دينيّة
17 تموز 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 17 تموز 2017

تذكار القديسة مارينا (بحسب الكنيسة المارونية)ولدت هذه القديسة في القلمون، من لبنان الشمالي. وكان والدها تقياً. ماتت والدتها في سن الصبا فزهد ابوها في الدنيا، وجاء الى دير قنوبين في الوادي المقدس مع ابنته التي ألبسها زي الرجال وترهبت دون ان يقف الرهبان على سرها. وعُرفت عندهم باسم الأخ مارينوس.

 

وكان مارينوس رغم حداثته منعكفاً على ممارسة الفضائل الرهبانية بكل دقة ونشاط. يلازم الصمت والاحتشام مطرق النظر، جاعلاً من اسكيمه لثاماً يَحجب ملامح وجهه وعينيه ولا يُسمع له صوت. فأرسله الرئيس ذات يوم الى البلدة المجاورة في مهمة للدير، فاضطر ان يبيت عند احد اصدقاء الرهبان المدعو بفنوتيوس وله ابنة صبية، كانت قد سقطت في زنى وبَانَ حبلها بعد حين. فغضب ابوها جداً فأخبرته بان الراهب مارينوس اغتصبها، ليلة بات عندهم. فأسرع ابوها الى الدير وشكا الامر للرئيس. فدهش لِما يعلم عن راهبه من الطهارة والتقى. فاستدعى مارينوس ووبخه فلم يفه بكلمة تبرئه. فوقع الرئيس في حيرة، وعد السكوت اقراراً بالذنب وحكم على مارينوس بالطرد خارج الدير. فرضخ مارينوس مستسلماً لمشيئة الله واستمر على باب الدير مصلياً باكياً يعيش من فضلات مائدة الرهبان. وكان ابوه قد توفي.

اما الابنة فولدت صبياً، جاء به ابوها الى الدير ودفعه الى مارينوس قائلاً: " ربِّ ابنك!"

فأخذه مارينوس وشرع يربيه ويغذيه مما تكرم به الرهبان من حليب ماعز الدير وفضلات مائدتهم. وبقي على هذه الحال اربع سنوات، حاملاً عار تلك التهمة الشائنة لا يئن ولا يتذمر. على ان الرئيس رَقَّ له يوماً وادخله الدير فارضاً عليه قصاصاً شديداً، فقبل ذارفاً دموع التوبة.

وظل مثابراً على اعمال التقشف الى ان دنت ساعة وفاته. فأشرقت اسارير وجهه بنور سماوي وطلب المغفرة من الجميع، غافراً لمن أساء اليه. ثم أسلم الروح. فأمر الرئيس بتجهيز جثمانه ودفنه خارج الدير.

وما اعظم ما كانت دهشة الرهبان عندما رأوا ان مارينوس امرأة لا رجل! فجثا الرئيس مع رهبانه امام الجثمان الطاهر مستغفرين الله وروح القديسة البارة. اما والد الابنة الساقطة فالتحف الخجل وجاء يعترف بخطأه امام الجميع. وأما ابنته فأقامت على قبر القديسة تذرف الدموع نادمة على ما فعلت.

واشتهرت قداسة مارينا في لبنان فأسرع الناس افواجاً الى دير قنوبين للتبرك من جثمانها. وأضحى ضريحها ينبوع نعم وأشفية عديدة. صلاتها معنا. آمين!

 

تذكار القديسة مارينا (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

ولدت مارينا في انطاكية، وكان ابوها داسيوس من كهّان الأصنام متعصّباً لوثنيته، كثير النفوذ والثورة.

ماتت أمّها وتركتها طفلة، فسلّمها أبوها إلى إحدى المرضّعات المسيحيّات لتعنى بتريتها. فأخذت تغذيها بالإيمان بالمسيح مع الحليب، فأحبّته واعتنقته واعتمدت ونذرت بتوليتها لله، وشرّعت تمارس الفضائل المسيحيّة.

فلمّا عرف أبوها أنّها أصبحت مسيحيّة، حزن جداً وأخذ يبذل جميع الوسائل ليحملها على الرجوع عمّا أقدمت عليه. ولكنّها حاولت أن تقنعه بنبذ الوثنية لما فيها من خرافات، فغضب جداً وأوسعها إهانة وشتماً وطردها من بيته.

ولمّا جاء الوالي أولمبريوس إلى انطاكية في زمن الإضطهاد، إتّفق أن وقع نظره على مارينا، فشُغِفَ بجمالها، فسألها عن إسمها وأسرتها، فأجابت بكل رصانة: "إسمي مارينا، أمّا الإسم الذي أتشرّف به فهو: مسيحيّة".

فحنق الوالي وأخذ يتملّقها بكل حيلة، فلم ينل منها مأرباً. عندئذٍ أمر فجلدوها حتى تمزّق جسدها وسال دمها، فكانت صابرة تشكر الله. وسمعت صوتاً يقول لها "تشجّعي لا تخافي".

ثم أعاد الوالي الكرّة عليها بالتهديد والوعيد إن لم تضحّ للأصنام، فأجابت: "عبثاً تحاول". فكوّوا ثدييها وخاصرتيها بالنار، وزجّوها في بحيرة مجلّدة، فأخذت تصلّي وهي واقفة كأنّها لم تشعر بألم. فصرخ الحاضرون: "إنّ إله مارينا هو الإله العظيم... إنّها أعجوبة"... فآمن كثيرون.

فخاف الوالي من فتنة في الشعب، فأمر بضرب أعناق الذين آمنوا، فاعتمدوا بسفك دمائهم. أمّا مارينا فأخذوها خارج المدينة، وهناك بعد أن صلّت ضربوا عنقها، واستشهدت في سنة 280.

 

القديسة الشهيدة مارينا(بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

هي المعروفة في الغرب المسيحي باسم القدّيسة مرغريتا. عاشت في زمن ملك الأمبراطور كلوديوس في حدود العام 270 م. أصلها من انطاكية من مدينة بيسيدية وهي ابنة أحد كهنة  الأوثان، المدعو أيديسيموس.

رقدت والدتها وهي في الثانية عشرة فكُلفت مربية تقيم في الريف بأمر رعايتها. تربت في جوِّ مسيحيّ، أنبت، في قلبها، إيمانا عميقًا. ازداد عشقها للمسيح لدرجة أنّها لم تعد ترغب ولا تفكّر في شيء إلا في مساهمة تضحية الشهداء القدّيسين حبّا بالله ببذل الدم. لذا كانت لا تخفي ميلها ولا تتورّع عن المجاهرة بمسيحيّتها وذمّ الأصنام، الأمر الذي أثار أباها فحرمها الميراث.

في يوم علم الحاكم أوليبريوس بخروج قدّيستنا الى إحدى المراعي مع قطعانها، فأمر بإحضارها الى القصر. ولما رآها سألها من تكون فأجابت واثقة: "اسمي مارينا وأنا إبنة أبوين حرّين من  بيسيديا، ولكنّي خادمة إلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح الذي خلق السماء والارض".

أودعها الحاكم أوليبريوس السجن، وفي اليوم التالي دعيت لتقديم التضحية للآلهة أسوة ببقيّة الشعب فأجابت بثقة: "بل أذبح ذبيحة التسبيح لإلهي لا لأصنامكم الخرساء التي لا حياة فيها".

أثارت جسارة القديسة حفيظة الحاكم فأمر بمدّها على الارض وضربها بالسياط المشوكة، وأن يخدش لحمها بأظافر حديدية،....لم تخرج من فمها صرخة ألم ولا اضطربت نفسها وكأن آخر كان يكابد عنها العذاب والألم. وعندما أُعيدت الى السجن رفعت مارينا صلاتها الى ربّها تسأله العون في محنتها.

في كلّ مرة كانت تنتصب فيها مارينا أمام الحاكم كانت تبدي تصميمًا أشدّ من ذي قبل، هذا ما كان يثير جنون الملك، فأمر بتعريتها وإحراقها بالمشاعل. كما أمر بإلقائها في الماء لتختنق. ولكن قوّة من السماء أعانتها.

اهتزّ العديدون لمرآها واعترفوا بالمسيح، ممّا أثار غيظ الحاكم فأمر بقطع رأسها.

في الطريق الى مكان الإعدام آمن الجلاّد بالمسيح، فلم يشأ أن يمدّ يده لأذيتها، فقالت له القدّيسة: "لا نصيب لك معي إذا أمسكت عن إتمام ما أُمرت به". إذ ذاك، وبيد مرتجفة، قطع هامتها.

يُحكى أن مسيحيًّا، اسمه تيوتيموس، كان يتردّد دائمًا على القدّيسة حاملاً لها طعاما، جاء وأخذ جسدها وواراه الثرى بلياقة. وقد بقيت رفات القدّيسة، حتى زمن الصليبيّين (1204 م) تُكرّم  في القسطنطينيّة.

 

تذكار القديسة العظيمة في الشهيدات مارينا (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

كانت مارينا أو مارغريتا، كما يدعوها الكتبة الغربيون، وتفسير إسمها درّة أو جوهرة، إبنةً لأداسيوس أحد كهّان الأصنام. وكان أبوها هذا واسع الشهرة، ضخم الثروة، كبير النفوذ في مدينة انطاكية. وماتت أمّها عقب ولادتها لإبنتها مارينا بقليل، فسلّمها أبوها إلى إحدى المرضعات في ضواحي بيروت، لتعنى بأمرها وبتربيتها.

وكانت تلك المرضّع إمرأة مسيحيّة تقيّة فاضلة، كما كان شأن الكثيرات من النساء المسيحيّات في أواخر القرن الثالث للمسيح. فقامت تلك المرأة الصالحة أحسن قيام بما عُهد فيه إليها من الخدمة، فكانت للطفلة مارينا خير مربيّة ومن أحنّ الأمّات. وزرعت في قلبها منذ نعومة الأظفار محبّة الفضيلة ومبادىء الديانة المسيحيّة، فكبرت مارينا وكانت مثالًا حيًا للحشمة والوداعة ونقاوة القلب. ففرح بها أبوها فرحاً كبيرًا، وكان يفاخر بإبنته وبما تزيّنت به من الصفات الجميلة والمزايا المستحبّة. ولكن لم يكن ليعلم أن إبنته هذه أضحت مسيحيّة، وقبلت سرّ العماد، وتعشّقت الرب يسوع وخصّصت له بتوليتها، وصارت من فئة الملائكة الأرضيين، أي تلك العذارى الحكيمات النقيّات.

فما لبث أن عَلِم أداسيوس كاهن الأصنام أن ما يُعجبه في مارينا إبنته من الأخلاق الحلوة، وما يراه في سلوكها وحياتها من الطاعة والوداعة، ولزوم الصمت، واجتناب الملاهي، والحشمة في التزيّن، والقناعة في الأكل، إنّما سببه إيمانها بالمسيح ومحافظتها على تعاليم الإنجيل.فغُمّ غَمًّا شديداً، لأنّه كان شهيراً بين الكهّان بثقافته ومكانته الإجتماعية ونسبه، فلم يُطق ذلك من إبنته، وأفرغ كنانة جهده ليحملها على الكفر بإيمانها. لكنّه وجد قلبًا أصلب من صخور الجبال، ونفسًا أثبت من الموت. بل رآها تحاول أن تقنعه وأن تتسلّط على عواطفه وآرائه. فلمّا لم ينل منها مأربًا، أعرض عنها وأعادها إلى المرأة التي أرضعتها وربّتها، لكي لا يصبر في أعين الناس هزءًا وسخرية بسببها.

فعادت مارينا بفرح إلى أمّها الثانية، وعاشت في ضواحي انطاكية بعيدةً عن الأنظار وعكفت على ممارسة الفضائل المسيحيّة، كما كان يرغب قلبها. فكانت وديعةً طائعةً متواضعة، تتعاطى أعمال الخدمة كأنّها جارية. فحسنت في عيني الرب حياتها وأعمالها، فاختارها لتكون من عروساته الشهيدات، فيكلّلها بإكليل المجد في ملكوت السماوات.

وأعلن ذيوكلسيانس ومكسميانس الإضطهاد على الكنيسة، وتخضبت الدنيا بالدم. فجاء الوالي ألمبريوس إلى انطاكية متحمّساً ليفتك بالمسيحيين. فمرّ في طريقه على الضاحية التي كانت تعيش فيها مارينا، فالتقى بها ترعى الغنم مع رفيقاتها، فوقعت من نفسه، فقال لمرافقه: إذهب وابحث عن هذه الإبنة وعن نسبها. فذهب المرافق وأتى بها. وجعلت تتضرّع بحرارة إلى الفادي الحبيب، ليشدّد عزائمها ويحفظ لها بنعمته إيمانها وطهارتها.

فلمّا مثلت أمام الوالي إرتجفت واضطربت. فسكّن ألمبريوس روعها وسألها عن إسمها ونسبها. فأجابت: أنا من أسرة شريفة معروفة في هذه المدينة، وأنا إبنة حرّة، لكنّي منذ حداثتي تعبّدت للمسيح مخلّصي وإلهي. إنّ الناس تدعوني مارينا، لكن الإسم الذي أتشرّف به، وقد أعطيته في المعمودية هو: مسيحية. فدهش الوالي لدى سماعه ذلك وثار ثائره، ورأى فريسته تُفلت من يديه. لكنّه تجلّد وأمر بوضعها في سجن مظلم فجعلوها فيه، ومنعوا عنها الغذاء، والماء، أملاً منهم أن يلين عودها ويسلس قيادها.

فقامت مارينا تصلّي وتتضرّع، فظهرت لها جوقة من الملائكة، وملأت قلبها تعزية وسروراً وبطولة، فتأهّبت للجهاد.

فأعادها ألمبريوس إلى المثول أمامه، وجمع مجلسه. فازدحم الناس ليروا ما يكون من أمر تلك الفتاة، وهي إبنة أداسيوس العظيم بين كهنة الأصنام. فلو يترك الوالي وسيلة ولا حيلة إلاّ إستخدمها لإقتناص ذلك القلب الضعيف. لكن مارينا كانت غزالةً نفوراً، كلّما طاردوها من ناحية أفلتت من غيرها. فلمّا أعيته الحيل قال لها: لقد وضعت بين يديك الحياة والموت، مسرّات الحياة ومرارتها، فاختاري منها ما تشائين. فأجابت مارينا بكل رصانة ووقار: "لقد سبق أن حصلت على الحياة الناعمة والمسرّات الحقّة، وأنا أحمد الله على ذلك.فأنا أعبد الرب يسوع وأمجّده وأسجد له، وعليه أضع إتكالي.

فكظم ألمبريوس غيظه، وكان كلّما نظر إليها وسمع كلامها يزداد تعلّقاً بها. فقال لها: أنا أصفح عنكِ لأن ما تقولينه ليس منك، بل من الذي علّمك وخدعك. فقالت مارينا: "لا تعجب أيها الوالي من كون إبنة ضعيفة تتكلّم كلاماً سديداً. إن ما ننطق به من الحكمة ليس هو منّا، بل إن الذي يخدم المسيح يسوع ينال قوّةً وأنواراً وجرأةً.

فاستشاط الوالي غضبًا وأمر بها، فجُلدت جلداً عنيفًا، حتى تمزّق جسدها وسالت دماؤها فبلّلت الأرض. وتحرّكت قلوب الحاضرين عطفًا عليها ورثوا لحالها، وبكت النساء الحاضرات لما رأين المجالد تمزّق ذلك الجسم الغضّ، وجعلن يصحنَ بها ويقلنَ: أشفقي على نفسكِ وعلى شبابكِ وعلى جمالك، ولا تكابري ولا تعاندي، بل إخضعي لأوامر الملوك وحافظي على حياتك. فأجابت الفتاة وهي تتعذّب: "دعوني، ولا تكسروا قلبي، ولا تثبطوا عزيمتي. لو كنتم تعرفون نور الحق لكنتم تشجّعوني، بل كنتم تقبلون بفرح إلى إحتمال الآلام مثلي لأجل إسم الرب يسوع".

فازداد الوالي سخطًا وأمر بها الجند، فعلّقوها في الهواء وأخذوا يمزّقون جسدها بمخالب حديديّة، ويقطعون خواصرها بأمشاط حادّة مسنّنة حتى تساقطت لحمانها وظهرت أحشاؤها. فارتاع الحاضرون لتلك المشاهد الوحشيّة، وأغمضوا عيونهم كرهاً واشمئزازًا، حتى أن الوالي نفسه أعرض عن ذلك المنظر المفجع ولم يعد يطيق إحتماله. أمّا الفتاة فكانت ثابتة صامتة لا تصيح ولا تتأوّه ولا تستسلم. فخنق الجلاّدون عليها، وانذهلوا كيف فتاة ضعيفة تقهرهم كلّهم، ولا تبالي بما يصبّون عليها من أنواع العذاب. فأنزلوها وقادوها، وهي تقطر دماً، إلى سجنها، لكي يعيدوا في الغد الكرّة عليها.

فلمّا أغلقوا باب السجن عليها رفعت يديها المبللتين بالدماء إلى السماء، وأخذت تبتهل إلى عروسها الإلهي لكي يرأف بها، ويبعد عنها التجارب والقنوط، وينقذها من حبل إبليس. لكن الرب سمح للشيطان بأن يهاجمها. فتراءى لها بهيأة تنين هائل، وأخذ ينفث من فمه ومن آنافه ناراً مستعرة، ويتظاهر بالهجوم عليها ليفترسها. فارتاعت البتول ولجأت إلى الصلاة، ورسمت إشارة الصليب. وما كادت تلك الفتاة القديسة ترفع إلى الله قلبها ويديها وتستمد منه المعونة، حتى انهزم الشيطان من أمامها وامتلأ فؤادها تعزية إلهيّة وقوّة سماوية. فسبّحت للرب تسبحة الشكر. ثم عاد الشيطان إليها ثانيةً، فتراءى لها بصورة إنسان وحشي مريع، فلم تخف، وطردته بإسم يسوع، فانهزم.

وبينما هي تقاوم وتجاهد رغم آلامها، إذا بنور سماوي يملأ السجن ضياءً، وفي وسط ذلك النور يظهر صليب جميل وقفت على رأسه حمامة بيضاء رائعة الحسن والبهاء. وسمعت البتول الشهيدة صوتاً يشجّعها ويقوّيها، فنشطت وشعرت أن كل قوات الأرض والجحيم لا تقدر أن تثني عزمها، ولا أن تنال من إيمانها.

فلمّا كان الصباح أعادها الجند إلى ديوان الحاكم. فابتدرها بالتهديد لكي ترهب وتخاف فتطيعه. فأجابته بلا تهيّب وبوقار سماوي: "ما الفائدة من هذا التهويل وهذا التهديد؟ إنّا معشر المسيحيين لا تخاف العذاب، ونستعذب الموت.

فخرج الوالي من ثيابه لشدّة غضبه، وأمر بها، فعرّوها ورفعوها بالحبال وجعلوا يحرقون أعضاءها بالنار عضواً عضواً، ليزيدوا في عذابها ويحملوها قهراً على التسليم. وأخذ الوالي يتكهّم بتلك الفتاة الضعيفة القوية ويقول لها: إنعمي بما يحمل لك مسيحك من التقادم والهدايا والراحة واللذة والغبطة. فأجابته الفتاة، كأنّها أحد المتفرجين، وكأنّ النار تعمل في جسم غير جسمها: "أنك تسخر وتهزأ بي، ولا تعلم أن هذه النار هي لا شيء أمام النار الأبدية. نعم أنت تحرق جسدي، وهذا نعيم لي. أما أنت فسوف تحترق بنار أبدية لا تطفأ. ألا ترى قوّة إلهي ومخلّصي يسوع المسيح، كيف ألجم النار عني ومسك سعيرها عن أن تحرقني؟".

فلمّا رأى الوالي الظالم أن تلك الفتاة تهزأ بكل ما صبّ عليها من الآلام، أراد أن يميتها دفعة واحدةً ليضع حدّاً لهزيمته أمامها. فأمر الجند، فأتوا بخلقين كبير وملأوه ماءً ساخناً جدّأً، وقيّدوا يديها ورجليها، وجعلوها فيه لتحترق وتختنق وتموت. فآمن الكثيرون واعترفوا بإسمه.

فخاف ألمبريوس من  وقوع فتنة كبيرة بين الشعب، فأمر بضرب أعناق جميع الذين آمنوا بالمسيح، فضربت أعناقهم، فصار لهم دمهم ماء تطهير وعماد، وفازوا بالسعادة الأبدية، بصلاة وشفاعة تلك الفتاة الشهيدة النقيّة. أما هي فقادوها إلى خارج المدينة، خوفاً من معجزة جديدة تُبهر بها عيون الشعب وتتسلّط على عقولهم، وهناك جثَت وصلّت وسلّمت نفسها إلى باريها. فضربوا عنقها، وطارت نفسها إلى الأخدار العلوية، حيث قبلها المسيح عروسها وضمّها بفرح وحنان إلى فئة بتولاته الشهيدات القديسات.

 

استشهاد القديس ثاؤذورس الاسقف (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم استشهد القديس ثاؤذورس أسقف الخمس المدن. وقد رسمه البابا ثاؤنا السادس عشر أسقفا علي الخمس المدن (ورد في مخطوط بشبين الكوم سيرة القديس تاوضروس أسقف الخمس مدن الغربية تحت اليوم التاسع من شهر أبيب) وبعد سنة من رسامته أثار دقلديانوس الاضطهاد علي المسيحيين في كل مكان وأرسل أميرا يسمي بيلاطس واليا علي أفريقيا وأعمالها فسمع بأن هذا الأسقف يثبت المسيحيين علي الإيمان المسيحي فاستحضره وأمره أن يضحي للأصنام فأجابه قائلا: "أنني كل يوم أقدم الضحية لخالق الأصنام". فقال له الوالي: "أذن يوجد اله آخر غير ارطاميس وأبلون"، فأجابه القديس: "نعم. أن يسوع المسيح خالق هذه كلها" فاغتاظ الأمير من جوابه وأمر بتعذيبه فقضوا في تعذيبه بالضرب والصلب أربعين يوما وأذ لم يرجع عن عزمه الصادق قطعوا رأسه ونال إكليل الشهادة.

صلاته تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة الأنبا غبريال السابع البابا الـ95

في مثل هذا اليوم من سنة 1561 م. تنيح القديس العظيم الأنبا غبريال السابع البطريرك الخامس والتسعون من باباوات الإسكندرية.

ومن أمره أنه ولد في منشاة الدير المحرق ومنذ حداثته صار راهبا في برية القديس مكاريوس ونظرا لحسن سيرته وعظيم تقواه رسموه بطريركا بعد نياحة الأنبا يوحنا الثالث عشر البابا الرابع والتسعين وكان ذلك سنة 1518 م. بعد الفتح العثماني.

وقد استمر في الرئاسة نحو ثلاثة وأربعين سنة يعظ ويعلم رعيته ومن مآثره أنه جدد دير الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا أول السواح في الجبل الشرقي ودير المحرق في الصعيد.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد القديس ثاؤذورس أسقف كورنثوس ومن معه

وفي مثل هذا اليوم من سنة 299 م. استشهد القديس ثاؤذورس أسقف كورنثوس، وبعض النسوة، وأميران اسم أحدهما لوكيوس والآخر ديغنيانوس، وذلك أنه لما وشي بهذا القديس لدي الأميرين المذكورين أنه مسيحي ورئيس كورنثوس استحضره وسألاه عن معتقده فاعترف أنه مسيحي فعذباه بالضرب والسحب علي الأرض وكان يوبخهما علي تركهما الإله الحقيقي وسجودهما للحجارة صنعة الأيدي فأمر بقطع لسانه فقطعوه ورموه بعيدا فأخذته امرأة مؤمنة وتناوله منها القديس ووضعه في مكانه وبقوة الله عاد صحيحا كما كان وبدأ يبين فساد عبادة الأوثان فتعجب الحاضرون وآمن عدد كبير منهم كما آمن الأمير لوكيوس فاغتاظ ديغنيانوس الأمير وقتل القديس ثاؤذورس كما قتل ثلاث نسوة كن يمشين خلفه أثناء ذهابه إلى موضع الشهادة غير أنه بعد قليل أقنعه لوكيوس فآمن هو الآخر بالسيد المسيح ثم ذهب الاثنان إلى قبرص واعترفا أمام حاكمها بالسيد المسيح ونالا إكليل الشهادة.

صلاتهم تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : ذكري تكريس كنيسة الشهيدين سرجيوس وواخس

ورد في مخطوط بشبين الكوم ذكري تكريس كنيسة الشهيدين سرجيوس وواخس. أما تاريخ استشهاد واخس فقد ورد يوم 4 بابه وتاريخ استشهاد سرجيوس يوم 10 بابه.