الفاتيكان
09 أيار 2022, 06:30

البابا فرنسيس: أمام جنون الحرب، لنواصل صلاة مسبحة الورديّة يوميًّا من أجل السّلام

تيلي لوميار/ نورسات
الإصغاء والمعرفة والاتِّباع، ثلاثة أفعال تأمّل بها البابا فرنسيس ظهر الأحد، قبيل تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، منطلقًا من صورة الرّاعي الصّالح الّذي يقيم مع الخراف، وبعد الصّلاة، دعا إلى المواظبة على تلاوة صلاة مسبحة الورديّة يوميًّا من أجل السّلام.

وفي كلمته، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز":

"يحدِّثنا الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم عن العلاقة الموجودة بين الرّبّ وبين كلّ فرد منّا. ولكي يقوم بذلك، يستخدم يسوع صورة لطيفة وجميلة، صورة الرّاعي الّذي يقيم مع الخراف. ويشرحها بثلاثة أفعال ويقول: "إِنَّ خِرافي تُصْغي إِلى صَوتي وأَنا أَعرِفُها وهي تَتبَعُني". الإصغاء والمعرفة والاتِّباع لنرى هذه الأفعال الثّلاثة.

أوّلاً تُصغي الخراف إلى صوت الرّاعي. تأتي المبادرة دائمًا من الرّبّ؛ كلّ شيء يبدأ من نعمته: فهو الّذي يدعونا إلى الشّركة معه، لكن هذه الشّركة تولد إذا انفتحنا على الإصغاء. إنّ الإصغاء يعني الجهوزيّة، والطّاعة، وزمن مخصّص للحوار. واليوم تستحوذ علينا الكلمات والسّرعة في الاضطرار دائمًا إلى قول شيء ما أو فعل شيء ما. ما أصعب أن نصغي إلى أنفسنا! في العائلة، في المدرسة، في العمل، حتّى في الكنيسة! لكن بالنّسبة للرّبّ، من الضّروريّ أوّلاً أن نُصغي. إنّه كلمة الآب والمسيحيّ هو ابن الإصغاء المدعوّ لكي يعيش مع كلمة الله في متناول يده. لنسأل أنفسنا إذًا إذا كنّا أبناء الإصغاء، إذا كنّا نجد الوقت لكلمة الله، إذا كنّا نُعطي فُسحة واهتمامًا لإخوتنا وأخواتنا. إنّ الّذي يُصغي إلى الآخرين يصغي أيضًا إلى الرّبّ، والعكس صحيح. ويختبر شيئًا جميلًا جدًّا، وهو أنّ الرّبّ نفسه يصغي إليه: فهو يُصغي إلينا عندما نرفع الصّلاة إليه، وعندما نثق به وعندما ندعوه.

وهكذا يصبح الإصغاء إلى يسوع هو السّبيل لكي نكتشف أنّه يعرفنا. هذا هو الفعل الثّاني الّذي يميّز الرّاعي الصّالح: هو يعرف خرافه. لكن هذا لا يعني فقط أنّه يعرف الكثير عنّا: لا وإنّما هو يعرفنا بالمعنى البيبليّ أيّ يحبُّنا. أيّ أنّ الرّبّ فيما "يسبرنا من الدّاخل" هو يحبّنا. وإذا أصغينا إليه سنكتشف أنّ الرّبّ يحبّنا. وعندها لن تكون العلاقة معه غير شخصيّة أو باردة أو مجرّد واجهة. لأنَّ يسوع يبحث عن صداقة دافئة، وثقة، وعن علاقة حميمة. هو يريد أن يعطينا معرفة جديدة ورائعة: معرفة أنّه يحبّنا على الدّوام، وبالتّالي أنّنا لا نُترك وحدنا أبدًا. وبكوننا مع الرّاعي الصّالح، نحن نعيش الخبرة الّتي يتحدّث عنها المزمور: "إنّي ولو سرت في وادي الظّلمات لا أخاف سوءًا لأنّك معي". لاسيّما في الآلام والتّعب والأزمات، هو يعضدنا إذ يعبرها معنا، وهكذا، في المواقف الصّعبة تحديدًا، يمكننا أن نكتشف أنَّ الرّبّ يعرفنا ويُحبُّنا. لنسأل أنفسنا إذًا: هل أسمح للرّبّ أن يعرفني؟ هل أفسح له مكانًا في حياتي، هل أحمل له ما أعيشه؟ وبعد العديد من المرّات الّتي اختبرتُ فيها قربه وشفقته وحنانه، ما هي الفكرة الّتي أحملها عنه؟

ختامًا، الفعل الثّالث: الخراف الّتي تصغي وتكتشف أنَّ راعيها يعرفها تتبعه. وماذا يفعل من يتبع المسيح؟ يذهب حيث يذهب، على الطّريق عينه، في الاتّجاه عينه. يذهب بحثًا عن الضّالّين، ويهتمّ بالبعيدين، يأخذ على محمل الجدّ حالة الّذين يتألَّمون، يعرف كيف يبكي مع الباكين، ويمدّ يده للقريب ويحمله على كتفيه. وأنا؟ هل أسمح ليسوع أن يحبّني وأنتقل من هذه المحبّة لكي أحبّه وأقتدي به؟ لتساعدنا العذراء القدّيسة لكي نصغي إلى المسيح، ونعرفه أكثر فأكثر ونتبعه على درب الخدمة."

بعد تلاوة الصّلاة، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بالأمس في سان رامون (بيرو) تمّ تطويب ماريا أغوستينا ريفاس لوبيز، المعروفة باسم أغوشيتا، راهبة من رهبانيّة سيّدة المحبّة للرّاعي الصّالح، قُتلت بسبب إيمانها في عام 1990. هذه المرسلة البطوليّة، على الرّغم من أنّها كانت تعرف أنّها كانت تخاطر بحياتها، بقيت دائمًا قريبة من الفقراء، ولاسيّما من نساء الشّعوب الأصليّة والفلّاحات، تشهد لإنجيل العدالة والسّلام. ليولِّد مثالها في الجميع الرّغبة في خدمة المسيح بأمانة وشجاعة.

يحتفل اليوم باليوم العالميّ للصّلاة من أجل الدّعوات الّذي يحمل عنوان "مدعوّون لبناء العائلة البشريّة". في كلّ قارّة، تطلب الجماعات المسيحيّة من الرّبّ عطيّة الدّعوات للكهنوت والحياة المكرّسة والخيار الإرساليّ والزّواج. هذا هو اليوم الّذي نشعر فيه جميعًا، كمعمّدين، بأنّنا مدعوّين لاتّباع يسوع، ولنقول له نعم، ونقتدي به لكي نكتشف فرح بذل الحياة وخدمة الإنجيل بفرح وحماس. في هذا السّياق، أرغب في أن أتقدّم بأطيب التّمنّيات من الكهنة الجدد لأبرشيّة روما، الّذين نالوا السّيامة الكهنوتيّة صباح اليوم في بازيليك القدّيس يوحنّا اللّاتيران.

في هذه السّاعة بالذّات، يتجمّع العديد من المؤمنين حول صورة مريم المكرّمة في مزار بومبي، لكي يرفعوا لها الصّلاة الّتي انبعثت من قلب الطّوباويّ بارتولو لونغو. وإذ أجثو بشكل روحيٍّ أمام العذراء، أوكل إليها الرّغبة الشّديدة في السّلام للعديد من الشّعوب الّتي تعاني في أجزاء مختلفة من العالم مأساة الحرب الّتي لا معنى لها. وأقدّم للعذراء القدّيسة بشكل خاصّ آلام ودموع الشّعب الأوكرانيّ. أمام جنون الحرب، لنواصل من فضلكم صلاة مسبحة الورديّة يوميًّا من أجل السّلام. ولنصلِّ من أجل مسؤولي الأمم، لكي لا يفقدوا "حسَّ النّاس"، الّذين يريدون السّلام ويعرفون جيّدًا أنّ الأسلحة لا تحمله أبدًا.

كما نصلّي أيضًا من أجل ضحايا الانفجار الّذي وقع في فندق كبير في عاصمة كوبا هافانا. ليرشدهم المسيح القائم من بين الأموات إلى بيت الآب ويمنح العزّاء لعائلاتهم.

يُحتفل اليوم، في العديد من البلدان، بعيد الأمّ. لنتذكّر بمودّة أمّهاتنا، حتّى تلك اللّواتي لسنَ معنا هنا على الأرض ولكنهنَّ يعشنَ في قلوبنا. إلى جميع الأمّهات، نوجّه صلاتنا، ومودّتنا وأطيب الأمنيات."