دينيّة
12 حزيران 2024, 13:30

"مباركٌ هذا اللسان الذي سبّح الله"

تيلي لوميار/ نورسات
الأب أنطونيوس إبراهيم راعي الأقباط الكاثوليك في لبنان

 

إكرام القدّيسين يجعلنا نتمثّل بسيرتهم ونطلب شفاعتهم. هم، في حياتهم كلّها، في قربهم من الله، ومحبّتهم له، وتتميمهم مشيئته، والاجتهاد في تقديم الصورة الأبهى عنه (إنسانيًّا)، يكونون لنا مناراتٍ أمينةً تهدينا إلى من هو الطريق والحقّ والحياة.  

ولد أنطونيو يوم 15 آب/أغسطس سنة 1195 وبعد ثمانية أيّام من ولادته نال سرّ العماد باسم  فرناندو.

تربّى منذ طفولته على محبّة الخير وفعل الإحسان وقد لوحظ فرناندو منذ نشأته محبًّا لأفعال البِر والعبادة المقدّسة وكان يُكثر من زيارة الكنائس والأديرة ويرقّ قلبه للفقراء مع ما تزيّن به من فضائل.

في سنّ الخامسة عشر أي سنة 1210، أدرك أنّ ترك أمور العالم  لهو رأس الحكمة، فقرّر أن يلتحق برهبانيّة القانونيّين الأغسطينيّين فى دير يقع خارج ضواحي مدينة لشبونة ومن بعد صلاةٍ عميقة أعلن رغبته هذه لوالديه ملتمسًا موافقتهما وبركتهما، وقد وافقا بدموع الفرح، فمضى جذلًا إلى الدير وطلب الانضمام إلى الرهبانيّة، فوافق رئيس الدير على طلبه وارتدى الثوب الرهبانيّ فى شهر أغسطس سنة 1210.

إجتهد أنطونيو في المطالعة وتعلّم قوانين الرهبنة وعيش الفضائل. واختبره عدد من الرهبان فوجدوا أنّه أهل لنذر قانونهم، فأعلن نذره وقدّم حياته كلّها نفسًا وجسدًا لخدمة الله ومحبّته.

في سنة 1218 سيم كاهنًا وأقام في دير الصليب وهناك أجرى الله على يديه معجزة شفاء أحد الرهبان وكان مريضًا بداء عُضال بعد أن غطّاه بردائه. ومرّة أخرى انشق الجدران الفاصل بينه وبين مذبح الكنيسة، عند اقتراب الكلام الجوهريّ، وكان هو خارجًا، فخرّ جاثيًا وعاين الجسد الأقدس، قبل أن تعود الجدران إلى وضعها السابق، مع بقاء علامة تقاربها ذكرى للمعجزة.  

بالإضافة الى الكثير والكثير من الآيات والعجائب التي أجراها الله على يديه.

في تمّوز/يوليو سنة 1220، اتّخذ اسم أنطونيوس، وواظب على ممارسة الفضائل الرهبانيّة الطاعة والفقر والعفّة بالتوازي مع التواضع والبساطة والصبر، وكان صار في الرهبانيّة الفرنسيسكانيّة.  

رقد أنطونيوس في الربّ يوم الثلاثاء في 13 حزيران/يونيو سنة 1231 وهو في السادسة والثلاثين من عمره تقريبًا. أسلم الروح بعد مسيرة إيمانيّة ورهبانيّة حافلة بالإماتات والزهد والتعّفف الرهبانيّ بالإضافة إلى قوّة الكلمة التي خرجت من فيه مفسّرةً الكتاب المقدّس وقد منحه الله نعمة إجراء المعجزات الشفائيّة وارتداد الكثيرين إلى الإيمان لذا أراد البابا لاوون الثالث عشر أنّ كلّ يوم ثلاثاء هو مكرّس للصلاة والتضرّع إلى الله بشفاعة القدّيس أنطونيوس. ويبقى الثالث عشر من حزيران/يونيو يوم الاحتفال بعيد القدّيس البدوانيّ.

 

سنة 1263 بنيت كنيسة كبيرة في مدينة بادوفا، إليها تمّ نقل رفات القدّيس أنطونيوس في موكب واحتفالٍ مهيبين رافقتهما معجزات عديدة وقد حضر ذلك الاحتفال القدّيس بونافنتورا، وعندما فتحوا الصندوق وجدوا لسان القدّيس أنطونيوس غير متحلّلٍ، وهنا صاح بونافنتورا قائلًا: "مبارك هذا اللسان الذي طالما سبّح الله وجعل الآخرين يسبّحونه، والآن أصبح علامة أمام الله".  

من أبرز ما قاله القدّيس أنطونيوس:  

• إن أردت أن تملك كلّ شيء، إبذل نفسك بالكامل أمام الله.

• كُن مستعدًّا أن تتلقّى النعمة الإلهيّة كي تعيش إنسانيّتك بمعانيها كلّها.

• الأرض تُحرث وتُقسّم في فصل الربيع لتنتج ثمرًا وفيرًا في وقت الحصاد،هكذا جسد المسيح المتألّم والمقسّم من أجلنا جعلنا مستحقّين أن نحصد ملكوت السموات.

• نحتاج إلى سلام خارجيّ لنعيش مع الآخرين، وسلام داخليّ لنعيش مع أنفسنا، وسلام أبديّ لنعيش مع الله.

• لينمو حبّك في المعرفة والفهم (الإلهيّين) حتّى يمكنك التمييز بين الخير والشرّ.

صلاة القدّيس أنطونيوس وشفاعته تصحبنا جميعًا بنعمة الثالوث الأقدس وبركته