مع المخلّع.. قطع الرّبّ الرّباط بين المرض والخطيئة
استهلّ الأب رزق تأمّله شارحًا أنّ "آية شفاء المخلّع أرادها الرّبّ يسوع مناسبة لإعلان سلطانه على مغفرة الخطايا، وهو سلطان سيمنحه إلى كهنوت العهد الجديد. ويخبر الإنجيل أنّ يسوع كان يعلّم كلمة الله للجمع المزدحم في بيت سمعان- بطرس في بيت صيدا الجليل حيث كان الشّعب يشعر بحاجة إلى كلامه الإلهيّ، فاختبروا أنّه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" (متى 4: 4). وهناك سأله سمعان- بطرس "إلى من نذهب، وكلام الحياة الأبديّة هو عندك؟" (يو6: 68). وما في ذلك سوى دلالة على حاجة المسيحيّين الكبيرة والماسّة اليوم لسماع كلام الله لكي يستنيروا به في طريق حياتهم وظروفهم الصّعبة."
وسلّط مرشد عام رابطة الأخويّات في لبنان الضوء على مشهديّة الإنجيل وإيمان الأشخاص الأربعة الّذين يقدّمون لنا أمثولة في الإيمان ومثالاً نحتذي به، فهم ""أتوه بمقعد يحمله أربعة رجال" (مرقس 2: 3). هم جماعة آمنت بكلمة المسيح وبقدرته على شفاء مخلّع كفرناحوم، خلافًا للجمع الغفير، وإلاّ لفتح الحاضرون الطّريق أمامهم لكي يَصِلوا به إلى يسوع فيشفى، بل لم يشفقوا عليه، هو الممدود على سريره، كي يتمكّن ولو من رؤية يسوع. فما كان من هؤلاء الأربعة الممتلئين إيمانًا، إلاّ أن ثقبوا السّطح المؤلّف من خشب وقش وتراب بكلّ عناء وجهد ومخاطرة، ودلّوا المخلّع وهو على سريره إلى أمام يسوع. هؤلاء الرّجال الأربعة هم صورة الكنيسة التّي تصلّي وتتشفّع حاملة أبناءها وبناتها والعالم كلّه بصلواتها، صلوات السّاعات الّتي يتلوها الكهنة والرّهبان والرّاهبات صباحًا وظهرًا ومساءً."
وتابع الأب رزق مستفيضًا في الإنجيل، وتحديدًا في "مبادرة الرّبّ يسوع المزدوجة والمفاجئة؛ يسوع بادر بشفاء المخلّع من الخطايا حين قال: "يا بنيّ، غفرت لك خطاياك" (مرقس 2: 5)، ليبيّن أنّه قادر على شفاء عميان العقول والقلوب والضّمائر، ليشفه بعدها من مرضه عندما قال له: "قُم، فاحْمِلْ فِرَاشَكَ واذْهَبْ إِلى بَيْتِكَ!"(مرقس 2: 11). وهكذا قطع الرّبّ الرّباط بين المرض والخطيئة". وفي هذا السّياق أكّد الأب رزق أنّ "المرض هو حالة بيولوجيّة، وليس ضربة من الله. والخطيئة فعل قائم بذاته من دون أن يستتبعه مرض أو إصابة كنتيجة".
وفي الختام خلص الأب رزق مركّزًا على ثلاثة أفعال لفظها المسيح عندما قال: "قُم، فاحْمِلْ فِرَاشَكَ واذْهَبْ إِلى بَيْتِكَ!"(مرقس 2: 11)، ليشرح أنّه "في هذه الآية تذكير مزدوج بالخلق مستشهدًا بآيات من سفر التّكون الأوّل: "كن، فكان! كوني، فكانت""، مضيفًا "هي كلمة بها خلق الله الكون، الكلمة إيّاها "صارت بشرًا" (يو 1: 14)، وقالت للمخلّع "قم! فقام". ومن يسوع "الكلمة" طلب الضّابط الرّومانيّ: "أنا لا أستحق، يا سيّدي، أن تدخل تحت سقف بيتي. لكن يكفي أن تقول كلمة فيشفى خادمي" (متى 8: 8)، وهكذا حصل."
بتعجّب الشّعب واندهاشهم وتمجيدهم للرّبّ أنهى مرقس إنجيل المخلّع "حتّى دهشوا جميعًا ومجّدوا الله وقالوا: "ما رأينا مثل هذا قطّ" (مر 2: 12)، وهذا هو حالنا اليوم ففي كلّ مرّة نشارك بالذّبيحة الإلهيّة ونسمع كلمة الله نشفى ونتبدّل، ويفتح لنا طريق جديد نمجّد من خلاله الرّبّ بالاندهاش والتّسبيح سائلينه أن يخلق فينا قلبًا جديدًا وروحًا جديدًا.