الفاتيكان
12 تموز 2022, 07:50

البابا فرنسيس صلّى من أجل شعوب سريلانكا وليبيا وأوكرانيا، وهذا ما دعا إليه!

تيلي لوميار/ نورسات
نحو سريلانكا وليبيا وأوكرانيا وجّه البابا فرنسيس تفكيره بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد عقب تحيّته المؤمنين المتحشدين في ساحة القدّيس بطرس، فقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أتّحد بألم شعب سريلانكا، الّذي لا يزال يعاني من آثار عدم الاستقرار السّياسيّ والاقتصاديّ. ومع أساقفة البلاد، أجدّد ندائي من أجل السّلام وأناشد أصحاب السّلطة ألّا يتجاهلوا صرخة الفقراء واحتياجات النّاس.

أودّ أن أوجّه فكرًا خاصًّا إلى الشّعب اللّيبيّ، ولاسيّما إلى الشّباب وجميع الّذين يتألّمون بسبب مشاكل البلاد الاجتماعيّة والاقتصاديّة الخطيرة. أحثّ الجميع على البحث عن حلول مقنعة مرّة أخرى، بمساعدة المجتمع الدّوليّ، من خلال الحوار البنّاء والمصالحة الوطنيّة. كما أجدّد قربي من الشّعب الأوكرانيّ، الّذي تُعذِّبه يوميًّا الهجمات الوحشيّة الّتي يدفع ثمنها النّاس العاديّون. أُصلّي من أجل جميع العائلات، ولاسيّما من أجل الضّحايا والجرحى والمرضى، وأصلّي من أجل المسنّين والأطفال. ليكشف الله السّبيل من أجل وضع حدٍّ لهذه الحرب المجنونة!".

وخلص البابا فرنسيس إلى القول: "يحتفل اليوم بأحد البحر. لنتذكّر جميع البحّارة، مع التّقدير والامتنان لعملهم الثّمين، وكذلك المرشدين والمتطوِّعين في "Stella Maris". وأوكل البحّارة الّذين تقطّعت بهم السّبل في مناطق الحرب إلى العذراء مريم، لكي يتمكّنوا من العودة إلى ديارهم".

وكان الأب الأقدس قد تلا كلمة روحيّة قبل الصّلاة، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يروي الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم مثل السّامريّ الصّالح. في الخلفيّة، نجد الطّريق الّذي ينحدر من أورشليم إلى أريحا، والّذي كان عليه رجل وقَعَ بِأَيدي اللُّصوص. فعَرَّوهُ وَانهالوا عَلَيهِ بِالضَّرب. ثُمَّ مَضَوا وَقَد تَركوهُ بَينَ حَيٍّ وَمَيت. رآه كاهن نازِلاً في ذَلِكَ الطَّريق ولكنّه لم يتوقّف، بل مالَ عَنهُ وَمَضى؛ والشّيء نفسه فعله لاوي أيّ مسؤول عن العبادة في الهيكل. "وَوَصَلَ إِلَيهِ سامِرِيٌّ مُسافِرٌ- يقول الإنجيل- وَرَآهُ فَأَشفَقَ عَلَيه". يحرص لوقا الإنجيليّ على الإشارة إلى أنّه كان مسافرًا. وبالتّالي، فإنّ ذلك السّامريّ، على الرّغم من خططه وتوجُّهه نحو هدف بعيد، لا يجد أعذارًا وسمح لما حدث على الطّريق أن يُسائله. لنفكّر في الأمر: ألا يعلّمنا الرّبّ أن نفعل هكذا؟ أن نتطلّع بعيدًا، إلى الهدف النّهائيّ، مولين اهتمامًا وثيقًا للخطوات الّتي علينا أن نقوم بها، هنا والآن، لكي نصل إلى هناك.

إنّه لأمر مهمٌّ أن يكون المسيحيّون الأوائل قد دُعوا "تلاميذ الطّريق". فالمؤمن يشبه السّامريّ بشكل كبير: فهو مثله مسافر وابنُ سبيل. هو يعرف أنّه ليس شخصًا قد "وصل"، ولكنّه يريد أن يتعلّم كلّ يوم، واضعًا نفسه على خُطى الرّبّ يسوع، الّذي قال: "أنا الطّريق والحقّ والحياة". إنّ تلميذ المسيح يسير خلفه فيصبح هكذا "تلميذ الطّريق". إنّه يمشي خلف الرّبّ، الّذي ليس ساكنًا، بل هو في مسيرة على الدّوام: في الطّريق يلتقي بالأشخاص، ويشفي المرضى، ويزور القرى والمدن.

لذلك يرى "تلميذ الطّريق" أنّ طريقة تفكيره وتصرّفه تتغيّر تدريجيًّا، وتصبح أكثر فأكثر مُتطابقة مع أسلوب المعلِّم. بالسّير على خطى المسيح، يصبح مسافرًا، ويتعلّم- مثل السّامريّ- أن يرى ويُشفق. أوّلاً يرى: يفتح عينيه على الواقع، فهو ليس منغلقًا بشكل أنانيّ في دائرة أفكاره. أمّا الكاهن واللّاوي فقد رأيا الضّحيّة، ولكن الأمر كان كما لو أنّهما لم يرياه، لأنّهما مالا عَنهُ وَمَضيا. يعلّمنا الإنجيل أن نرى: وهو يرشد كلّ واحد منّا لكي يفهم الواقع بشكل صحيح، ويتخطّى الأفكار المسبقة والعقائديّة يومًا بعد يوم. ومن ثمَّ يُعلّمنا اتّباع يسوع أن نتحلّى بالشّفقة: أن نتنبّه للآخرين، ولاسيّما للّذين يتألّمون، والمعوزين. وأن نتدخّل على مثال السّامريّ.

أمام هذا المثل من الإنجيل، قد يلوم المرء نفسه أو يلوم الآخرين، ويوجّه أصابع الاتّهام إليهم بمقارنتهم بالكاهن واللّاوي، أو يلوم نفسه من خلال تعداد للمرّات الّتي غاب فيها اهتمام بقريبه. لكنّي أودّ أن أقترح عليكم نوعًا آخر من التّمارين. بالطّبع، علينا أن نعترف بالمرّات الّتي كنّا فيها غير مبالين وبرّرنا أنفسنا، ولكن لا يجب أن نتوقّف عند هذا الحدّ. لنطلب من الرّبّ أن يخرجنا من لامبالاتنا الأنانيّة ويضعنا على الطّريق. لنطلب منه أن نرى الّذين نلتقي بهم على طول الطّريق ونشفق عليهم، ولاسيّما الّذين يتألّمون والمعوزين، لكي نقترب منهم ونفعل ما في وسعنا لتقديم يد المساعدة.

لترافقنا العذراء مريم في مسيرة النّموّ هذه. ولتساعدنا هي، الّتي "تُظهر لنا الطّريق"، أيّ يسوع، لكي نصبح نحن أيضًا "تلاميذ الطّريق".