَّ التّحدّي المشترك هو أن نُصغي لبعضنا البعض. وفي اللّيتورجيا نحن مدعوّون للإصغاء إلى كلمة الله. إنَّ الكلمة هي "نصّنا"، النّصّ الرّئيسيّ؛ والجماعة هي "سياقنا". الكلمة هي مصدر معاني، وهي تنير وتوجّه مسيرة الجماعة. نحن نعلم كم هو ضروريّ أن نروي تاريخ الخلاص بالتّعابير واللّغات الّتي يمكن فهمها جيّدًا. وبالتّالي يمكن للموسيقى أيضًا أن تساعد النّصوص الكتابيّة على "التّحدّث" في سياقات ثقافيّة جديدة ومختلفة، لكي تتمكّن الكلمة الإلهيّة من أن تبلغ بشكل فعّال الأذهان والقلوب.

لقد اخترتم في لقائكم أن تعطوا اهتمامًا للأشكال الموسيقيّة الأكثر تنوّعًا: فهي تعبّر عن تنوّع الثّقافات والجماعات المحلِّيّة، ولكلّ منها سماتها وميزاتها الخاصّة. أفكّر بشكل خاصّ في حضارات الشّعوب الأصليّة، حيث يتمّ دمج نهج الموسيقى مع العناصر الطّقسيّة الأخرى للرّقص والاحتفال. في هذا السّياق، يمكن أن تظهر روايات مُلزِمة في خدمة البشارة. في الواقع، تشمل الخبرة المتكاملة للفنّ الموسيقيّ أيضًا البعد الجسديّ.

أرغب في أن أختم بسؤال يولد بشكل عفويّ في الموقف الّذي نجد أنفسنا فيه، بسبب الوباء: هل الصّمت الّذي نعيشه فارغًا أم أنّنا نصغي إليه؟ هل هو فارغ أم أنّنا نصغي إليه؟ هل سنسمح لاحقًا بظهور نشيد جديد؟ يحفّزنا النّصّ والسّياق، الموجودان الآن في شكل جديد، على استئناف رحلتنا معًا، لأنّ "وحدة القلوب تتعمّق أكثر بوحدة الأصوات". لتستمرّ الأصوات والآلات الموسيقيّة والمؤلّفات في التّعبير، في السّياق الحاليّ، عن انسجام صوت الله، ولتقودنا نحو "السّيمفونيّة"، أيّ الأخوّة العالميّة. أعهد إلى الله بالتزامكم لكي يدعمه ويجعله خصبًا، وأطلب منكم جميعًا أن تصلّوا من أجلي!".