الفاتيكان
22 آب 2025, 10:20

البابا يوجّه رسالة لمناسبة لقاء الصّداقة بين الشّعوب في ريميني

تيلي لوميار/ نورسات
ينطلق اليوم في ريميني لقاء الصّداقة بين الشّعوب السّادس والأربعين، ويستمرّ لغاية السّابع والعشرين من الجاري. وللمناسبة، وجّه البابا لاون الرّابع عشر رسالة تحمل توقيع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين.

وفي تفاصيل الرّسالة، وبحسب "فاتيكان نيوز"، بدأ البابا سطورها "واصفًا الموضوع الّذي اختير محور هذا اللّقاء، "فلنبنِ في البراري بأحجار جديدة"، بدعوة إلى الرّجاء. وتابعت الرّسالة أنّ الأب الأقدس يريد توجيه تحيّة إلى منظّمي اللّقاء والمتطوّعين وجميع المشاركين فيه مع الرّجاء في الوعي بفرح بأنّ "الحجر الّذي رذله البنّاؤون قد وُضع حجرًا للزّاوية مختارًا كريمًا، ومَن اتّكل عليه لا يُخزى" راجع (١ بط ٢، ٦)، فالرّجاء لا يخيِّب (راجع روم ٥، ٥).

ثمّ نقلت الرّسالة حديث البابا عن البراري كأماكن تُعتبر غير ملائمة للعيش فيها، ولكن حيثما يبدو أنّه لا يمكن لشيء أن يولد يُحَدّثنا الكتاب المقدّس عن مرور الله، ففي البراري وُلد شعبه، وفقط بالسّير بين مصاعب البراري ينضج اختيار الحرّيّة، والرّبّ الّذي يرى ويعرف ويصغي إلى معاناة أبنائه ويأتي ليحرّرهم يُحوِّل البرّيّة إلى مكان محبّة وقرار ويجعلها تثمر كبستان رجاء.

وتابعت الرّسالة ناقلة تثمين البابا لاون الرّابع عشر لتَضَمن لقاء ريميني معرضًا حول شهادة شهداء الجزّائر، ففيهم تسطع دعوة الكنيسة إلى أن تسكن البرّيّة في شركة عميقة مع البشريّة كلّها متجاوزة جدران الاختلافات بين الأديان والثّقافات، وذلك في محاكاة لتجسّد ابن الله وهبته. وأضافت الرّسالة أنّ أسلوب الحضور والبساطة والمعرفة وحوار الحياة هذا هو الدّرب الحقيقيّ للرّسالة. ويشير البابا في هذا السّياق إلى أنّ لقاء ريميني سيتضمّن، كما عوّدنا، الحوار بين كاثوليك من حساسيّات متعدّدة ومع مؤمني الدّيانات الأخرى ومع غير مؤمنين، وهذه حسبما تابعت الرّسالة ممارسات هامّة للإصغاء تُعِد الأحجار الجديدة الّتي يجب بها بناء المستقبل الّذي يحفظه الله للجميع والّذي يُفتح فقط حين نقبل أحدنا الآخر، ويضيف الأب الأقدس أنّه لا يمكن مقاومة ملكوت الله الّذي هو ملكوت سلام. وتتابع الرّسالة أنّه وبينما يبدو مسؤولو مؤسّسات الدّول والمؤسّسات الدّوليّة غير قادرين على جعل الغلبة للقانون والوساطة والحوار فعلى الجماعات الدّينيّة والمجتمع المدنيّ التّحلّي بجرأة النّبوّة، ويعني هذا التّمكّن من رؤية ما يمكن أن يولد من الحطام ومن الكثير الكثير من الألم البريء.

ثمّ ذكَّرت الرّسالة بدعوة البابا لاوُن الرّابع عشر أساقفة إيطاليا إلى تعزيز مسيرات تربية على اللّاعنف ومبادرات وساطة في النّزاعات المحلّيّة ومشاريع استقبال تُحوِّل الخوف من الآخر إلى فرص للّقاء، كما ويدعو قداسته إلى أن تكون الجماعات بيوت سلام. وتابعت الرّسالة أنّ قداسة البابا يشجّع على منح اسم وشكل لما هو جديد وذلك كي يصبح الإيمان والرّجاء والمحبّة ارتدادًا ثقافيًّا كبيرًا. كما وذكَّرت الرّسالة بحديث البابا فرنسيس عن أنّ الاهتمام بالفقراء هو أمر لاهوتيّ قبل أن يكون ثقافيًّا واجتماعيًّا، سياسيًّا أو فلسفيًّا. فقد اختار الله الأخيرين والصّغار وصار واحدًا منهم، تابعت الرّسالة وأضافت أنّه بدون ضحايا التذاريخ والجياع والعطاش للعدالة، بدون صانعي السّلام، بدون الأرامل واليتامى، الشّباب والمسنّين، المهاجرين واللّاجئين، بدون صرخة الخليقة كلّها، لن تكون لدينا أحجار جديدة.

شدّدت الرّسالة من جهة أخرى على أنّ حضور المسيحيّين في المجتمعات المعاصرة يجب أن يترجِم بكفاء ومخيّلة إنجيل الملكوت في أشكال تنمية بديلة عن أشكال النّموّ الخالية من المساواة والاستدامة. وتابعت الرّسالة أنّه ولخدمة الله الحيّ يجب الابتعاد عن عبادة الرّبح الّتي أضرّت بشكل كبير بالعدالة وحرّيّة اللّقاء والتّبادل ومشاركة الجميع في الخير المشترك وبالسّلام. وواصلت الرّسالة أنّ إيمانًا ينفصل عن تصحّر العالم أو يساهم بشكل غير مباشر في قبوله لا يعود بعد اتِّباعًا ليسوع المسيح. وأشارت الرّسالة من جهة أخرى إلى الثّورة الرّقميّة الّتي نعيشها والّتي يمكنها أن تزيد من التّفرقة والنّزاعات، ومن الضّروريّ بالتّالي أن تُسكن بإبداع ممّن، وبإطاعة الرّوح القدس، لم يَعد عبدًا بل هو ابن. وهكذا فستصبح البرّيّة بستانًا وستحوِّل "مدينة الله" الّتي أعلنها القدّيسون برارينا.

وختمت الرّسالة ناقلة طلب البابا لاوُن الرّابع عشر شفاعة مريم العذراء كي تدعم التزام كلّ فرد في شركة مع الرّعاة والجماعات الكنسيّة الّتي ينتمي إليها، في تعاون مع سائر أعضاء جسد المسيح للعمل في تناغم وانسجام. إنّ التّحدّيات الّتي تواجهها البشريّة ستصبح أقلّ إخافة، وسيكون المستقبل أقلّ ظلمة والتّمييز أقلّ صعوبة إن أطعنا معًا الرّوح القدس."