دينيّة
20 شباط 2017, 06:43

"قالَ إِبْرَاهِيم: يا ٱبْنِي، تَذَكَّرْ أَنَّكَ نِلْتَ خَيْراتِكَ في حَيَاتِكَ، وَلَعَازَرُ نَالَ البَلايَا. والآنَ هُوَ يَتَعَزَّى هُنَا، وأَنْتَ تَتَوَجَّع"

ذكّر ابراهيم الرّجل الغنيّ بالخيرات الأرضيّة وقال:"نلت الخيرات في حياتك" نتساءل نحن اليوم هل الخيرات الأرضيّة هي الّتي جعلت الرّجل الغنيّ يتنعّم؟ هل هذا هو طموح الإنسان العاقل الحامل هويّة الله في ذاته وصورته في داخله؟ هل يمكن أن يجد نعيمه بلبس الكتّان والأرجوان وبالولائم الفاخرة، هل يعقل أن يكون الله بادر لخلاص الإنسان بابنه الوحيد الّذي افتدى البشريّة بدمه، من أجل نعيمٍ يطمح إليه الإنسان بالمأكل والمشرب؟

حاشا! وليمة الحياة هي الّتي تجعل الإنسان في حالة نعيمٍ وفرح، وما الحياة إلّا حالة لقاءٍ مع الله نعيشها هنا وليس فقط بعد الممات، نعم! اللّقاء مع الذّات الحقيقيّة يكون من هنا وفي الحياة الّتي وهبت لنا بوفرة لنغرف فيها من فرح الّلقاء معه "هو" وهذا ما غاب عن ولائم الرّجل الغنيّ وعن تفكيره وعن قلبه، فقد جعل قلبه بعيداً عن ذاته الدّاخليّة الّتي إن بعدت عن الله بَعُد عنها كلّ سلام وكلّ طمأنينة، ونحن نعلم أنّ الفقير نال حياة النّعيم مع الله ليس لفقره في الملبس والمأكل إنّما لفقره الدّاخليّ الّذي جعله حاضراً لاستقبال غنى الله فتحقّق قول القدّيس الّذي اعترف أنّ الذات الحقيقيّة لن تستريح إلّا مع من دعاها للحياة معه وهو الله الخالق والمخلّص.