الفاتيكان
16 كانون الأول 2020, 12:50

إليكم الصّلاة الّتي يدعو البابا فرنسيس إلى تلاوتها!

تيلي لوميار/ نورسات
"يا ربّ، ما من أَحَد مِنَ الأَحْياءَ يتبرّر أَمامَكَ، جميعنا خطأة ولدينا مسائل عالقة وما من أحد مُنَزّهٌ عَنِ الخَطَأ في عينيك. إرحمنا يا ربّ!"، هذه الصّلاة علّمها البابا فرنسيس اليوم للمؤمنين خلال المقابلة العامّة الّتي أجراها ظهرًا في مكتبة القصر الرّسوليّ، وقد قال خلالها بحسب "فاتيكان نيوز":

"إنَّ الذي يصلّي لا يترك العالم وراءه أبدًا. إذا لم تجمع الصّلاة أفراح وأحزان وآمال ومخاوف البشريّة، فإنّها تصبح نشاطًا "زخرفيًّا"، وموقفًا سطحيًّا. نحتاج جميعًا إلى حياة داخليّة: أيّ أن ننسحب إلى مكان وزمان مخصّصين لعلاقتنا مع الله، لكنّ هذا الأمر لا يعني الهروب من الواقع. في الصّلاة، "يأخذنا الله ويباركنا، ثمّ يكسرنا ويعطينا"، من أجل جوع الجميع. كلّ مسيحيّ مدعوّ لكي يصبح في يد الله خبزًا مكسورًا ومتقاسمًا. أيّ صلاة ملموسة.

هكذا يسعى رجال ونساء الصّلاة إلى العزلة والصّمت، لا لكي لا يزعجهم أحد، وإنّما لكي يسمعوا صوت الله بشكل أفضل. ينسحبون أحيانًا من العالم، في سرّ غرفتهم، كما يوصي يسوع، ولكن، أينما كانوا، يحافظون دائمًا على أبواب قلوبهم مشرّعة: أبواب مفتوحة للّذين يصلُّون دون أن يعرفوا أنّهم يصلُّون؛ وللّذين لا يصلّون على الإطلاق ولكنّهم يحملون في داخلهم صرخة مكتومة، وصلاة خفيّة؛ وللّذين أخطأوا وضلّوا طريقهم... يمكن لأيّ شخص أن يطرق على باب المصلّي وأن يجد فيه أو فيها قلبًا رحيمًا يصلّي دون أن يستثني أحدًا. الصّلاة هي قلبنا وصوتنا وتصبح قلب وصوت العديد من الأشخاص الّذين لا يعرفون كيف يصلّون أو لا يريدون أن يصلّوا: نحن قلب هؤلاء الأشخاص وصوتهم الّذي يرتفع إلى الآب كشفعاء.

في العزلة ننفصل عن كلّ شيء وكلّ شخص لكي نكتشف مجدّدًا كلّ شيء وكلّ شخص في الله. هكذا يصلّي الشّخص الّذي يصلّي من أجل العالم كلّه ويحمل الآلام والخطايا على كتفيه. يصلّي من أجل الجميع ومن أجل كلِّ فرد: وكأنّه "هوائيّ" الله في هذا العالم. في كلّ فقير يقرع على الباب، في كلّ شخص فقد معنى الأمور، يرى من يصلّي وجه المسيح. يكتب التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة: "الشّفاعة، أيّ الطلب من أجل الآخر... من خاصّة قلب مطابق لرحمة الله. في زمن الكنيسة تشارك الشّفاعة المسيحيّة في شفاعة المسيح: إنّها التّعبير عن شركة القدّيسين"(عدد 2635).

إنّ الإنسان ببساطة هو في قلب ومحور الصّلاة. وبالتّالي فالّذي لا يحبّ أخاه لا يصلّي بجدّيّة. وفي الكنيسة، من يعرف حزن أو فرح الآخر يتعمَّق أكثر من الّذين يبحثون عن "الأنظمة القصوى". لهذا السّبب هناك خبرة لما هو بشريّ في كلّ صلاة، لأنّه مهما ارتكب الأشخاص من أخطاء، لا ينبغي أن يتمَّ أبدًا رفضهم أو تهميشهم. عندما يصلّي المؤمن، يحرّكه الرّوح القدس، من أجل الخطأة، هو لا يختار، ولا يصدر أحكام دينونة: هو يصلّي من أجل الجميع. ويصلّي أيضًا من أجل نفسه. وفي تلك اللّحظة هو يعرف أنّه لا يختلف كثيرًا عن الأشخاص الّذين يصلّي من أجلهم. إنّ الدّرس من مثل الفرّيسيّ والعشّار هو حيٌّ وآنيٌّ على الدّوام: نحن لسنا أفضل من أيّ شخص آخر، جميعنا إخوة تجمعنا الهشاشة والآلام وكوننا خطأة. لذلك فالصّلاة الّتي يمكننا أن نوجّهها إلى الله هي التّالية: "يا ربّ، ما من أَحَد مِنَ الأَحْياءَ يتبرّر أَمامَكَ، جميعنا خطأة ولدينا مسائل عالقة وما من أحد مُنَزّهٌ عَنِ الخَطَأ في عينيك. إرحمنا يا ربّ!".

إنَّ العالم يسير قدمًا بفضل هذه السّلسلة من المصلّين الّذين يشفعون والّذين هم في الغالب مجهولو الهويّة... ولكن ليس بالنّسبة لله! هناك العديد من المسيحيّين غير المعروفين الّذين عرفوا في زمن الاضطهاد كيف يردّدون كلمات ربّنا: "يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون". إنَّ الرّاعي الصّالح يبقى أمينًا حتّى أمام التّأكّد من خطيئة شعبه: يستمرّ في كونه أبًا حتّى عندما يبتعد عنه أبناؤه ويتخلّون عنه. هو يثابر في خدمة الرّاعي حتّى تجاه الّذين يطلبون منه جهدًا وتضحية كبيرين؛ ولا يغلق قلبه على الّذين ربّما جعلوه يتألّم.

إنَّ رسالة الكنيسة، بجميع أعضائها، هي ممارسة صلاة الشّفاعة. وبشكل خاصّ هي واجب أيّ شخص يتمّ تكليفه بدور مسؤوليّة: الآباء والمعلّمون والكهنة ورؤساء الجماعات ... وعلى مثال إبراهيم وموسى، عليهم أحيانًا "أن يدافعوا" أمام الله عن الأشخاص الموكلين إليهم. في الواقع، يتعلّق الأمر بالنّظر إليهم بعيني الله وقلبه، بحنانه وشفقته الّتي لا تُقهر.

أيّها الإخوة والأخوات نحن جميعًا أوراق للشّجرة عينها: كلّ انفصال يذكّرنا بالتّقوى العظيمة الّتي علينا أن نغذّيها في الصّلاة من أجل بعضنا لبعض. لنصلِّ من أجل بعضنا البعض وهذا الأمر سيفيدنا وسيفيد الجميع."