الفاتيكان
02 آب 2021, 07:50

البابا فرنسيس: والحبّ الحقيقيّ لا يبحث عن مصلحته، إنّه مجّانيّ

تيلي لوميار/ نورسات
عن محبّة الله المجّانيّة والّتي تذهب أبعد من منطق المصلحة والحساب، تحدّث البابا فرنسيس أمس الأحد قبل صلاة التّبشير الملائكيّ الّذي تلاه مع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، داعيًا إيّاهم إلى قبول يسوع "كخبز الحياة" والتّعلّم منه.

وقال في هذا الإطار بحسب "فاتيكان نيوز": "يقدّم لنا المشهد الافتتاحيّ للإنجيل، في ليتورجية اليوم، بعض القوارب الّتي تتجه نحو كفرناحوم: الجمع يسير بحثًا عن يسوع. قد نعتقد أنّه أمر جيّد جدًّا، لكن الإنجيل يعلّمنا أنّه لا يكفي أن نبحث عن الله، وإنّما يجب علينا أن نسأل أنفسنا أيضًا لماذا نبحث عنه. في الواقع، يؤكّد يسوع: "أَنتُم تَطلُبونَني، لا لِأَنَّكم رَأَيتُمُ الآيات: بلِ لِأَنَّكم أَكَلتُمُ الخُبزَ وشَبِعتُم". في الواقع، كان النّاس قد شهدوا معجزة تكثير الخبز ولكنّهم لم يفهموا معنى ذلك التّصرُّف: لقد توقّفوا عند المعجزة الخارجيّة والخبز المادّيّ.

وبالتّالي ها هو أوّل سؤال يمكننا أن نطرحه على أنفسنا: لماذا نطلب الرّبّ؟ ما هي دوافع إيماننا؟ نحن بحاجة لأن نميِّز ذلك، لأنّه من بين العديد من التّجارب هناك تجربة يمكن أن نسمّيها التّجربة الوثنيّة. إنّها الّتي تدفعنا إلى البحث عن الله من أجل استخدامنا واستهلاكنا، لحلّ المشاكل، ولكي نحصل بفضله على ما لا يمكننا الحصول عليه بأنفسنا. لكن بهذه الطّريقة يبقى الإيمان سطحيًّا ومرتبطًا بالمعجزات: نبحث عن الله لكي يُشبعنا ومن ثمّ ننسى أمره عندما نشبع. في محور هذا الإيمان غير النّاضج لا يوجد الله وإنّما هناك احتياجاتنا. من الصّواب أن نقدّم احتياجاتنا إلى قلب الله، لكن الرّبّ، الّذي يتصرّف بما يتخطّى توقّعاتنا، يرغب في أن يعيش معنا قبل كلّ شيء علاقة حبّ. والحبّ الحقيقيّ لا يبحث عن مصلحته، إنّه مجّانيّ: نحن لا نحبّ لكي ننال معروفًا في المقابل!

يمكن أن يساعدنا سؤال ثاني، وهو السّؤال الّذي وجّهه الجمع ليسوع: "ماذا نَعمَلُ لِنَقومَ بِأَعمالِ الله؟". وكأنّ النّاس الّذين استفزّهم يسوع يقولون: "كيف نطهر بحثنا عن الله؟ كيف ننتقل من إيمان سحريّ، لا يفكّر إلّا في احتياجاته إلى إيمان يرضي الله؟". ويشير يسوع إلى الطّريق مجيبًا أنّ عَمَلُ اللهِ أَن يقبلوا الّذي أَرسَله الآب، أيّ يسوع نفسه. إنّ الإيمان ليس إضافة ممارسات دينيّة أو اتّباع تعاليم خاصّة؛ بل هو أن نقبل يسوع في حياتنا، ونعيش معه قصّة حبّ، وسيكون هو الّذي سينقّي إيماننا، لأنّنا وحدنا لسنا قادرين على ذلك. لكن الرّبّ يرغب في علاقة حبّ معنا: وقبل الأشياء الّتي ننالها ونقوم بها، علينا أن نحبّه. هناك علاقة معه تذهب أبعد من منطق المصلحة والحساب.

هذا الأمر يصلح فيما يتعلّق بالله، وإنّما أيضًا في علاقاتنا البشريّة والاجتماعيّة: عندما نسعى بشكل خاصّ إلى تلبية احتياجاتنا، نحن نجازف باستخدام الأشخاص واستغلال المواقف لأغراضنا. والمجتمع الّذي يركّز على المصالح بدلاً من الأشخاص هو مجتمع لا يولّد الحياة. وبالتّالي فإنّ دعوة الإنجيل هي كالتّالي: بدلاً من الاهتمام فقط بالخبز المادّيّ الّذي يشبعنا، لنقبل يسوع كخبز الحياة، ولنتعلّم انطلاقًا من صداقتنا معه، أن نحبّ بعضنا البعض مجّانًا وبدون حسابات.

لنرفع الآن صلاتنا إلى العذراء القدّيسة، الّتي عاشت أجمل قصّة حبّ مع الله، لكي تمنحنا النّعمة لننفتح على اللّقاء مع ابنها."