دينيّة
15 نيسان 2013, 21:00

مختارات من كتابات الكاردينال برغوليو (جزء ثاني)

(زينيت) بعد أن نشرنا القسم الأول من المقتطفات التي نشرتها أبرشية بوينس أيريس عن النصوص التي تسلط الضوء على قضايا تطرق لها الكاردينال خورخيه ماريو برغوليو، إليكم في ما يلي ترجمة القسم الثاني من المقتطفات:

الإيمان

تضعنا تجربة الإيمان في تجربة الروح،التي تتمثل بالقدرة على بدء مسيرتنا. عندما لا يمر المرء من باب الإيمان، يُقفَل الباب، وتقفل الكنيسة، وينغلق القلب على ذاته وعلى الخوف، وتفسد روح الشر البشرى السارة. حين يجف ميرون الإيمان يفقد المبشّر "عطرهويشكل في كثير من الأحيان مصدر للفضائح بالنسبة الى الكثيرين.
من يؤمن بالنعمة التي تمر من خلال الإنجيل، والتي يتردد صداها في التاريخ على شفاه اليصابات: "طوبى للتي آمنت" أو حتى بالكلمات التي وجهها يسوع الى توما: "طوبى للذين آمنوا ولم يروا." (9 يونيو، 2012).
 
السلطة السياسية
إن "جنون" وصية المحبة، التي يقترحها الرب ويدافع عنها في وجوديتنا، تبدد "الجنون" اليومي، الذي يؤذي، ويعيق تحقيق مشروع الأمة. وهو النسبية، واعتبار القوة كالفكر الأوحد. هذه النسبية التي وبحجة احترام الاختلافات، تختلط بالعداوة وتمتعض من كل ما يدعو لدعم القيم والمبادئ. كذلك السلطة كفكر أوحد هي كذبة أخرى. إن كانت التحيزات الإيدولوجية تشوه الطريقة التي ينظر فيها الشخص للآخرين والمجتمع، نظرًا لمخاوفه ويقينه، فالسلطة كفكر أوحد تحفّز التركيز على أن "المناصب جميعًا أنظمة قوة" و"يسعى الجميع للهيمنة على الآخرين." وبالتالي تتراجع الثقة الاجتماعية التي، وكما أشرت، هي جذر المحبة وثمرتها. (25 مايو، 2012).
 
الأزمات
تتنوع أعراض الوهم، ولربما الأكثر وضوحًا بينها هو السحر "حسب الطلب": سحر التكنولوجيا التي تعد بأشياء أفضل؛ سحر اقتصاد يقدم تقريبًا امكانيات غير محدودة في جوانب الحياة جميعًا للذين ينجحون بأن يندمجوا في النظام؛ سحر مقترحات دينية صغيرة تناسب الحاجة. لدى الوهم بعد اسكاتولوجي. هو يهاجم بشكل غير مباشر، واضعًا حدًّا لأي موقف نهائي، ويقترح بدلا منه هذا السحر الصغير الذي هو بمثابة "جزر" أو "هدنة" في مواجهة الوهم، بالنظر الى وتيرة العالم بشكل عام. وبالتالي، إن الموقف الإنساني الوحيد الذي باستطاعته أن يكسر موجة السحر والوهم هو أن نضع أنفسنا قبل الأمور المهمة ونتساءل برجاء: هل نحن نسير من الجيد الى الأفضل أم من السيء الى الأسوأ؟ وهنا يخلق الشك. أيمكننا أن نجيب؟ هل نملك الكلمة التي تدل على طريق الرجاء في عالمنا؟ هل نحن، كتلميذي عماوس وأولئك الذين بقوا في العلية، أول من يحتاج الى المساعدة؟ (8 مايو، 2012).
 
التواضع
يحدثنا مقطع الإنجيل عن التواضع. يكشف التواضع للوعي الإنساني القدرات التي يحملها في داخله. في الواقع، كلما وعينا أكثر لعطايانا وحدودنا، سنكون متحررين أكثر من عمى الغطرسة. وتمامًا كما شكر يسوع الآب على ظهوره للضعفاء، علينا أيضًا أن نشكر الآب على جعل شمس شهر مايو تشرق على الذين آمنوا بعطية الحرية، الحرية التي ظهرت في قلب الأمة التي راهنت على العظمة من دون أن تغفل عن صغرها. (25 مايو، 2011).
 
شعب بسيط
حكمة الآلاف من الرجال والنساء الذين ينتظرون دورهم لكي يسافروا ويعملوا بصدق، ليؤمنوا الخبز اليومي لطاولتهم، ليجمعوا المال، ويشتروا شيئًا فشيئًا بعض القرميد لتحسين منازلهم...يمر الآلاف من الأطفال يوميًّا بمراويلهم في الشوارع وهم بطريقهم من المدرسة وإليها. في حين يجتمع الأجداد الذين يتحلون بالحكمة الشعبية ليسردوا قصصًا صغيرة. ستمر الأزمات، وازدراء الأقوياء سيكبلهم في البؤس، ستغيب الرقابة عنهم، وسيتجهون الى المخدرات والعنف. سيجربهم بغض الكراهية الانتقامي. ولكن المتواضعين بينهم، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي، سوف يستدعون حكمة الذي يشعر بأنه ابن اله غير بعيد،إله يرافقهم بالصليب، ويشجعهم بالقيامة بهذه الأعاجيب، مما يحثهم على الفرح بالمشاركة والاحتفال. (25 مايو، 2011).
 
التبشير الجديد
يعيش الله والكنيسة في المدينة. لا تتعارض رسالتنا مع التعلم من المدينة-من حضاراتها وتغييراتها- حين نشرع بالتبشير بالإنجيل. وهذه هي ثمرة الإنجيل، التي تتفاعل مع الأرض التي تقع عليها البذور. لا تشكل المدينة المعاصرة بمفردها تحديًا، بل المدينة كلها، كل حضارة، كل عقلية، وكل قلب بشري. إن التأمل في سر التجسد الذي يقدمه القديس اغناطيوس في التمارين الروحية، هو مثال جيد عن الموقف الذي نقترحه هنا. هو موقف من واقع المدينة. الإنجيل هو إعلان لا بد أن يعلن للآخرين. تعد التأملات خلال حياتنا وتعايشنا. (25 أغسطس، 2011).
 
مريم
كان الله يفتقر لشيء ما لكي يدخل الى تاريخنا بشكل بشري: كان بحاجة الى أم، وطلبها منّا. إنها الأم التي نتطلع اليها اليوم، ابنة شعبنا، الأمة، الطاهرة، الوحيدة من الله؛ الوحيدة التي جعلت مكانًا لابنها لتحقق العلامة، الوحيدة التي تجعل دائمًا هذه الحقيقة ممكنة ولكن ليس كمالكة أو بطلة، بل كأمة، النجمة التي تستطيع أن تضمحل لكي تظهر الشمس. إذا نحن نشير اليوم الى وساطة مريم، وساطة المرأة التي لم تتنكر لأمومتها، بل تولتها منذ البداية؛ أمومة بولادة مزدوجة، الأولى في بيت لحم والثانية على الجلجلة؛ أمومة تضم وتدعم أصدقاء ابنها، الذي هو المرجع الوحيد الى الأزل. وهكذا تستمر مريم بيننا، أم تجعل المساحة ممكنة لحلول النعمة، النعمة التي تحول وجودنا وهويتنا: الروح القدس الذي يجعلنا أطفالًا بالتبني، يحررنا من العبودية، بملكية حقيقية وصوفية، ويعطينا عطية الحرية ويصرخ من داخلنا دعوة الانتماء الجديد للآب! (7 نوفمبر، 2011).