"من منكم بلا خطيئة؟"
لم يكتفِ يسوع المسيح بهذه الكلمات المقدّسة وحسب، بل كثيرةٌ هي الآيات التي حثّ بها الإنسان على الابتعاد الكلّيّ عن الحكم على الآخرين، حكمًا باطلًا كان أو مسبقًا أو مؤكَّدًا.
ينبغي إذًا على الإنسان المسيحيّ المؤمن المتّبع تعاليم يسوع المسيح "ألّا يدين لكي لا يُدان"، فلا يتكلّم بالسّوء عن الآخرين ولا يقيّم أفعالهم ولا يستهزئ بتصرّفاتهم، ولا يرمي منازلهم بحجارة قد تهدم بيته هو يومًا ما، هذا البيت الزّجاجيّ اللّيّن.
يجدر أيضًا بالإنسان، الذي أغناه يسوع المسيح بالعقل والحكمة واللّسان، أن ينطق بما يُسكر الرّوح سلامًا، وما يحني القلب وداعةً، وما يغذّي النّفس خيرًا؛ وأن يرى النّاس والطّبيعة والأشياء بمُقلتين تشعّان تجدّدًا واهتمامًا وقبولًا.
يجب حتمًا أن يغفل الإنسان عن الذّمّ بعيب أخيه في الإنسانيّة لأنّه، وإيّاه، على مسافة بعيدة واحدة من البرّ الحقيقيّ والإيمان الكامل والخير المطلق، لأنّه عندما قال يسوع المسيح "من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، أدار من كان يصرخ بالإدانة وأشدّ العقاب ظهره بانحناء المذنب وخجل الخاطئ، ليبقى الكمال ليسوع المسيح وحده، والخطيئة وشمًا أكيدًا يُحفر في قلوب النّاس وعلى أجسادهم.
العدالة الأرضيّة قد لا تُعيد لصاحب الحقّ حقّه ولا تجازي الإنسان بحسب أعماله ولا تعاقبه على أفعاله الرّديئة، ولكنّ العدالة السّماويّة لا بدّ من أن تُنصف الجميع، فاترك يا إنسان الجزاء المحقّ لصاحب الحقّ يسوع المسيح واسعى في حياتك الأرضيّة إلى بناء جسد طاهر ونفس بريئة وروح خيّرة تقترب بها من الفردوس ومن الحياة الأبديّة إلى جانب القدّيسين.