الفاتيكان
10 أيار 2019, 13:48

البابا فرنسيس: إنّ إصلاح الكنيسة يبدأ بالتّواضع

في ختام المسيرة الّتي بدأتها الرّعايا في أبرشيّة روما خلال زمن الصّوم حول موضوع: "الإصغاء إلى المدينة"، التقت الرّعايا راعيها في بازيليك القدّيس يوحنّا اللّاتيران، وقد دعاها إلى اتّباع إلهامات الرّوح القدس وتقديم التّطويبات كجواب لصرخة المدينة.

 

في كلمته لهم، قال البابا فرنسيس بحسب "فاتيكان نيوز" مستهلّاً إيّاها بالحديث عن التّجربة الأولى وهي تنظيم الأبرشيّة والرّعايا: "يشكّل هذا الأمر عودة إلى النّظر إلى أنفسنا وإلى داخلنا. ربّما نكون قد نظّمنا كلَّ شيء ولكن هذا الأمر يعني إخضاع قلوب النّاس والشّباب وإخضاع العائلات وستكون عندها الخطيئة الأعظم لأنّها خطيئة روح العالم. إنّ الأمر لا يتعلّق بالتّنظيم وبالتّالي لا يجب أن نخاف من عدم التّناسق أو عدم التّوازن، لأنّ هذا ما يقوله لنا الرّبّ. أنظروا مثلاً إلى التّطويبات هي تستحقّ جائزة نوبل لعدم التّوازن. نتذكّر كيف غضب الرّسل عندما مال النّهار وكان النّاس لا يزالون يستمعون على يسوع فطلبوا منه أن يرسلهم إلى بيوتهم، وهذه هي تجربة عدم التّوازن، وأعتقد أنّ هناك بدأت تجربة الإكليروسيّة: ليذهبوا... فيكون عندنا هكذا أبرشيّة نظاميّة وعمليّة. صحيح نحن ننظّم لقاءات كثيرة ولكن لا يجب أن ننسى أنّه لكي يكون هناك سينودس نحن بحاجة للرّوح القدس الّذي يأتي ويقلب المعايير.

ماذا يطلب النّاس من الرّبّ؟ غالبًا ما لا نسمع الأشخاص نحن أيضًا لأنّنا توقّفنا عن الإصغاء بالقلب فنصبح هكذا أصمّاء على صرخة المدينة". في هذا السّياق، حثّ البابا المؤمنين على قراءة كلمته الّتي وجّهها للمشاركين في المؤتمر الكنسيّ في فلورنسا في العاشر من تشرين الثّاني/ نوفمبر 2015، "والّتي مع الإرشاد الرّسوليّ فرح الإنجيل تعبّر عن مخطّط الكنيسة لروما ولإيطاليا بأسرها". وقال: "هناك عنصران ينبغي علينا أن ننطلق منهما مجدّدًا وأوّلهما التّواضع، لأنّه عندما يريد الرّبّ أن يحوّل كنيسته يأخذ الأصغر ويضعه في الوسط ويدعو الجميع ليصبحوا بدورهم صغارًا ويتواضعوا على مثاله. إنّ إصلاح الكنيسة يبدأ بالتّواضع وينمو مع الإهانات. هكذا يحبط الرّبّ كلّ طموح عظمة قد يسيطر علينا، لأنّه وحده الّذي يتبع يسوع ويصبح كالطّفل بإمكانه أن يساهم في ملكوت الله، أمّا الّذي يبحث عن مجده الخاصّ فلن يتمكّن من التّعرّف على يسوع في الصّغار لأنّه لا يملك آذانًا ولا عيونًا للآخرين. فالويل لمن يحتقر أو يزدري الصّغار، حتّى عندما تكون تصرّفاتهم بعيدة عن الإنجيل لأنّه لا يوجد شيء يمكنه أن يبرّر احتقارنا لهم.

أمّا العنصر الثّاني فهو اللّامبالاة، وتساءل في هذا السّياق هل لدينا مصالح شخصيّة نحن الحاضرين هنا في هذا المساء؟ على سبيل المثال هل يقلقنا مستقبل معهدنا أو إجماع الرّأي الاجتماعيّ، أو ما سيقوله النّاس عنّا؟ هل نحن متعلّقون بالسّلطة الّتي نمارسها على الأشخاص في حيِّنا؟ إنَّ الرّوح القدس لا يفهم التّوازن. إنَّ اللّامبالاة وعدم الاهتمام بأمورنا وبذواتنا هو الشّرط الضّروريّ للاهتمام بالآخرين والإصغاء إليهم فعلاً. إنَّ الرّاعي الصّالح يترك التّسعة والتّسعين خروفًا ليذهب بحثًا عن الخروف الضّائع، أمّا نحن فغالبًا ما نكون مهووسين بالقليلين الّذين بقوا في الحظيرة ونقضي وقتنا في تمشيط صوفها. ليعطّنا الرّبّ شجاعة من لا مصالح له وينظر بمحبّة إلى حياة الآخرين.

إنّ التّطويبات الّتي تشكّل رسالة مسيحيّة وإنّما إنسانيّة أيضًا، تجعلنا نعيش ونسير قدمًا، واختبارها يعني أنّنا تعلّمنا أين تكون الحياة الحقيقيّة، لأنّ التّطويبات تجرّدنا وتجعلنا خفيفين في اتّباع يسوع الّذي يطلب منّا ألّا نكون حجر عثرة للصّغار. كذلك يمكننا أن نقدّم درب التّطويبات للأشخاص الضّعفاء لأنّنا قد اختبرناها أيّ لأنّنا اختبرنا الفرح والرّحمة وحياة العائلة حيث يتمُّ قبولنا بما نحن عليه. هناك كلمتان بدأتا بالانقراض: الوداعة والحنان، إنّ التّطويبات لم تصبح بعد نقطة قوّتنا ولكن علينا أن نقدّم لمواطنينا نقطة قوّة الإنجيل، وبالتّالي لا يجب أن نقع في اللّامبالاة ولا حتّى في الادّعاء لكي لا نسمع كلمات يسوع: لست بحاجة لكم.

إنّ الإرشاد الرّسوليّ "إعلان الإنجيل" والإرشاد الرّسوليّ "فرح الإنجيل" هما الوثيقتان اللّتان ينبغي العودة إليهما".

وشدّد البابا على نقطتين تشكّلان الواجبين اللّذين يوكلهما إلى أبرشيّته: "الأوّل النّظر بشكل تأمُّليّ إلى الأشخاص الّذين يعيشون في المدينة لنفهم كيف يعيشون وبماذا يشعرون وبماذا يفكّرون فنجمع هكذا قصص حياة ونلمس الواقع الّذي يعيشونه. من ثمّ، وهذا الواجب الثّاني، النّظر بشكل تأمّليّ إلى الثّقافات الجديدة الّتي تعيش في المدن، لأنّ الأطر الحَضَريّة هي الّتي تنتج ثقافات جديدة في الخير كما في الشّرّ كالفساد والمخدّرات والاستغلال والتّمييز. تنبّهوا جدًّا من التّمييز الّذي بدأ ينمو في أوروبا ويزرع الخوف لأنّ هناك الكثير من الأمور الجميلة في المدن والعديد من اللّقاءات بين الأشخاص والمجموعات. وليبارك الرّبّ إصغائنا إلى المدينة."