دينيّة
02 أيار 2021, 05:00

يا فرحي المسيح قام!

الأب الياس كرم/ نورسات
منذ سنة تقريبًا وقف إلى جانبي أحد المشايخ الأجلّاء من طائفة الموحّدين الدّروز، يتقبّل التّعازي بوفاة والدتي، وقد مرَّ معظم المعزّين وهم يردّدون عبارة المسيح قام، وطبيعيّ أن أردّ بعبارة حقًّا قام، ومع ترداد هذه التّحية المعزّية مرارًا وتكرارًا على مسامع الشّيخ الجليل، وقبل أن يغادرنا توجّه نحوي قائلاً: "إنّكم أبناء القيامة".

علّمنا بولس الرّسول في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي: "لا نريدُ، أيّها الإخوَةُ، أنْ تجهَلوا مصيرَ الرّاقدينَ لِئلاّ تحزَنوا كسائِرِ الّذينَ لا رجاءَ لهُم. فإنْ كُنّا نؤمنُ بأنّ يسوعَ ماتَ ثُمّ قامَ، فكذلِكَ نؤمِنُ بأنّ الّذينَ رقَدوا في يسوعَ، سينقلُهُمُ اللهُ إلَيهِ معْ يسوعَ". هذا هو إيماننا، "وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ،" (1 كو 15: 14).

نودّع القريب والصّديق دون سابق إنذار، يختطفهم الموت وينقلهم من بيننا إلى الأخدار السّماويّة دون إلقاء نظرة وداع، أحيانًا كثيرة، وفي ظروف مشابهة لحالنا اليوم.  

لذا تبقى عبارة "المسيح قام" هي التّعزية الحقيقيّة لبلسمة جراح الحزانى الّذين فقدوا أحبّاءهم بالرّبّ.

عزيزي القارئ، نعيّد الفصح هذا العام ومآسينا ازدادت بسبب ما نعانيه من أزمات. لكن تعزيتنا تبقى بالفصح الّذي هو عبور من الموت إلى الحياة، من الظّلمة إلى النّور، من الحزن إلى الفرح.  

إنّه زمن الصّفح، ولذا تَحملنا التّوبة الّتي جاهدنا في سبيلها طوال موسم الصّيام إلى وجه القائم من بين الأموات.

وفي هذا السّياق يقول القدّيس اسحق السّريانيّ: "الَّذي يعترف بخطيئته أفضل مِمَّن يُقيمُ الموتى… هو كَمَنِ انْتَقَلَ من الموتِ إلى الحياة". لذا نحن نجاهد في سبيل توبة صادقة وحقيقة، وعندها نفهم أنّ الفصح هو عيدُ الأعيادِ وموسمُ المواسم، فرحٌ ما بعده فرح، فيه نَنْشِدُ "المسيح قام!"، وباستمرار نُجِيبُ "حقًّا قام!". من هنا كان القدّيس سيرافيم ساروفسكي عندما يلتقي بإنسان يقول له: "يا فرحي المسيح قام!".

إيماننا بالقيامة انتصار على الحزن الّذي نعيشه، وعلى الوجع الّذي نعانيه.  

نحن معشر الّذين آمنّا بقيامة المسيح، نردّد في كلّ قدّاس وفي الفصح: "إذ قد رأينا قيامة المسيح" وهذا دليل على أنّنا شهودٌ على هذه القيامة، نحن نعيشها كلّ يوم بتوبتنا وبمحبّتنا للآخر وللعطاء. نحن نتذوّق القيامة بسرّ التّوبة والاعتراف، نحن رأينا فآمنّا. نحن نحيا المسيح القائم بنعمة الرّوح القدس الّذي خُتمنا به في المعموديّة. من هنا تأتي دينونتنا الّتي تحتّم علينا تفعيل معموديّتنا طوال أيّام حياتنا.

في هذا الفصح الّذي نقرّ ونردّد فيه أنّه "بالصّليب أتى الفرح لكلّ العالم"، لن يستطع الوباء ولا بلاء المتحكّمين بنا ودول العالم أجمع أن يميتوننا، إن آمنّا ورأينا مجد الله لا مجد هذا العالم. إعتقد الرّومان ومن خلفهم اليهود أنّهم بصلب المسيح تنتهي قصّة حبّ الله لخلقه، إنّما بداية القصّة كانت على الصّليب، ولذلك قال: "مَن أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني". وسنتذكّر دائمًا ما قاله ذاك الشّيخ (إنّكم أبناء القيامة)، عندها نفهم رسالة المسيح فينا، ونوقن أنّ المسيح بقيامته وطئ الموت بالموت ووهب الحياة للّذين في القبور."