دينيّة
17 كانون الأول 2017, 08:00

يوسف النّجار.. بصمت التجأ إلى المحبّة

غلوريا بو خليل
"في تأمل إنجيل البيان ليوسف نستشفّ الكثير من الأمور، متوقّفين عند بعض النّقاط: يوسف أمام أزمة عائليّة وجوديّة كبيرة، خطيبته حامل. أمام المجتمع إنّه لعار كبير، وبالنسبة للشّريعة إنّها مجرمة تستحقّ الرّجم. هو إنسان مجروح بالصّميم والخيانة دخلت بيته. فماذا يقول للمجتمع؟ أهو رجل ضعيف، أهو رجل تمرّ المياه من تحته ولا يعلم؟ نعم، إنّه أمام أزمة وله الحقّ بأن ينتقم بواسطة الشّريعة، فالقانون بين يديه وله كامل الحقّ. لكنّ يوسف لم يشأ أن يستعمل القانون ضدّ مَنْ أحبّها، لذلك أراد أن يطلّقها سرًّا." بهذه التساؤلات وهذه المشهديّة، بدأ الرّاهب الكرمليّ الأب ميشال عبّود حديثه الرّوحيّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ.

وأردف مظهرًا وجه يوسف البار الّذي "التجأ إلى المحبّة قبل أن يلتجأ إلى العدالة. وما إن نوى على ذلك حسب ما يقول الإنجيل حتى تراءى له الرّبّ. وهنا يعلّمنا أن أصحاب النّوايا الصّافية يتلقّون إلهامات الرّبّ وتنفتح أمامهم كلّ الطرق، فأعلمه الملاك إنّ إمرأته حامل بفعل الرّوح القدس. لقد تجلّت الحقيقة من فم الله، فارتاح قلبه. وبناء على قول الملاك: "لا تخف أن تأتي بإمرأتك مريم إلى بيتك" (متى 1: 20)، فأخذها إلى بيته. هذه دعوة أيضًا أنّ كلّ إنسان يجب أن يُدْخِل مريم إلى بيته لتكون هي "ستّ البيت"."

وأضاف الأب عبّود "لم يُرِدْ أن يشهر أمرها" (متى 1: 19)، إنها لكلمة عظيمة نحن بحاجة إليها في أيامنا هذه. فكم من العائلات هدّمت بفعل التّشهير، وكم من العلاقات قُتلت بفعل التّشهير، وكم من صيت شخص قُتل بفعل التّشهير، فنقول إنّنا لا نقتل ولا نتعدّى وصيّة؟ لا نقتل وإنّما نقتل بلساننا وننقل خبرًا نحن لم نتأكّد منه، فننقله ويصبح بنا كمن ينقل خبرًا، فننقله مع زيادة أضعاف وأضعاف عليه من الناحية السّلبيّة".

وتابع الرّاهب الكرملي مشدّدًا وواضعًا إيّانا أمام ضميرنا "لا يحقّ لك، أيًّا كنتَ، أن تنقل خبرًا أنت لم تتأكّد منه. ولا يحق لك أيضًا أن تنقل كلّ ما تعرفه ولا أن تنقل كلّ ما تفكّر به، فالنّاس ليست ألعوبة بين أيدينا. لا يحقّ لنا، كنّا من نكون، أن نقتل أحدًا بكلماتنا، فحسبما قال الرّبّ يسوع نفسه في الإنجيل "سوف يدان الإنسان على كلّ كلمة"، ويقول أحد آباء الكنيسة "كثيرة هي الكلمات التي قلتها وندمت عليها، وإنّما عن صمت أبدًا لم أندم"."

وفي الختام وضعنا الأب عبّود أمام شخصيّة يوسف لنقتدي به قائلًا: "نحن أمام رجل صامت والصمت قوّة في مجتمع كثر فيه ضجيج الكلمات، نحن أمام رجل بار يحفظ الشّريعة بكلّ قلبه فما همّه إلّا أن يرضي الله، نحن أمام رجل حمل بين يديه يسوع، وحافظ عليه من قتل هيرودوس وإجرامه، ونحن علينا أن نحمل يسوع في قلوبنا ونحافظ على ثباتنا وإيماننا بمجتمع يعمل لإزالة حضور الله من قلوب البشر، نحن أمام شخصيّة واجهت المصاعب بالانتقال إلى بيت لحم حيث مريم وجدت لها مكانًا لتلد، نحن أمام رجل واجه المصاعب عندما انتقل بالطّفل يسوع وأمّه إلى مصر وهناك عاش مهجّرًا كي يحمي ابن الله يسوع المسيح".