البابا فرنسيس: ليعطنا الرّبّ النّعمة لكي نميِّز متى ينبغي علينا أن نتكلّم ومتى علينا أن نصمت
الحقيقة متواضعة وصامتة، وبالتّالي فالدّرب الوحيد التي ينبغي علينا سلوكها مع الأشخاص الذين يسعون للتّسبُّب بالفضائح والانقسامات هي درب الصّمت والصّلاة.
وصل يسوع إلى المجمع وقد استقبله الجميع بحشريّة كبيرة: كانوا يريدون جميعًا أن يروا بأعينهم الأعمال العظيمة التي قام بها في أماكن أخرى؛ لكنَّ ابن الآب السّماويّ يستخدم فقط "كلمة الله" وهي العادة التي يتبنّاها أيضًا عندما يريد التّغلُّب على الشّيطان، وبالتالي فموقف التّواضع هذا هو الذي يفتح المجال لأوَّل "كلمة –جسر"، كلمة تزرع الشّك الذي يحمل إلى تغيير في الأجواء "من السّلام إلى الحرب" و"من الدّهشة إلى الانزعاج"؛ لكنَّ يسوع بصمته يتغلّب على الشّيطان الذي زرع الكذب في القلوب.
لم يكونوا أشخاصًا عاديّين بل كانوا مجموعة كلاب متوحِّشة طردته من المدينة. فقدوا عقولهم وكانوا يصرخون، فيما بقي يسوع ساكتًا. بهذه الكلمات ينتهي إنجيل اليوم "وَساقوهُ إِلى حَرفِ الجَبَل، الَّذي كانَت مَدينَتُهُم مَبنِيَّةً عَلَيهِ لِيُلقوهُ عَنهُ؛ وَلَكِنَّهُ مَرَّ مِن بَينِهِم وَمَضى". إنّ كرامة يسوع في صمته، صمته الذي يتغلّب على هذه المجموعة المتوحّشة ويمضي لأنَّ ساعته لم تأتِ بعد. هذا ما يحصل أيضًا يوم جمعة الآلام، فالجموع عينها التي كانت يوم أحد الشّعانين تحتفل بيسوع وتهتف له: "هوشعنا لابن داود؛ مبارك الآتي باسم الرب"، راحت تصرخ "إصلبه!": لقد تغيّرت؛ زرع الشّيطان الكذب في قلوبهم، فيما كان يسوع يحافظ على الصّمت.
هذا الأمر يعلّمنا أنّه إزاء أسلوب التّصرُّف هذا الذي لا يرى الحقيقة، يبقى الصّمت فقط. الصّمت الذي ينتصر وإنّما بواسطة الصّليب. هذا هو صمت يسوع. كم من مرّة تبدأ في العائلات نقاشات حول السّياسة أو الرّياضة أو المال وينتهي الأمر بدمار تلك العائلات، بسبب هذه النّقاشات التي نرى الشّيطان فيها فيما يسعى إلى زرع الدّمار... الجواب هو الصّمت، لأنَّ الحقيقة متواضعة وصامتة؛ الحقيقة ليست أبدًا صاخبة. إنَّ ما فعله يسوع ليس سهلاً أبدًا؛ ولكن هناك كرامة المسيحيّ المُتجذِّرة في قوّة الله؛ ولذلك مع الأشخاص الذين لا يملكون الإرادة الصّالحة، والذين يسعون فقط إلى التّسبُّب بالفضائح والانقسامات، والذين يسعون فقط إلى الدّمار حتّى داخل العائلات يأتي الجواب واحدًا: الصّمت والصّلاة!"
واختتم البابا فرنسيس عظته مصلّيًا: "ليعطنا الرّبّ النّعمة لكي نميِّز متى ينبغي علينا أن نتكلّم ومتى علينا أن نصمت؛ وذلك في جميع مجالات الحياة: في العمل والبيت والمجتمع... فنصبح هكذا أكثر تشبُّهًا بيسوع!"