الفاتيكان
19 حزيران 2023, 07:50

البابا فرنسيس: لنصلّ من أجل السّلام ولنعلن أنّ الله قريب!

تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة الاحتفال باليوم العالميّ للّاجئين، ذكر البابا فرنسيس ظهر الأحد، بعد صلاة التّبشير الملائكيّ، ضحايا حطام السّفينة الّتي غرقت قبالة سواحل اليونان، مصلّيًا أيضًا على نيّة الطّلّاب ضحايا الهجوم الوحشيّ على مدرسة في أوغندا، فقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يصادف يوم الثّلاثاء المقبل، ٢٠ حزيران يونيو، اليوم العالميّ للّاجئين الّذي تنظّمه الأمم المتّحدة: بحزن كبير وألم شديد أفكّر في ضحايا حطام السّفينة الخطير الّذي حدث خلال الأيّام الماضية قبالة سواحل اليونان. فيما كان يبدو أنّ البحر كان هادئًا. أجدّد صلاتي من أجل الّذين ماتوا وأطلب أن يتمّ على الدّوام فعل كلّ ما هو ممكن لمنع مآسٍ مماثلة. كما وأصلّي من أجل الطّلّاب الشّباب ضحايا الهجوم الوحشيّ على مدرسة في غرب أوغندا. هذا النّضال، هذه الحرب في كلّ مكان ... لنصلِّ من أجل السّلام!".

وكان الأب الأقدس قد أطلّ على المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيسة بطرس، تاليًا معهم الصّلاة، بعد أن توجّه إليه بكلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "أرغب في أن أعبّر عن امتناني لجميع الّذين أظهروا لي، أثناء فترة الاستشفاء في مستشفى الجيميلي، عاطفتهم واهتمامهم وصداقتهم وأكّدوا لي دعمهم بالصّلاة. هذا القرب البشريّ والقرب الرّوحيّ قد كانا بالنسبة لي عونًا كبيرًا وتعزية. شكرًا لكم جميعًا! شكرًا لكم! أشكركم من كلّ قلبي!

في إنجيل اليوم، يدعو يسوع الرّسل الاثني عشر باسمائهم ويرسلهم. وبإرسالهم، هو يطلب منهم أن يعلنوا شيئًا واحدًا فقط: "أَعلِنوا في الطَّريقِ أَن قَدِ اقتَرَبَ مَلَكوتُ السَّمَوات". إنّه الإعلان نفسه الّذي بدأ به يسوع بشارته: إنَّ ملكوت الله، أيّ مُلك محبّته، قد اقترب ويأتي بيننا. وهذا ليس مجرّد خبر كغيره من الأخبار، ولكنّه الحقيقة الأساسيّة للحياة.

في الواقع، إذا كان إله السّماء قريبًا، فنحن لسنا وحدنا على الأرض وحتّى في الصّعوبات نحن لا نفقد الثّقة. هذا هو أوّل شيء علينا أن نقوله للنّاس: إنَّ الله ليس بعيدًا، بل هو أب، يعرفك ويحبّك؛ ويريد أن يمسك بيدك، حتى عندما تسير في دروب شديدة الانحدار ووعرة، وحتّى عندما تسقط وتجد صعوبة في النّهوض واستعادة المسيرة. في الواقع، غالبًا في اللّحظات الّتي تكون فيها في أضعف حالاتك، يمكنك أن تشعر بحضوره بشكل أقوى. هو يعرف الدّرب، هو معك، وهو أبوك!

لنتوقّف عند هذه الصّورة، لأنّ الإعلان بأنّ الله قريب هو دعوة لكلِّ فرد منّا لكي يفكّر بنفسه كطفل يسير فيما يمسكه أبوه بيده: كلّ شيء يبدو مختلفًا بالنّسبة له. يصبح العالم الكبير والغامض مألوفًا وآمنًا، لأنّ الطّفل يعرف أنّه محميّ. فلا يخاف ويتعلّم الانفتاح: فيلتقي بأشخاص آخرين، ويجد أصدقاء جددًا، ويتعلّم بفرح أشياء لم يكن يعرفها، ثمّ يعود إلى البيت ويخبر الجميع بما رآه، فيما تنمو في داخله الرّغبة في أن يصبح كبيرًا ويفعل الأشياء الّتي رأى والده يفعلها. لهذا السّبب يبدأ يسوع من هنا، ولهذا السّبب يشكّل قرب الله الإعلان الأوّل: بقربنا من الله نتغلّب على الخوف، وننفتح على الحبّ، وننمو في الخير ونشعر بالحاجة والفرح لأن نبشّر.

إذا أردنا أن نكون رسلًا صالحين، علينا أن نكون مثل الأطفال: فنجلس "على ركبتي الله" وننظر من هناك إلى العالم بثقة ومحبّة، لكي نشهد أنّ الله هو أب، وأنّه وحده يحوِّل قلوبنا ويمنحنا ذلك الفرح وذلك السّلام اللّذين لا يمكننا أن نحصل عليهما بأنفسنا.

علينا أن نعلن أنّ الله قريب. ولكن كيف نقوم بذلك؟ يوصي يسوع في الإنجيل بعدم قول الكثير من الكلمات، وإنّما بالقيام بالعديد من تصرّفات المحبّة والرّجاء باسم الرّبّ: "إِشفوا المَرضى، وَأَقيموا المَوتى، وَأَبرِئوا البُرص، وَأَطرِدوا الشَّياطين. أَخَذتُم مَجّانًا، فَمَجّانًا أُعطوا". هذا هو جوهر الإعلان: الشّهادة المجّانيّة والخدمة.

لنسأل أنفسنا إذن بعض الأسئلة: نحن الّذين نؤمن بالإله القريب هل نثق به؟ هل نعرف كيف ننظر بثقة مثل طفل يعرف أنّ والده يحمله بين ذراعيه؟ هل نعرف كيف نجلس على ركبتي الآب في الصّلاة، والإصغاء إلى الكلمة، والاقتراب من الأسرار؟ وأخيرًا، إذ نتمسّك به، هل نعرف كيف نبعث الشّجاعة في الآخرين، ونقترب من الّذي يتألّم والوحيد، ومن البعيد وكذلك من الّذي يعادينا؟ والآن لنرفع صلاتنا إلى العذراء مريم لكي تساعدنا لنشعر بأنّنا محبوبين وننقل لبعضنا البعض الثّقة والقرب."