الفاتيكان
20 كانون الأول 2021, 08:50

البابا فرنسيس: لنتعلّم من العذراء أن نقوم وننهض عندما نواجه خطر أن تسحقنا الصّعوبات

تيلي لوميار/ نورسات
"لا ننسينَّ أبدًا أن أول عمل محبّة يمكننا أن نقوم به لقريبنا هو أن نقدم له وجهًا هادئًا ومبتسمًا، ونحمل له فرح يسوع، كما فعلت مريم مع أليصابات"، هذا ما أوصى به البابا فرنسيس المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ.

وفي هذا السّياق، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "يروي الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم، الأحد الرّابع من زمن المجيء، زيارة مريم إلى أليصابات. بعد أن تلقّت إعلان الملاك، لم تمكث العذراء في البيت، لتعيد التّفكير فيما حدث وتنظر في المشاكل والأحداث غير المتوقّعة، الّتي لم تغِب بالتّأكيد، لأنَّ المسكينة لم تكن تعرف ماذا تفعل بهذا الخبر في ثقافة تلك الحقبة. بل على العكس، وبدلاً من أن تنغلق على مشاكلها فكَّرت أوّلاً في من هو بحاجة: أليصابات، نسيبتها، الّتي كانت مُتقدِّمة في السّنّ وهي حامل. إنطلقت مريم في رحلة بسخاء، دون أن تسمح لصعوبات الدّرب بأن تخيفها، واستجابت لدفعٍ داخليّ دعاها إلى الاقتراب وتقديم المساعدة. خرجت لتساعد من خلال مقاسمة فرحها. لقد منحت مريم أليصابات فرح يسوع، الفرح الّذي كانت تحمله في قلبها وفي حشاها. ذهبت إليها وعبّرت عن مشاعرها، هذه المشاعر الّتي أصبحت فيما بعد صلاة "تُعظّم نفسي الرّبّ الّتي نعرفها جميعًا". ويقول لنا النّصّ إنّ العذراء "قَامَت فمَضَت مُسرِعَةً".

قامت ومَضَت. في الجزء الأخير من مسيرة المجيء، لنسمح بأن يقودنا هذان الفعلان. القيام والمُضيِّ بسرعة: إنّهما الحركتان اللّتان قامت بهما مريم وتدعونا لنقوم بهما أيضًا بمناسبة عيد الميلاد. أوّلاً أن نقوم وننهض. بعد إعلان الملاك، كانت تلوح في الأفق فترة عصيبة بالنّسبة للعذراء: كان حملها غير المتوقّع يعرّضها لسوء فهم وكذلك لعقوبات شديدة. لنتخيل كم من الأفكار والاضطرابات كانت تخالجها! ومع ذلك، فهي لم تفقد عزيمتها، ولم تيأس بل قامت. هي لم تنظر إلى الأسفل، نحو المشاكل، وإنّما إلى الأعلى، نحو الله، ولم تفكّر في من يمكنها أن تطلب منه المساعدة، وإنّما في من يمكنها أن تقدم له المساعدة.

لنتعلّم من العذراء أسلوب التّصرُّف هذا: أن نقوم وننهض لاسيّما عندما نواجه خطر أن تسحقنا الصّعوبات. أن نقوم وننهض لكي لا نبقى في المشاكل، ونغرق في الشّفقة على ذواتنا وفي حُزن يشُلُّنا. لكن لماذا علينا أن نقوم؟ لأنّ الله عظيم ومستعدّ لكي يُنهضنا إذا مددنا له أيدينا. لنلقِ عليه إذًا الأفكار السّلبيّة والمخاوف الّتي تعيق كلّ دفعٍ وتمنعنا من المضيّ قدمًا. ولنتمثَّل بمريم: لننظر حولنا ولنبحث عن شخص يمكننا مساعدته! هل هناك أيّ شخص مسنّ أعرفه يمكنني أن أُمضي بعض الوقت برفقته أو أن أُقدّم له خدمة أو أقوم بمبادرة لطيفة تجاهه أو بمكالمة هاتفيّة؟ من خلال مساعدة الآخرين، سنساعد أنفسنا على النّهوض من الصّعوبات.

الحركة الثّانية هي المُضيِّ بسرعة. وهي لا تعني ذلك المضي قدمًا بارتباك واضطراب: وإنّما أن نقضي أيّامنا بوتيرة سعيدة، وننظر إلى الأمام بثقة، بدون أن نجرّ أنفسنا على مضض، كعبيد للتّذمُّر والشّكوى، باحثين على الدّوام عن شخص نلومه. في مسيرتها نحو بيت أليصابات، مضت مريم مُسرعة بخطوات شخص قد امتلأ قلبه وحياته من الله ومن فرحه. لنسأل أنفسنا إذًا: ما هي "الوتيرة" الّتي أسير بها قدمًا؟ هل أنا استباقي أم أنّني أتباطأ في حزن؟ هل أسير قدمًا برجاء أم أنّني أتوقّف لكي أشعر بالأسف على نفسي؟ إذا واصلنا بالوتيرة المرهقة للتّذمُّر والثّرثرة، فلن نحمل الله إلى أحد. من المفيد جدًّا أن ننمّي روح دعابة سليم، كما فعل، على سبيل المثال، القدّيس توماس مور أو القدّيس فيليبو نيري. لا ننسينَّ أبدًا أنّ أوّل عمل محبّة يمكننا أن نقوم به لقريبنا هو أن نقدّم له وجهًا هادئًا ومبتسمًا، ونحمل له فرح يسوع، كما فعلت مريم مع أليصابات.

لتمسكنا والدة الإله بيدنا، ولتساعدنا على النّهوض والسّير بسرعة نحو عيد الميلاد!".

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أعبّر عن قربي من شعب الفليبّين الّذي ضربه إعصار قويّ دمّر العديد من المنازل. ليحمل الطّفل المقدّس "Santo Niño" التّعزية والرّجاء إلى العائلات الّتي تعيش في صعوبة، وليلهمنا جميعًا لكي نساعد بطريقة ملموسة! وأوّل مساعدة ملموسة هي الصّلاة وغيرها من المساعدات.

أتمنّى لكم جميعًا أحدًا مباركًا ومسيرة جيّدة في هذا الجزء الأخير من زمن المجيء الّذي يعدنا لميلاد يسوع. وليكن لنا جميعًا زمن انتظار وتعاون: رجاء وصلاة برفقة العذراء مريم، امرأة الانتظار. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."