البابا فرنسيس: أفكّر بـ"آيا صوفيا" وأشعر بألم كبير
هذا الكلام جاء في ختام التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، وفي أحد البحر، فحيّا "جميع الّذين يعملون في البحر ولاسيّما أولئك البعيدين عن أحبّائهم وبلدانهم"؛ خاصًّا بالذّكر "الّذين اجتمعوا صباح الأحد في مرفأ شيفيتافيكيا– تركوينيا للاحتفال بالإفخارستيّا".
وكان الأب الأقدس، وقبل صلاة التّبشير، قد توجّه إلى المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس بكلمة، قال فيها نقلاً عن "فاتيكان نيوز": "في إنجيل هذا الأحد يخبر يسوع جمعًا كبيرًا مثل الزّارع الّذي يرمي البذار على أربعة أنواع من الأرض. إنّ كلمة الله، الّتي يُرمز إليها بالبذار، ليست كلمة مجرّدة بل هي المسيح نفسه، كلمة الآب الّذي تجسّد في حشا مريم، ولذلك فقبول كلمة الله يعني قبول شخص المسيح.
هناك أساليب عديدة لقبول كلمة الله. يمكننا أن نقبلها كالطّريق حيث تأتي الطّيور فورًا وتأكل البذار. إنّه التّلهّي خطر كبير في زمننا. إذ تخنقنا الثّرثرة والعديد من الإيديولوجيّات والإمكانيّات المستمرّة للتّلهّي داخل البيت وخارجه، يمكننا أن نفقد لذّة الصّمت والاختلاء والحوار مع الرّبّ لدرجة أنّنا قد نخاطر بفقدان الإيمان. أو يمكننا أن نقبل كلمة الله كأرض حجِرة، ليس فيها تراب كثير. هناك ستنبتُ البذرة بسرعة ولكنّها سرعان ما ستيبس لأنّها لم تتمكّن من أن تتجذّر في العمق. إنّها صورة الحماس المؤقّت الّذي يبقى سطحيًّا، ولا يقبل كلمة الله. وهكذا وأمام أوّل صعوبة أو أمام ألم ما أو اضطراب في الحياة ينحلُّ ذلك الإيمان الّذي لا يزال ضعيفًا، كما يبست البذرة الّتي وقعت بين الصّخور.
يمكننا أيضًا أن نقبل كلمة الله كأرض تنمو فيها الأشواك، والأشواك هي خداع الغنى والنّجاح والاهتمامات الدّنيويّة... هناك تُخنق الكلمة ولا تخرج ثمرًا. في الختام يمكننا أن نقبل كلمة الله كأرضٍ طيّبة؛ هنا وهنا فقط تتجذّر البذرة وتُثمر. إنّ البذرة الّتي وقعت على هذه الأرض الخصبة تمثّل الّذين يسمعون الكلمة ويقبلونها ويحفظونها في قلوبهم ويعيشونها في حياتهم اليوميّة.
يشكّل مثل الزارع نوعًا ما "أمّ" جميع الأمثال لأنّه يتحدّث عن الإصغاء لكلمة الله. ويذكّرنا أنّ كلمة الله بذاتها هي خصبة وفعّالة والله ينشرها في كلِّ مكان بسخاء بدون أن يهتمَّ بالإسراف والتّبذير. هكذا هو قلب الله! كلُّ فرد منّا هو أرض تقع عليها بذرة الكلمة ولا أحد يُستثنى من ذلك! وبالتّالي يمكننا أن نسأل أنفسنا: أيّ نوع من الأرض أنا؟ هل أشبه الطّريق أم الأرض الحجِرة أم الأشواك؟ لكن إن أردنا يمكننا أن نصبح أرضًا طيّبة تُحرث وتُزرع بعناية لكي تُنضج بذرة الكلمة. فهي حاضرة في قلوبنا ولكن لكي تُثمر هذا أمر يعتمد علينا وعلى القبول الّذي نحفظه لهذه البذرة. غالبًا ما تُلهينا مصالح عديدة وانشغالات عديدة ويصعب علينا أن نميّز بين العديد من الأصوات والكلمات، كلمة الرّبّ الوحيدة القادرة على أن تُحرّرنا.
لتساعدنا العذراء مريم المثال الكامل للأرض الطّيّبة والخصبة، بواسطة صلاتها لكي نصبح أرضًا جاهزة بدون أشواك وحجارة لكي نحمل ثمارًا صالحة لنا ولإخوتنا".