"تحدّي القدس" تفتتح لقاء ريميني بدعوة إلى السلام
"إذا فهمت شيئًا عن الوضع الحاليّ في القدس، فهذا يعني أنّهم شرحوه لك بشكل سيّء"، يقول إريك إيمانويل شميت معلّقًا على لوحة جداريّة شهيرة لبانكسي تصوّر حمامةَ سلام أصيبت برصاصة. "القدس مأساويّة"، كتب الكاتب المسرحيّ الفرنسيّ في كتابه المقتبَس في مسرحيّة من إخراج أوتيلو سينشي والتي عُرضت في يوم افتتاح لقاء الصداقة بين الشعوب في ريميني. القدس مأساوية، وأحداث الأشهر الماضية تجعل هذا البيان أكثر صدقًا.
يقدّم المسرح تشابك مشاهد مع مظهر صليب لا لبس فيه. على خلفية أكوام من الكتب المكلّسة المكسوّة بالطوب، بيضاء كهياكل عظميّة، يبرز السؤال "من أنت؟" من كوكبة من الأجزاء الحيّة النابضة، والتي تقدّم لمحات من الأرض المقدّسة تختلف من وقت إلى آخر: جدران، كتابة على الجدران، وجوه، شوارع، كنائس، أنقاض، شذرات من الموسيقى والأغاني. إنّها قصّةُ تحوّلٍ واهتداء. "من أنت؟ تحدّي القدس" ولد في قلب أكبر التناقضات، في خضمّ حقائق الحياة اليوميّة التي تبدو غير ذات صلة.
على خشبة المسرح الممثّل إيتوري باسّي، صوت المغنيّة السوريّة ميرنا قسّيس ورقصها ورشاقتها، إلى جانب عددٍ من الممثّلين المعروفين وفيديو مع إريك إيمانويل شميت نفسه، الذي يقرأ بعض المقتطفات من كتابه الخاصّ.
ولد العرض من سيرة المؤلّف الذاتيّة: إريك إيمانويل شميت، الكاتب الفرنسيّ الشهير، الملحد الذي اعتنق المسيحيّة. فقد تلقّى دعوة للانضمام إلى رحلة لمدّة شهر إلى الأرض المقدّسة. قَبِلَ الكاتب الدعوة واعتزم الاحتفاظ بمذكّرات لهذه التجربة، لشرحها لنفسه وللآخرين وإعطاء نفسه أسباب الأمل والفرح اللذين لم يشعر بهما من قبْل.
في رحلته تلك، صارت الأماكن واللقاءات، بين بيت لحم والناصرة والجليل والقدس، حوارًا مستمرًّا بين الشكوك والانفتاح على الإيمان.
والنتيجة هي كتاب ومسرحيّة غير عاديّة: قصّة تحوّلٍ من عدم الثقة الأوّليّ إلى اكتشاف جمال عدم الشعور بالوحدة أمام الإنجيل الخامس للأماكن التي لا تزال قادرة على الكلام بعد أكثر من ألفي عام.
"نظرته (يسوع المسيح)- يكتب الكاتب الفرنسيّ – "وقعت عليّ ولم أستطع محاربتها. إنّه يحدّق بي، ويغمرني بِشعاعه، ويستمع إليّ، ويمرّ من خلالي، ولا شيء عنّي يفلت منه، لكنّه في الوقت عينه يغلّفني بالإحسان".
في القدس، يُظهر الشرّ طبيعته الميتافيزيقيّة كلّها كلُغزٍ يتجاوز الإنسان، ويُظهر طبيعته غير المفهومة كَسرّ، في التاريخ كما في وجود كلّ إنسان".