إطلاق الإستراتيجية الوطنية المحدّثة للحد من مخاطر حرائق الغابات في لبنان
وتهدف الاستراتيجية إلى التقليص من خطر اندلاع المتكرر لحرائق الغابات وحدّتها بالتزامن مع تفعيل أنظمة للحرائق ذات استدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية. وتشدد على مبدأ الوقاية من الحرائق قبل حدوثها من خلال تنفيذ خطط وإجراءات محلية إضافة إلى مبدأ التوعية للمواطنين والشراكة والتعاون بين مختلف الجهات المحلية والرسمية والأمنية والقطاع الخاص والقطاع الأكاديمي.
وشارك في المؤتمر وزيرا البيئة والزراعة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين وعباس الحاج حسن، رئيس لجنة البيئة النيابية النائب غياث يزبك، مدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ميلاني هاونشتاين، الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية تمارا الزين، رئيسة جمعية الثروة الحرجية والتنمية سناء عبد اللطيف ومديرة الجمعية سوسن بو فخر الدين، رئيسة جمعية التحريج في لبنان مايا نعمة ومدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في جامعة البلمند جورج متري وعدد من الخبراء والمسؤولين.
بو فخر الدين
وشرحت مديرة جمعية الثروة الحرجية والتنمية سوسن بو فخر الدين "دور البلديات في الوقاية من خطر الحرائق من خلال "تقشيش" جوانب الطرقات بشكل تام على مسافة لا تقل عن 4 أمتار وتعيين شخصين على الأقل في كل بلدة لمراقبة المواقع الحرجية الحساسة التي قد تبدأ الحرائق منها، وتوزيع تعاميم على أهالي البلدة لتقشيش محيط أراضيهم الزراعية ومسكنهم القريبة من الأحراج وتجميع الأعشاب اليابسة في أماكن بعيدة والامتناع عن إشعالها، ومراقبة شرطة البلدية للمخالفات واتخاذ تدابير جدية بحق المخالفين بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي ومراكز الأحراج التابعة لوزارة الزراعة، وتخصيص أماكن محددة في المواقع الطبيعية التي يقصدها الناس خلال عطل نهاية الأسبوع لإضرام نار الشواء وتسيير دوريات من شرطة البلدية إلى هذه المواقع وخاصة أيام العطل لمراقبتها وإعطاء التعليمات المناسبة للمتنزهين".
أما رئيسة جمعية الثروة الحرجية والتنمية AFDC سناء عبد اللطيف فركّزت "على حماية النظم البيئية الحرجية المهمة في لبنان والحفاظ عليها لصالح الأجيال الحالية والمقبلة من مختلف التعديات لاسيما حرائق الغابات". وقالت "في حين نتفهم بعمق القيمة البيئية والاجتماعية والاقتصادية الهائلة التي تمتلكها الغابات لأمتنا، فهي توفّر موطنًا لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات، وتساهم في مواجهة تغير المناخ، وتدعم سبل العيش المحلية". ورأت "أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية المحدّثة للحد من حرائق الغابات اليوم يمثّل علامة بارزة بعد تطوير النسخة الأولى في عام 2009، وهي شهادة على روح التعاون لدينا والخبرات المتراكمة لدى الشركاء كافة، بما في ذلك وزارة البيئة ووزارة الزراعة وزارة الداخلية والبلديات والدفاع المدني ووحدة إدارة مخاطر الكوارث وغيرها. حيث تم وضع هذه الإستراتيجية لتوجيه العمل والتأكد من استعداد كافة الأفرقاء للحد من تأثير حرائق الغابات وتعزيز الإدارة المستدامة للغابات في لبنان".
هاونشتاين
وتكلمت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بيروت ميلاني هاونشتاين معربة عن سرورها بإطلاق استراتيجية محدثة لإدارة حرائق الغابات وأن يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كشريك رئيسي في هذا المسعى". وأوضحت أنه "وفقًا للمجلس الوطني للبحوث العلمية، في السنوات الخمس الماضية، تم تسجيل حوالي 14،460 حريقًا في الغابات مما أدى إلى فقدان آلاف الهكتارات من الغطاء الحرجي بمتوسط سنوي يبلغ 167 حريقًا يؤثر في الغالب على الموارد البيئية والاقتصاد". وقالت "الشيء الجيد هو أنه إذا تم اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، فيمكن إطفاء الحرائق بل ومنعها. ولقد انخفضت الحرائق المسجلة بالفعل بنسبة 50٪ تقريبًا في عام 2021 ، بفضل جهود وزارة البيئة وشركاء آخرين. ومع ذلك، لا يزال الرقم مرتفعًا للغاية حيث تم تسجيل 1531 حريقًا في عام 2022. لذلك، يظل التأهب والتخفيف والوقاية من العوامل الرئيسية".
وأضافت: "حرائق الغابات ليست فقط مصدر قلق بيئي، ولكن تأثيرها محسوس أيضًا في العديد من القطاعات الأخرى. وأشارت إلى "أن برنامج الأمم المتحدة قام بتجهيز غرف العمليات المخصصة في 8 محافظات لبنان بالأدوات والإمدادات اللازمة لضمان عملها بشكل صحيح عند حدوث حرائق الغابات والأزمات الأخرى. ودعمنا إنشاء فرق المستجيبين الأوائل المدربة خصيصًا للتعامل مع حرائق الغابات وقمنا بتجهيزهم بالأدوات والمعدات اللازمة في جميع أنحاء البلاد. وبالأمس كنت في جزين مع سفير المملكة المتحدة ووزير الشؤون الاجتماعية والمدير العام للدفاع المدني لافتتاح منشأة دفاع مدني على أحدث طراز. هذا لا يحمي فقط غابات الصنوبر الجميلة في جزين، وهي الأكبر في الشرق الأوسط. كما تفيد بشكل مباشر 300 أسرة لبنانية تمتلك أشجار الصنوبر، و 40 مزارعًا وعائلاتهم يستثمرون في جمع ومعالجة الصنوبر، و 120 عاملًا للصنوبر، و 65 من موظفي الدفاع المدني والمتطوعين".
خطار
وألقى المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار كلمة جاء فيها: "نلتقي اليوم في حفل إطلاق "الإستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر حرائق الغابات في لبنان" بعدما تزايدت في الآونة الأخيرة حرائق الغابات بنطاق أوسع وضراوة أشدّ، وطرحت المزيد من التساؤلات حول الأسباب المحتملة، اذ يرى البعض إن موجات الطقس المتقلّب بسرعة قد يجعل الظروف مؤاتية لاشتعال حرائق الغابات، ويرى آخرون أن التغيّر المتسارع في المناخ يجعل الغطاء النباتي أكثر قابلية للاشتعال والتربة أكثر جفافًا، ما يزيد من احتمال نشوب تلك الحرائق، لكن ذلك لا يمنعنا من الإشارة إلى احتمال إضافي دلّت مؤشرات متكرّرة على الإفتعال المتعمّد للحرائق وهذا ما بات يُعرف بحرائق "الغايات" وراء حرائق "الغابات".
وأضاف خطار: "مهما يكن من أمر، فان هذا المؤتمر يتّسم بطابع الأهمية لأن فعالياته ستتركّز على كيفية العمل على تطبيق بنود النسخة المحدّثة للإستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر حرائق الغابات، وحشد الطاقات ووضع الإمكانيات المتوفرة وطنيًا لنشر ثقافة التوعية لدى المواطنين والمقيمين، وتحذيرهم من الكوارث البيئية التي تنجم عن إضرام النار في الأعشاب اليابسة لأي سبب كان، ومناقشة الخطوات الكفيلة بتعزيز الجهوزية لمواجهة الحرائق والإستجابة الفورية عند نشوبها من جهة، وإنضاج سلسلة إجراءات للتعويض عما خسرته العديد من البلدات اللبنانية من مساحات خضراء بسبب النيران التي قضت على ما تحويه من غنى وتنوع طبيعي".
وتابع: "تعلمون ولا شك أن الدفاع المدني يعاني نقصًا هائلاً في العتاد والتجهيزات الضرورية لأداء مهامه المحفوفة بمعظمها بالمخاطر، وزاد في الطينِ بلّة، تفاقم الأزمات النقدية والاقتصادية التي كادت تشلّ عمل هذا الجهاز الحيوي لولا الروح الوطنية والمناقبية العالية التي يتمتع بها أبطال الدفاع المدني موظفين ومتطوعين ينتشرون على جميع الأراضي اللبنانية، والذين قرّروا المثابرة على القيام بالواجب ولو باللحم الحي لنجدة مواطن مهدّد في سلامته، أم لإنقاذ ثروة وطنية مهددة بالتلف ما جعلهم في حالة استنفار ترفع الجهوزية إلى حدّها الأقصى حين يرتفع مؤشر خطر الحرائق وفقًا لنشرة احتمال اندلاع حرائق الغابات التي تصدر يوميًّا عن المديرية العامة للدفاع المدني والتي تشير إلى المناطق الأكثر عرضة للحرائق، فاستحقوا بذلك تقدير الجميع أفرادًا وجماعات، داخل لبنان وخارجه".
وختم خطار: "يقتضيني الواجب أن أتوجّه بخالص الشكر والتحية إلى الجيش اللبناني، قيادة وضباطًا وأفرادًا ولا سيما في القوات الجوية لمؤزارتنا في إطفاء النيران التي تمتد في الأحراج ذات الطرق الوعرة أو تلك التي يتعذّر الوصول اليها. ولا بدّ هنا من مناشدة رؤساء وأعضاء المجالس البلدية تكرارًا للتعاون مع الدفاع المدني لتدارك أخطار حرائق الغابات ومعالجتها من خلال تشييد خزانات مياه أو برك طبيعية لتغذية آليات الإطفاء عند الحاجة، وتأمين المسالك داخل الغابات لعبور الآليات ومراقبة الأماكن الحرجية. وختامًا، آمل أن تؤتي الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر حرائق الغابات التي تُطلق اليوم ثمارها في صياغةِ حلولٍ مستدامة لوقف النزف في ثروتنا الحرجية داعيًا لكم بالنجاح".
وزير الزراعة
وكانت في المؤتمر مداخلة لوزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن تحدث فيها "عن ورشة تحديث قانون الغابات والتعاون مع مجلس النواب وأهمية التشبيك والتعاون بين الوزارات والجمعيات والهيئات المانحة"، وشدّد "على ضرورة التركيز على تطبيق الاستراتيجية عبر تشكيل لجنة برعاية رئيس مجلس الوزراء تضم المعنيين من القطاعين العام والخاص لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية"، ولفت "إلى أهمية وقف الهدر وتأمين الموارد لحماية قطاع الغابات الحيوي والهام للبنان".
بدورها، كانت مداخلة للأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية تمارا الزين نوّهت فيها "بالوصول إلى خواتيم النسخة المحدثة للاستراتيجية والتي تأتي نتيجة لتضافر جهود تشاركية من كل المعنيين الذين أدركوا باكرًا التحديات التي تمثلها حرائق الغابات في بلدنا وأدركوا أيضًا أن هكذا تحديات تستوجب أقصى درجات التعاون بين مؤسسات الدولة والمجتمع المحلي والدولي". وقالت :"نعمل من خلال برامجنا على تسليط الضوء على ضرورة إعادة الاعتبار للرأي العلمي في صياغة السياسات العامة ومسار التنمية بعدما لاحظنا في السنوات الأخيرة تقهقرًا واضحًا لثقة المواطن بما يقوله العلم وميلاً واضحًا لتفضيل المشعوذين ودجالين الصدفة على العلميين والباحثين ذوي المصداقية". وأضافت :"إسمحوا لي أن أوجّه شكرًا خاصًا للخبراء المشاركين في تحديث الاستراتيجية: السيدة سوسن بو فخر الدين، الزميل شادي عبدالله من المجلس، الدكتور جورج متري، الدكتور شادي مهنا، والقاضية رولا عاكوم، والشكر موصول طبعًا إلى وزارتي الزراعة والبيئة ووحدة إدارة مخاطر الكوارث وجمعية الثروة الحرجية والتنمية".
ياسين
وقال وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور ناصر ياسين :"ليس قليلاً أن نخفّض المساحات المحروقة من الغابات والأحراج بـ 91 % العام الماضي. ليس قليلاً في ظروف مالية وإدارية وسياسية غير مساعِدة لكنها حصلت.وقد يقول البعض لربما أحوال الطقس ساعدت، ربما. ولكن دراساتنا لأحوال الطقس تظهر أننا مررنا بنفس الظروف المناخية في السنوات السابقة ولم نفلح. فالمناخ العام الماضي وإن أتى عكس تيار الانهيارات الحاصلة له أسبابه:
أولاً: إحتضان محلي من أصدق الناس الغيورين على مناطقهم وبيئتهم وصحة أبنائهم وبناتهم. فهذه اللامركزية الحقيقية التي عملنا على تعزيزها عبر مجموعات مناطقية للرصد والحد من مخاطر الحرائق ونشر الوعي جعلت الناس أقرب إلى بيئتهم. وسنكمل تشكيل المجموعات في كل المناطق الـ 15 الأكثر تعرّضًا لخطر حرائق الغابات في لبنان ومأسستها بالتعاون مع البلديات والدفاع المدني ومراكز الأحراج ولجان المحميات والكشّاف والجمعيات البيئية والمؤسسات الريفية.
ثانيًا: الإنذار المبكر واستخدام العِلم والبيانات العلمية والأهم جعلها متاحة للجميع عبر وسائل التواصل والإعلام، جعلتنا نستشرف المخاطر ونبلّغ المناطق الأكثر خطرًا، وهذا كله بالتعاون مع خيرة العلماء في المجلس الوطني للبحوث العلمية وجامعة البلمند والباحثين الآخرين. وكذلك دعم الإعلام والإعلاميين الذين لم يترددوا في نشر المعلومات ونقل الأخبار وتغطيتها، على أمل المزيد هذا العام.
ثالثًا: التدخل السريع والاستجابة المبكرة كل في منطقته حيث وضعنا مؤشرًا أساسيًّا لقياس الأداء (KPI) يكون مستهدفه أقل من 20 دقيقة للتدخل. وهنا لا كلمات تكفي لشكر متطوعي الدفاع المدني وفِرق المستجيب الأول في كل المناطق الذين يصلون باللحم الحي في عكار والضنية وتنورين والمتن والمتن الأعلى وعاليه والشوف وإقليم الخروب وإقليم التفاح وجزين وصور وحاصبيا والبقاع الغربي وبعلبك وكل المناطق. وكذلك الدعم غير المنقطع للجيش والقوات الجوية الذين لا يترددوا بالمشاركة وأحيانًا في ظروف طيران صعبة في إطفاء الحرائق".
وأضاف وزير البيئة: "هذا ما قمنا به وهذا ما نسعى إلى مأسسته اليوم عبر هذه الاستراتيجية المحدثة التي تغطي الجوانب كافة وبالتعاون مع الإدارات المعنية كل بدوره وحسب مهامه ووظيفته. تبقى العبرة في التنفيذ، وأعلن اليوم أننا في صدد إطلاق صندوق طوارىء لدعم جهود إطفاء الحرائق نعمل على وضع قانونه وطرق إدارته مع البنك الدولي. وكذلك وضعنا مشروعًا بقيمة 4.5 مليون دولار كهبة من مرفق البيئة العالمي لدعم جهود المجتمعات المحلية ومجموعات المناطق وتعزيز إمكاناتها وجهوزيتها للحد من مخاطر الحرائق وإطفائها".
وختم ياسين: "قلت سابقًا "ليس الاحباط قدرًا ولا الاستسلام مآلاً، بل سنعمل مع الناس الصادقين الغيورين على أرضهم للحفاظ عليها وإدارتها بشكل أفضل واستدامتهما للأجيال المقبلة".
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام