بيئة
01 أيلول 2016, 10:21

أين لبنان.. نشيد الأناشيد؟

لبنان، يا أخضر حلو عتلال، يا حكاية الأرز وحنين البال..." أين هذا الـ"لبنان" الذي تغنّى به الكتاب المقدس وفيروز وغيرهم..؟ أين المساحات الخضراء والغابات الغنية والكثيفة التي كانت تغطي القسم الأكبر منه والتي كانت مصدر رزق واستغلال من قبل كل الشعوب التي عاشت فيه على مرّ العصور؟

 

في اليوم العالمي للعناية بالخليقة ، هل ندرك خطورة ما حصل من استغلال عشوائي للثروة الحرجية في لبنان، لا سيما خلال النصف الثاني من القرن الماضي، الأمر الذي أدّى إلى تقلّص المساحات الخضراء بحيث أنها لم تعد تغطّي سوى 13% من مساحته الإجمالية؟
وعلى الرغم من العمل الدؤوب الذي تقوم به الجمعيات البيئية إلاّ أن المشكلة لم تحلّ، لا بل تفاقمت وصولاً إلى التصحّر الذي بدأت تتأثّر به بعض المناطق اللبنانية بالتزامن مع التغيير المناخي الذي يشهده هذا البلد الصغير، لا سيما عاصمته التي لا تتجاوز فيها المساحات الخضراء الـ3%، وإذا استثنينا حرش بيروت فإن النسبة لا تتجاوز الـ1%.
من المعروف أنّ لبنان كان من أوائل من وقّع على اتفاقية التغيّر المناخي في الأمم المتحدة عام 1995، لكن  للأسف لم يستطع، على الرغم من حملات التشجير، الحؤول دون وقوع مشكلة التصحّر التي نبّه إليها البيئيّون والناشطون في حملات حماية المساحات الخضراء التي تتآكلها كثافة الأبنية العشوائية وتجارة الحطب والأخشاب والكسارات ومعامل الإسمنت والحرائق، ناهيك عن القنابل والألغام الأرضيّة والغلوّ في استعمال المبيدات والأسمدة الكيماوية وغيرها أسباب لا مجال لحصرها .
أما بالنسبة إلى انجراف التربة فقد بات الخطر واضحاً، حيث تقدَّر الأراضي المهدَّدة بالانجراف بسبب الأمطار والسيول والرياح ونشاطات الانسان العشوائية والهجرة من الأرياف، بـ56% من مساحة لبنان . فتراجع نسبة إنتاجية التربة يفقدها قدرتها على دعم نموّ النباتات، ومع انحسار الغطاء النباتي تصبح الأرض عرضة للمزيد من التدهور. وتكتمل عملية التصحّر في ما يشبه حلقة مفرغة، إذ يتراجع مخزون المياه الجوفية بسبب قلة النباتات التي تمسك التربة لتؤمّن بالتالي حفظ المياه. كذلك يرتفع مستوى التلوّث في الهواء والمياه، ويمكن للأتربة التي تحملها
الرياح أن تفاقم المشاكل الصّحيّة لدى المرضى، خصوصاً المصابين بأمراض التّنفّس والحساسية. ولا ننسى تأثير أزمة النفايات على تلوّث الهواء والمياه الجوفية والثروة السمكية التي تزيد الطين بلّة .
لم يغب عن بال البابا فرنسيس كلّ ما يهدّد بيتنا المشترك، فنبّه في رسالته
التي خصّصها للعناية بهذا البيت الذي ندمّره بأيدينا إلى إيلاء اهتمام أكبر
بكوكبنا لأنّ النتائج الكارثية ستقع على سائر أطياف البشر لا سيما الفقراء
والمرضى .