دينيّة
25 آب 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 25 آب 2017

تذكار القديس تيطس تلميذ بولس الرسول واسقف كريت (بحسب الكنيسة المارونية) تدلنا الآثار القديمة على ان تيطس ولد في جزيرة كريت من اسرة شريفة، يونانية وثنية، وانه جاء الى اورشليم لينظر السيد المسيح بعد ان سمع به وبعجائبه. وهناك آمن واعتمد وصار من التلاميذ الاثنين والسبعين، رافق بولس الرسول في اكثر اسفاره وشاطره اتعاب الرسالة ومشقاتها وكان له خير معين في عمله العظيم. وكان بولس يدعوه "الابن الصادق في الايمان" (تيطس1: 4).

 

وبعد ان رافقه الى انطاكية وغيرها من المدن، جاء معه الى اورشليم سنة 51. وحضر المجمع الذي عقده الرسل للنظر في إبطال شريعة الختان التي كان يُجبر باتباعها اليهودُ المتنصرون. وقرّر المجمع إبطالها عملاً برأي بولس الرسول وتيطس.

وفي السنة 56 ارسله بولس من افسس الى كورنتس ليصلح ما وقع من  الخلاف بين اولئك المسيحيين الحديثي العهد في الايمان فذهب تيطس ودبر الامور بما اوتيه من حكمة وغيرة رسولية واعاد السلام الى تلك الكنيسة الفَتيّة التي كانت عزيزة على قلب بولس. وقد عبّر بولس عن سروره في رسالته الثانية الى اهل كورنتس إذ قال:" قد تعزينا وازددنا فرحاً جداً بفرح تيطس لان روحه استراحت من قِبَل جميعكم" (2 كور13:7).

وصحب بولس الى جزيرة كريت سنة 63، فأقامه اسقفاً عليها.

وبشر تيطس ايضاً بالانجيل في الجزر المحيطة بكريت. واجرى الله على يده عجائب كثيرة. ورد كثيرين الى الايمان. وبعد ان تمم حياته، رسولاً غيوراً وعاملاً نشيطاً في كرم الرب. رقد بالرب بشيخوخة صالحة في مدينة كريت اسقفيته. وكانت وفاته في اواخر القرن الاول للمسيح. صلاته معنا. آمين!

 

القديس طيطس تلميذ بولس الرسول (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

تشير الآثار القديمة إلى أن طيطس ولد في جزيرة كريت من أسرة شريفة يونانية وثنية، وأنّه جاء إلى أورشليم لينظر المسيح بعد أن سمع به وبأعاجيبه. وهناك آمن واعتمد وصار من التلاميذ الإثنين والسبعين. رافق بولس الرسول في أكثر أسفاره، وشاطره أتعاب الرسالة ومشقّاتها، وكان له خير معين في عمله العظيم. وكان بولس يدعوه "الإبن الصادق في الإيمان".

وبعد أن رافقه إلى انطاكية وغيرها من المدن، جاء معه إلى أورشليم سنة 51، وحضر المجمع الذي عقده الرسل للنظر في إبطال شريعة الختان التي كان يُجبر اليهود المنتصرون على اتّباعها. وقرّر المجمع إبطالها عملاً برأي بولس الرسول وطيطس.

وفي سنة 56، أرسله بولس من أفسس إلى كورنتس ليصلح ما وقع من الخلاف بين أولئك المسيحيين الحديثي العهد في الإيمان. فذهب طيطس ودبّر الأمور بما أوتيه من حكمة وغيرة رسولية، وأعاد السلام إلى تلك الكنيسة الفتيّة التي كانت عزيزة على قلب بولس. وقد عبّر بولس عن سوره في رسالته الثانية إلى أهل كورنتس إذ قال: "وقد عبّر بولس عن سروره في رسالته إلى أهل كورنتس إذ قال: "قد تعزينا وازددنا فرحاً جداً بفرح طيطس لأن روحه إستراحت من قِبَل جميعكم".

وصحب بولس إلى جزيرة كريت سنة 63، فأقامه أسقفاً عليها. وبشّر طيطس أيضاً بالإنجيل في الجزر المحيطة بكريت. وأجرى الله على يده أعاجيب كثيرة. وبعد أن أكمل حياته رسولاً غيّوراً وعاملاً نشيطاً في كرم الرب، رقد بالرب بشيخوخة صالحة في مدينة كريت مركز أسقفيته، وذلك في نحو أواخر القرن الأول للمسيح.

 

القديس الرسول تيطس أسقف غورتينا في كريت (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)‏ 

من أصل وثني. هداه القديس بولس وأسماه "الابن الصريح حسب الإيمان المشترك" (تيطس4:1). بعد ذلك بسنوات، حوالي العام 49م التقيا في أنطاكية وأتى به بولس مع برنابا إلى أورشليم، ليقدّم للرسل تقريراً عن خدمته بين الأمم. لم يُطلب من تيطس أن يُختتن. مذ ذاك تبع الرسول في أسفاره وصار أحد أقرب معاونيه. تيطس هو الذي أُوفد إلى كورنثوس ليحمل أول رسالة من الرسول إليها ولكي يشرح كيف يجب أن يتم الجمع من أجل المؤمنين في أورشليم. ولكن بعد أن غادر تيطس المدينة ليحيط الرسول علماً بنتائج مهمته حصلت في كورنثوس انقسامات خطرة بين المسيحيين. بولس، الذي كان يومها في أفسس، حوالي العام 55م، سلّم تيطس رسالة كتبها بحزن كثير وكآبة قلب (2كو4:2) إصلاحاً للخلل الحاصل. وقد استُقبل تيطس بمخافة الله بصفته حاملاً السلطة الرسولية. وبعد أن استعادت كنيسة كورنثوس النظام والمحبة عاد تيطس إلى معلمه، في مقدونية، لينقل إليه، بفرح، خبر الطاعة التي أبداها الكورنثيون. بعد ذلك أرسله الرسول، برفقة آخرين، إلى المدينة عينها حاملاً إلى الكورنثيين رسالته الثانية ولكي يجمع ما توفر لأجل حملة الجمع.

التقى تيطس بولس في رومية، من جديد، خلال أسره الأول، ثم رافقه في طريق العودة إلى الشرق. وإذ اجتازا جزيرة كريت بشرا، معاً، مدناً عديدة. فلما اضطر الرسول إلى مغادرتها ترك تيطس وراءه ليُكمل تنظيم الكنيسة الجديدة ويقيم في كل مدينة أسقفاً. واجه تيطس مقاومة عنيفة، خصوصاً من قِبل اليهود، فكتب تيطس عن ذلك إلى بولس الذي أجابه مشجِّعاً على التعليم وفق العقيدة المقدسة وأن يقدم نفسه للآخرين مثالاً صالحاً.

ثم إن تيطس انضمّ إلى بولس في نيكوبوليس. ومن هناك أُرسل في مهمة جديدة، إلى دلماتيا، حوالي العام 65م، فلما استُشهد القديس بولس، عاد تيطس إلى كريت التي ساسها بحكمة وغيرة رعائية إلى سن متقدمة. رقد بسلام وأودع جسده كاتدرائية غورتينا. هناك جرى إكرامه لقرون كحامٍ لكنيسة كريت. لما تحرّرت الجزيرة من العرب نُقلت العاصمة إلى Candaque، وهناك شُيدت كاتدرائية جديدة إكراماً للقديس الرسول تيطس. بقيت هذه الكنيسة المركز الأساسي للحج في كريت على امتداد فترة احتلال البنادقة لها (1210 – 1669). ولكن طرد الأتراك البنادقة من هناك، سنة 1669، فنقلوا معهم جمجمة القديس تيطس التي أُودعت كنيسة القديس مرقس في البندقية. يُذكر أن جمجمة القديس رُدّت لكنيسة كريت في 12 أيار سنة 1966م.

هذا وثمة تقليد كنسي آخر يفيد أن تيطس كان أحد أقرباء الملك مينوس، وأنه كان يميل إلى العلوم الوثنية. في سن العشرين جاءه صوت من السماء يقول له إن العلوم الوثنية لن تنفعه في شيء وأنه سيجد خلاصاً لنفسه إن هو ذهب إلى أورشليم. لم يذهب لكنه قرأ في إشعياء النبي:"أيتها الجزر، هيئي لي عبداً. لأسرائيل من الرب خلاص أبدي". (إش16:45).حاكم كريت الذي كان عمّاً لتيطس أوفده إلى فلسطين استطلاعاً بعد ما سمع عن عجائب يسوع في أورشليم وفي كل فلسطين. عاين تيطس الرب وعجائبه وشهد آلامه المحيية وقيامته، وصعوده. كان في عداد التلاميذ الذين اقتبلوا الروح القدس يوم العنصرة. سيم كاهناً من الرسل وأُرسل في مهمة مع القديس بولس الرسول. توجّها معاً إلى إنطاكية ثم إلى سلوقية فقبرص. من السلامية ذهبا إلى برجة بمفيلية فأنطاكية بيسيدية فإيقونية. وعظا ليسترا ودربة. عانيا الاضطهادات وسوء المعاملة. لما بلغا كريت استقبلهما الحاكم روستيلوس، قريب تيطس. حاول الحاكم إقناعهما عبثاً بعدم التعرض للآلهة الوثنية. حدث أن أقام القديس بولس بصلاته ابن الحاكم من الموت. مذ ذاك أبدى الحاكم للرسول كل توقير تاركاً له ولمن معه أن ينشروا الإنجيل في الجزيرة. لكنه استدعى إلى رومية، بعد ذلك بثلاثة أشهر، حيث سُمي قنصلاً. أخذ اليهود، بعد رحيله، يقلقون الجماعة المسيحية الناشئة، لكنها صمدت بنعمة الله.

إثر مغادرة الرسول بولس كريت إلى أفسس، حيث اهتدى العديد من الوثنيين، أرسل تيطس وتيموثاوس وأراستس إلى كورنثوس. بقي تيطس مع بولس حتى استشهاده، ثم ساهم في تثبيت عمل الله في اليونان وكولوسي قبل أن يعود إلى بلاده لمتابعة عمله هناك. استقبله شعبه بفرح. ثم لاحظ أن السكان كانوا لا زالوا على عاداتهم الوثنية. دنا الرسول من تمثال أرتاميس وطرحه أرضاً باسم المسيح. تبع ذلك أن عدداً كبيراً من الوثنيين اهتدى إلى المسيح. جعل تيطس كرسيه في غورتيني، كما عيّن تسعة أساقفة على المدن الرئيسية في الجزيرة. ثبت الإيمان القويم بالكلمة والآيات التابعة. لما بلغ الرابعة والتسعين، وكانت ساعته قد دنت، امتلأت داره، فجأة، غيمة عطرة وجاء ملائكة يعينونه. وقد أسلم الروح وهو يقول: "يا رب، قد حفظت الإيمان، ثبت شعبك في مخافتك، فأقبل الآن روحي".

 

نقل جسم القديس برتلماوس الرسول (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

جئنا على ذكر هذا الحادث في اليوم الحادي عشر من شهر حزيران. فيستطيع القارىء أن يطالعه هناك.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً: القديس تيطس الرسول

أنّ القديس تيطس الرسول هو من أخص تلاميذ بولس الرسول ومن أحبّهم إليه. وبولس يدعوه في رسالته إليه "الإبن الصادق في الإيمان العام".

كان تيطس من عبجة الأوثان، ولذلك كان أغلف. وقد أجمع رأي المفسّرين على أن بولس هو الذي هداه إلى الإيمان. ثم تتلمذ له تيطس ورافقه في أكثر أسفاره، وشاطره بغيرة ونشاط أتعاب الرسالة ومشقّاتها وهمومها، فكان لذاك الرسول الكبير خير رفيق وأفضل معين في عمله العظيم.

ولمّا جاء بولس إلى المجمع الرسولي في أورشليم سنة 51، لأجل النظر في أبطال الشريعة الموسوية كان تيطس يرافقه. وقد قاوم معه اليهود المتنصرين في قضية الختان ولم يشأ هو أن يختتن.

وفي سنة 56 كان بولس في أفسس، فعلم بما حدث من الشقاق في مدينة كورنتس فيما بين أولئك المسيحيين الحديثي العهد في الإيمان, وكانت كورنتس عزيزة جدّاً على قلب بولس. وكان قد قضى فيها سنتين متواليتين يبشّر ويعلّم، فهدى إلى الإيمان بالمسيح خلقاً كثيراً. فلمّا علم بولس بما آلت إليه حال الكنيسة في تلك المدينة الزاهرة، من الإنقسام وأسباب الخصام، لم يجد أفضل من تلميذه تيطس ليرسله إلى أهل كورنتس، فيدبّر أحوالهم ويعمل على إعادة روح السلام إلى جموعهم.

فذهب تيطس ودبّر الأمور بما أوتي من حكمةٍ سامية وغيرة رسولية، وأعاد السلام إلى تلك الكنيسة الفتيّة. ولمّا أنهى مهمّته وعاد إلى معلّمهولقيه في بلاد مكدونيا، أخبره بما أجرى الله على يده من الخبر. فسرّ بولس سروراً لا يوصف، وأوضح ذلك في رسالته الثانية إلى أهل كورنثس، حيث يقول :"قد تعزّينا. ثم عند تعزيتنا هذه ازددنا فرحاً بفرح تيطس، لأن روحه إستراحت من قبل جميعكم. فإنّي إن كنت افتخرت بكم في شيء عنده لم أخجل، بل كما أنّا قد كلمناكم بالحق في كل شيء كذلك كان افتخارنا بكم عند تيطس".

ولمّا أراد بولس أن يرسل هذه الرسالة الثانية، رغب إلى تيطس في أن يحملها إليهم، وفوّض إليه قراءتها وشرح معانيها السامية. وهي من أبدع ما خرج من قلم ذلك الرسول العظيم. وفيها يمدح عمل تلميذه تيطس في كورنثس.

ونحو سنة 63 ذهب بولس إلى جزيرة كريت بصحبة تلميذه تيطس، وبشّر هناك معه بالإنجيل. ولمّا اضطّر بولس، ذلك الرحّالة العظيم، أن يعود إلى بلاد آسيا ليتفقّد الكنائس التي كان قد أسسها فيها، ترك تيطس في تلك الجزيرة، وأقامه أسقفاً عليها، وسلّم إليه رعاية تلك الكنيسة. فلبث تيطس في كريت، يبشّر ويعلّم ويحتمل اثقال أولئك الأهلين المنغمسين في أنواع الرذائل.

وبقي تيطس يتجوّل في جزيرة كريت، يؤسس الكنائس ويقيم لها أساقفة وكهنة، حسب وصية الرسول، مدّة سنين طويلة. وأيضاً بشّر بالإنجيل في الجزر المحيطة بجزيرة كريت، وبقي عاملاً نشيطاً ورسولاً غيوراً يعمل بلا ملل في كرم الرب، إلى أن وصل إلى شيخوخة صالحة. ورقد بالرب في تلك الجزيرة، مملوءاً من كنوز الإستحقاقات السماوية.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القديس لويس ملك فرنسا

وُلد لويس في قصر بواسي Poissy سنة 1215، ونال سرّ العماد في الكنيسة الرعوية في هذه المدينة الصغيرة. لذلك كان يحلو له أن يسمّي نفسه لويس دي بواسي. ولمّا كبر كان يوقّع رسائله الخاصة بهذا اللقب. لأنّه كان يقول: إنّي قبلت سرّ العماد في بواسي، وفيها أضحت إبن الله، وأن هذا لأعظم شرف يستطيع المرء أن يتشرّف به في هذه الدنيا. ما أجمل، وما أصدق عواطف الإيمان إذ تكون حية صحيحة!

وتثقّف لويس على أمهر الأساتذة، وأكرمهم فضيلة، وأقدرهم علماً. وكان بهجة الجميع بوداعته ونقاوته وتقواه وجمال طلعته، حتى كان بخيّل إلى كل من رآه أنّه ملاك هبط من أعالي السماء على بلاد فرنسا الغنّاء.

وما كاد يبلغ الثانية عشرة من عمره، حتى مات أبوه الملك لويس الثامن، فورث عنه عرش فرنسا. ولمّا لا يزال قاصراً، تسلّمت أمّه بلانكا زمام المملكة بالوصاية. فأظهرت مقدرة ودراية وحكمة دانت لها همم الرجال. وكان ذلك العصر عصر الفتن والخصام والمطامع والمزاحمات. وأراد بعض الأمراء أن ينتهزوا فرصة حداثة الملك ليثوروا على المملكة بلانكا، ويضمّوا إلى ما لهم من ممتلكات مدناً وأراضي وامتيازات. لكن الله كان معها ومع إبنها الملك الضغير، فنصرها على أعداء المملكة.

ولمّا بلغ لويس السن العشرين تسلّم مقاليد الحكم. فابتهجت المملكة بإرتقائه إلى عرش آبائه. وكان شاباً مكمّلاً خلقاً وأخلاقاً. فكان فارساً مغواراً، طويل القامة، جميل الصورة، تتجلّى في عينيه الشهامة مع شيء من العظمة الوديعة، والوقار المحلّى باللطف والعذوبة.

ودأب على تنظيم مملكته، وسنّ لها الشرائع العادلة الملائمة. ونشر العدل بين الرعيّة، فساد السلام، وخيّمت الطمأنينة على البلاد. واتّخذ تعاليم الإنجيل أساساً لإدارة المملكة، فمنع الشتائم، وحرّم الألفاظ البذيئة الكفرية.

واقترن بسرّ الزواج بالأميرة مرغريتا، إبنة كونت بروفنسا، ولم يكن بعد قد تجاوز العشرين من عمره. فظهرت هذه الأميرة الشابة درة يتيمة في جبين المملكة الفرنسية، بما كانت تتحلّى به من فضيلة وأدب، وجمال فتّان وأخلاق عالية. فكانت للملك الشاب كنزاً ثميناً لا تدانيه كل كنوز الأرض. وولدت له أولاداً عديدين: خمسة صبيان وخمس بنات. وعُنيت هذه الملكة، وعُني هو أيضاً بتربيتهم، حتى أضحى ذلك البلاط محطّ رحال القداسة والفضائل المسيحيّة الصميمة. وكان يقوم بنفسه بتعليمهم أمور الدين المسيحي، ويراقب سلوكهم وحسن قيامهم بواجباتهم وكان يطبع في قلوبهم محبّة الله والعذراء المجيدة. وكان يجمعهم كل مساء للصلاة، ويقودهم إلى الحفلات الدينية وسماع المواعظ في الكنائس.

أمّا عنايته هذه المثلى بمملكته وبيته، فقد كانت ثمرة إيمانه الحيّ وفضائله. فإنّه مارس الفضائل المسيحيّة إلى درجة سامية. فكان لا يسمح لنفسه بنعيم أو براحة أو بظهور، ولمّا كانت حياة البلاط تعرّضه للتجارب ضد العفّة، كان شديد السهر على نفسه، يصون ذاته من الشره، ومن مخالطة نساء القصر، ويقمع أهواءه بأنواع الأصوام والإماتات.

وكان يتواضع ويُذل نفسه في كل ما ليس من شأنه أن يمسّ كرامة المملكة. وكان كل سنة يستعدّ للإحتفال بعيد الميلاد الشريف بالمحافظة على الصيام مدّة شهري تشرين الثاني وكانون الأول. وكان يصوم أيضاً كل أيام تقدمة أعياد البتول مريم. وكان يقضي ساعات طويلة من الليل ساهراً يصلّي. وكان كثيراً ما يلبس المسح، ولا يتركه إلاّ بأمر مرشده.وكان كل سبت يجمع في إحدى زوايا قصره، بعيداً عن الأنظار، جمهوراً من الفقراء، ويقوم بنفسه فيغسل لهم أرجلهم وينشّفها ويقبّلها.ثم يوزّع عليهم الحسنات، ويطيّب نفوسهم، ويطعمهم ويطلقهم. وكان يعول في قصره، على الدوام، مئة وعشرين فقيراً. ومراراً كان يقف هو على المائدة يخدمهم، ثم يأكل من فضلاتهم. ولباسه العادي كان بسيطاً، وكانت مائدته تشبه موائد الشعب العامل البسيط. وكان ينهض كل يوم باكراً، فيحضر القداس الإلهي ويتلو فرض البتول مريم. وكثيراً ما كان يدعو إلى مائدته الخاصة الكهنة والرهبان، ويسامرهم، وينشرح لسماع حديثهم.

ذكرنا كيف هذا الملك العظيم الشأن، أول ملوك الدنيا في عصره، جعل الإنجيل أساساً لإدارة ملكه.فلم يكتفِ بأن نشر العدل، وأحلّ الطمأنينة، وأفاض على البلاد الرخاء والسلام، بل شرع ينشر تعاليم الإنجيل بين طبقات رعيته ليبني عمله على الصخر، فيعلو البناء ويدوم.

وأنشأ بكرم وسخاء عدداً لا يحصى من الكنائس والأديار والمستشفيات والملاجئ، منها ملجأ لإيواء ثلاث مئة أعمى.

 ولم يكن يقف عند حد في أعمال الرحمة والشفقة، بل كان يبذل العطاء بسخاء. وكان عندما يعلم بكارثة حلّت في بعض البلاد يبادر إلى إسعافها بالأموال والحسنات.وكان لا يكتفي ببذل الدرهم والدينار بلا حساب في سبيل البائسين والمعوزين، بل كان يعودهم بنفسه ويخدمهم بيديه. ومن الأعمال المجيدة التي جاء ذكرها في محضر إعلان قداسته أنّه كان يزور يوماً دير رويامون، فعلم أن فيه راهباً مصاباً بالبرص، وأنّه عُزل في غرفة قصية منعاً لتسرّب الداء إلى سائر الرهبان. فذهب إليه فوجد أن البرص قد شوّهه، وأكل له وجهه، وجعل منظره مريعاً. فجلس إلى جانبه، وأطعمه بيده، وعانقه وقبّله، لأنّه كان يرى فيه صورة المخلّص الإلهي وهو على الصليب.

وعلم يوماً أن عدوّاً له أرسل بعض الأشرار ليغتالوه. فتمكّن من القبض عليهم. فلمّا اعترفوا بجريمتهم سامحهم وأطلقهم.

إنّ أخلاقاً كهذه الأخلاق، وفضائل كهذه الفضائل، لا يندر وجودها في الملوك فقط، بل في الكهنة والرهبان والنساك أيضاً. وهي طابع القداسة الحقيقي. وهي التي رفعت إلى ذروة المجد والشرف هذا الملك الرفيع الشأن، العظيم السطوة والسلطان.

لا محل الآن لذكر الأسباب السياسية والإجتماعية التي سلّحت بلاد أوروبا، في العصور الوسطى، ولا سيّما فرنسا، ودفعتها إلى الهجوم على بلاد فلسطين وسوريا، وإلى الإستيلاء على الجزء الأكبر منها، ولا لوصف ما كان من نتائج تلك الحروب، وما تركت من الأثر من بعدها. إنّما يكفينا أن نشير هنا إلى أن روح الإيمان والتضحية والتكفير هي التي كانت أحد العوامل الكبيرة في إثارة الحماسة والهمم، وأن هذا ما دعا الملك لويس التاسع إلى امتشاق السيف، وحشد الجيوش، والقيام بالحرب الصليبية السابعة والثامنة.

ففي الأولى فقاد الحملة على مصر، ليضرب السلطان الفاطمي الذي كان قد استولى على الجزء الأكبر من بلاد فلسطين. فانتصر في موقعة دمياط، وفتح هذه المدينة بالسيف، سنة 1250. ثم زحف على مدينة المنصورة، وأبلى بلاءً حسناً، وأظهر من أعمال البطولة ما جعل إسمه خالداً بين أبطال الحروب.لكن الله إمتحنه بمحنةٍ شديدة ليكمل فضله وفضيلته. فإنّه وقع في الأسر مع كثيرين من الأشراف والأمراء والقوّاد. فكبّلوه بالأغلال، وسجنوه وضيّقوا عليه. فحمل مصيبته بصبر وتسليم كامل لعناية الرب. لكن السلطان الأيوبي "أشرف موسى" عاد فطمع في الأموال، فأطلقه بعد أن أخذ فديته وفدية أصحابه قناطير من الذهب والفضّة.

وكانت زوجته الملكة مرغريتا في دمياط، أيام وقوعه في الأسر.فشاركته في الآلام والصبر. وولدت له ولداً هناك ودعته بإسم "يوحنا تريستان" أي يوحنا الحزين، تذكاراً لِما كانت فيه الاسرة المالكة من الأسى والحزن.

ثم عاد فحمل الصليب من جديد سنة 1270، وتهيّأ للإقلاع إلى تونس، لأن سلطان تلك البلاد كان قد تظاهر له بالصداقة، ووعده بأن يسير معه إلى محاربة المماليك في مصر.

ثم ركب البحر على رأس جيش عظيم وأقلع إلى تونس. فثارت عليه زوبعة شديدة شتّتت سفنه وعطّلت منها الشيء الكثير. وما كاد يصل إلى الشواطئ الإفريقية حتى وجد أن ما تظاهر به سلطان تلك البلاد من المخالفة والوداد، لم يكن سوى خدعة دنيئة ليوقع بجيش الصليبيين. فاضطرّ الملك أن يعلن الحرب عليه. فهاجمه بجيوشه، وانتصر عليه، ونزل إلى البر، وحاصر تونس عاصمته. إلاّ أن داء الطاعون ظهر في الجيش بسبب إشتداد الحر، وقلّة الغذاء، وأخذ يفتك بالصليبيين فتكاً ذريعاً. فرأى الملك  في ذلك يد الله، فسجد لأحكامه القدوسة. وأصيب كثيرون من الأمراء بالطاعون، ومات القاصد الرسولي به، ومات أيضاً الأمير يوحنا إبن الملك، وأصيب وليّ العهد بهذا الداء الوخيم. ولم ينجُ منه إلاّ بأعجوبة سماوية. فأمام هذه المحن والمصائب تأكد لدى الملك أن الله إنّما ابتلاه بهذه الشدائد لأنّه أوشك أن يدعوه إليه. فأحذ يستعدّ لموته.

وأصيب الملك نفسه بالطاعون، فارتخت العزائم، وساد الحزن الجيش كلّه. فسلّم الملك أمره إلى الله بكل رضى وقبول.

واشتدّ الداء عليه، فمُنح المسحة الأخيرة والأسرار الإلهيّة، فقبلها بكل خشوع.

ثم أوصى أولاده وقوّاده أن يكونوا قبل كل شيء جنود الرب، عاملين على طاعته، حافظين وصاياه.

ثم رقد بالرب رقود القديسين في 25 آب سنة 1270. فبكاء الجيش والمملكة بأسرها. وقام إبنه فيلبّس الجسور، فحمل على الأعداء حملة عنيفة وهزمهم. فطلبوا الصلح. فصالحهم. وضمنوا له مالاً يدفعونه له، وصداقة يحترمونها ويحافظون عليها، وحريّةً يتركونها للرهبان الفرنسيسيين لكي ينشئوا الرسالات في بلادهم ويبشّروا بالإنجيل.

ثم عادت الحملة الصليبية إلى فرنسا. وحمل الملك الجديد فيلبس رفات أبيه معه، ودفنها في كنيسة القديس ديونسيوس، في مدافن الملوك. هكذا عاش ومات هذا الملك القديس، بالبر والتقوى والإماتة، وخدمة الله، وحفظ وصاياه، وإدارة مملكته بحسب مبادىء وتعاليم الإنجيل المقدّس.  وسوف يبقى القديس لويس التاسع مثلاً أعلى لكل ذي سلطان، بشجاعته وحكمته وفضائله وتعاليمه.

أمّا الملكة زوجته، فإنّها شابهت حياتها حياته بالرصانة والفضيلة والتقوى، وكانت نظير حماتها الملكة بلانكا مثال الأخلاق العالية والحنان على البائسين. بعد وفاته ذهبت إلى دير القديسة كلارا الذي أنشأته، وهناك أنهت أيامها لأعمال العبادة والبر والصلاح.

 

إعادة جسد الأنبا مكاريوس إلى برية شيهيت(بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في هذا اليوم تحتفل الكنيسة بإعادة جسد القديس مقاريوس إلى ديره بشيهيت، (ورد خبر نياحته تحت يوم 27 برمهات إلى ديره في شيهيت) وذلك أنه بعد نياحته أتي قوم من أهل بلده شنشور وسرقوا جسده وبنوا عليه كنيسة كبيرة. وبقي جسده هناك وبعد ذلك نقل إلى بلدة أخري ومكث فيها إلى زمان البابا ميخائيل الخامس البابا 71 نحو 400 سنة، ولما طلع البابا ميخائيل إلى البرية ليصوم الأربعين المقدسة بالدير تنهد قائلا: "كم أتمني أن يساعدنا الرب حتى يكون جسد أبينا الأنبا مقاريوس في وسطنا " وبعد أيام خرج رئيس الدير القمص ميخائيل مع بعض الشيوخ لقضاء بعض الحاجات. فخطر علي بالهم أن يأخذوا جسد القديس إلى ديرهم فأتوا إلى حيث الجسد فتجمهر عليهم أهل البلد مع الوالي بالعصي والسيوف ومنعوهم من أخذه وقضي الشيوخ ليلتهم وهم في حزن عظيم ولكن الوالي رأي في تلك الليلة كأن القديس مقاريوس يقول له " دع أولادي يأخذون جسدي ولا تمنعهم " فارتعب الوالي كثيرا واستدعي الشيوخ وسلمهم الجسد. فأخذوه بفرح عظيم وتبعهم عدد كبير من المؤمنين لتوديع الجسد. ولما وصلت السفينة إلى مريوط باتوا هناك وفي الصباح أقاموا قداسا وتقربوا من الأسرار المقدسة ثم حملوا الجسد علي جمل إلى البرية. وفي منتصف الطريق أرادوا أن يستريحوا فقال رئيس الدير " حي هو الرب لا نستريح حتى يرينا الرب المكان الذي أمسك ملاك الرب بيد أبينا " فظلوا سائرين إلى أن برك الجمل ولم يقم وبدا يدور برأسه ويلحس الجسد ويحني رأسه إلى الأرض فعرف الشيوخ أنه المكان المطلوب ومجدوا الله.

ولما اقتربوا من الدير خرج جميع الرهبان وتلقوهم بالشموع والتراتيل ثم حملوا الجسد علي أعناقهم ودخلوا به الكنيسة باحتفال عظيم وقد اجري الله في ذلك اليوم عجائب كثيرة.

صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما. آمين.