دينيّة
30 كانون الثاني 2017, 06:30

قديسو اليوم: 30 كانون الثاني 2017

تذكار القديس مكسيموس المعترف (بحسب الكنيسة المارونية) وُلد مكسيموس في مدينة القسطنطنية سنة 580. تثقف ثقافة عالية فاختاره الملك هرقل رئيساً لكتبة ديوانه ووزيراً من وزرائه. اما هو فلم يكن ليطمع في امجاد الدنيا، فعافت نفسه الاباطيلَ وترك منصبه ووزراته وآثر العزلة في ديرٍ قريب. وهناك عكف على الصلاة والتأمل حتى تفوَّق في طريق القداسة. فانتخبه الرهبان رئيساً. فقام يسوسهم بحكمة وتفانٍ، ويسير امامهم في جميع الوجبات.

 

وفي تلك الاثناء كانت هرطقة المونوتليين القائلين بالمشيئة الواحدة تعيث فساداً في الكنيسة الشرقية اليونانية. فقام صفرونيوس بطريرك اورشليم يكافحها ويبيِّن ضلال القائلين بها، واندفع الرئيس مكسيموس ايضاً يدحضها بخطبه وبما اوتيه من غيرة وعلم زاخر.

ثم ذهب الى روما يَعرض الامر للبابا مرتينوس الاول. فعقد البابا مجمعاً في كنيسة اللاتران سنة 649 وحرم البدعة وكل القائلين بها.

بلغ خبر المجمع الى القسطنطنية، فقام زعماء البدعة يسعون بالقديس مكسيموس لدى الملك كونستان، فارسل مَن قبض عليه وجيءَ به مخفوراً الى القسطنطنية. وبعد ان اوسعوه اهانة وشتماً قادوه الى السجن. وحاول الملك ان يتملقه بالوعد ويتهدده بالعذاب، فأجاب بكل جرأة:" ان صوت الحق يأبى السكوت امام الباطل". عند هذا الجواب امر بنفيه وبقطع يده اليمنى ولسانه. فذهب الى منفاه في خرسان، مستسلماً لمشيئة الله. ويَروي كاتب سيرته انَّ الله منحه النطق باعجوبة باهرة، فظلّ، وهو في منفاه، يُرشد النفوس في طريق الخلاص ويغذِّيها بروح المحبة والايمان الصحيح، الى ان رقد بالرب شهيد الواجب سنة 662. صلاته معنا. آمين

 

تذكار جامع لآبائنا القدّيسين ومعلّمي المسكونة‎ باسيليوس الكبير و‎غريغوريوس اللاهوتي و‎يوحنا الذهبي الفم وأمّهاتهم: آميليا - نونة - أنثوسة (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

يعود تاريخ هذا العيد إلى زمن الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأوّل كومنينوس (1081- 1118م).

في تلك الأيام برز خلاف حاد في كنيسة المسيح في القسطنطينية بين المعلّمين بشأن آبائنا القدّيسين ومعلّمي المسكونة العظام باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الذهبي الفم.

تمحوّر الخلاف حول من هو الأبرز فيهم. ‏الفريق الأوّل أعطى الأسبقية لباسيليوس الكبير لأنه اعتبره أكثر الخطباء رفعة، متفوّقاً في الكلمة والعمل، ورأى فيه إنساناً ينقص قليلاً عن الملائكة، سويّ المزاج، لا يغفر الخطايا بيسر، وهو غريب عن كل ما هو أرضي. وقد عرف كيف يفسِّر أسرار الطبيعة كما لم يفسِّرها آخر. وهو منظّم الرهبانية وقائد الكنيسة برمّتها في صراعها ضدّ الهرطقة، وراع متنسّك متطلّب في شأن نقاوة السيرة. الذهبي الفم، في نظر هذا الفريق، يأتي دون باسيليوس لأنه رخو مع الخطأة وهو مستعد لأن يسامح بسهولة ويسر.

‏الفريق الثاني رفع شأن الذهبي الفم فوق سواه لأنه اعتبره أكثر الناس محبة، وأكثرهم فهماً لضعف الطبيعة البشريّة. وكخطيب مفوّه أرشد الجميع إلى التوبة عبر مواعظه الفيّاضة المحلاّة بالعسل. شرح الكلمة الإلهية وبيّن كيفية تجسيدها في الحياة اليومية بمهارة لا يدانيه فيها أي من الأبوين الباقيين. وهو متفوق في البلاغة. حسبه أنه "الذهبي الفم"!

‏أما الفريق الثالث فاعتبر القدّيس غريغوريوس اللاهوتي أرفع من سواه لعظمة لغته وصفائها وعمقها. وهو إذ ملك حكمة اليونان وبلاغتهم بلغ درجة من التأمّل في الله لم يعرفها أحد سواه ولا عبّر أحد غيره، بمثل هذا السمو، عن عقيدة الثالوث القدّوس.

‏ولم يبق الخلاف في مستوى المعلّمين والمفكّرين بل انتقل إلى عامة الشعب. برز ما يشبه الأحزاب.

هذا باسيلي وذاك يوحنائي وذلك غريغوري. ونتجت عن الخلاف اضطرابات ومشاحنات أقلقت الكنيسة.

إثر ذلك ظهر القدّيسون الثلاثة للأسقف يوحنا موروبوس، متروبوليت أوخاييطا. ظهروا لا في الحلم بل في رؤيا، أولاً كلاً على حدة ثم مجتمعين. قالوا له: "نحن متساوون أمام الله كما ترى. لا انقسام بيننا ولا تعارض. كل منا تعلّم، في زمانه، من الروح القدس، ثم كتب وتكلّم بما يوافق خلاص الناس.

ما تعلّمناه سرِّاً أفضينا به للناس جهراً. ليس أول ولا ثان بيننا. فلو جئت على ذكر أي منا فإن الآخرين يتّفقان معه. لذلك مرْ المستغرقين في الجدل بشأننا أن يضعوا حداً للخلاف فيما بينهم فإننا كما كنا في الحياة نبقى بعد الرقاد مهتمّين بإحقاق السلام والاتفاق في كل أطراف المسكونة. لهذا السبب اجعل التعييد لنا في يوم واحد... وأعلم الناس إن لنا مكانة واحدة عند الله".

‏ولما قال الآباء الثلاثة هذا أخذوا يصعدون إلى السماء وهم يتلألأون بنور لا يوصف وينادون أحدهم الآخر بالاسم.

‏للحال عمل يوحنا الأسقف على جمع المتخاصمين وسعى، بطرقه الخاصة، ‏وبما لديه من رصيد طيّب وصيت حسن، إلى وضع حدّ للخلاف فيما بينهم. وقد عيّن للقدّيسين الثلاثة عيداً واحداً جامعاً، كما طلبوا، في الثلاثين من كانون الثاني، بعدما جرى التعييد لباسيليوس الكبير في أول كانون الثاني ولغريغوريوس اللاهوتي في الخامس والعشرين منه و ليوحنا الذهبي الفم في السابع والعشرين.

‏على هذا النحو فُضّ الخلاف ووضعت للمناسبة خدمة جليلة دونك منها هذا البيت: "من ذا الذي هو أهلٌ لأن يفتح شفتيه ويحرّك لسانه. نحو النافثين ناراً ‏بقوة الكلمة والروح. لكني أتجاسر مقتصراً على وصفهم هكذا. إن هؤلاء الثلاثة قد فاقوا الطبيعة البشريّة بجملتها. بالنعم الغزيرة العظيمة وبالعمل والنظر. فتساموا بهاءً في كلا الأمرين. فلذلك قد أهّلتهم لمواهب عظيمة بما أنهم خدّام لك أمناء. أيها الممجَّد قدّيسيه وحدك".

 

القديس الشهيد إيبوليتس (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

كان إيبوليتس كاهناً في رومة على عهد البابا زفرينس (199 - 217). وقد ألَّف كتباً كثيرة في اليونانية ضد جميع الهرطقات، فبيّن وحدة الله في الثالوث الأقدس، ووحدة الرئاسة الإلهية. وشرح عدداً وافراً من الكتب المقدسة. وحدّد تواريخ الفصح. وأنشأ تأريخاً عاماً. وجعل التقليد الرسولي ثابتاً بواسطة قواعد قانونية.

وفي مجادلاته بما يتعلّق بالعقائد بلغ به الغلوّ الى حذ مذموم. فنسب البدعة من غير حق الى رئيس الشمامسة كالستس. وبعد وفاة البابا زفرينس، لما أصبح كالستس أسقفاً على رومة، سنة 217، انفصل إيبوليتس عن الكنيسة الكاثوليكية بصورة مؤسفة، وقام في وجه البابا، فقاوم كالستس وخلفيه أيضاً، أُربانس (222 - 230) وبُنسيانس. الا أنه لما نُفي مع بُنسيانس الى جزيرة سردينيا على عهد الامبراطور مكسمينس التراقي (235)، رذل آراءه السالفة واحتمل الاستشهاد مع البابا القديس بُسيانس. ولما توفي مكسمينس سنة 238، نُقلت بقاياه الى رومة على عهد البابا فابيانس، ثاني خلفاء بُنسيانس بعد أنثيروس، وأُودعت بتشريف مغارةً على الجادة التيبرتنيّة، في المقبرة التي تدعى باسمه.

وهكذا، كفّر هذا القديس بسفك دمه الشكوك التي أحدثها في حياته، فأحصته الكنيسة مع القديسين.

 

نياحة القديس العظيم انبا انطونيوس اب جميع الرهبان (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم من سنة 355 م. تنيح القديس العظيم كوكب البرية، وأب جميع الرهبان، الأنبا أنطونيوس. وقد ولد هذا البار سنة 251 في بلد قمن العروس، من والدين غنيين محبين للكنائس والفقراء، فربياه في مخافة الله. ولما بلغ عمره عشرين سنة، مات أبواه فكان عليه ان يعتني بأخته. وحدث انه دخل الكنيسة ذات يوم فسمع قول السيد المسيح " ان أردت ان تكون كاملا فاذهب وبع أملاكك وأعط للفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني". فعاد إلى بيته مصمما علي تنفيذ هذا القول واعتبره موجها إليه، فاخذ في توزيع أمواله علي الفقراء والمساكين، وسلم أخته للعذارى، ولم يكن نظام الرهبنة قد ظهر بعد، بل كان كل من أراد الوحدة، يتخذ له مكانا خارج المدينة. وهكذا فعل القديس العظيم أنطونيوس. حيث اعتزل للنسك والعبادة وكان الشيطان يحاربه هناك بالملل والكسل وخيالات النساء، وكان يتغلب علي هذا كله بقوة السيد المسيح، وبعد هذا مضي إلى أحد القبور وأقام فيه واغلق بابه عليه. وكان بعض أصدقائه يأتون إليه بما يقتات به. فلما رأي الشيطان نسكه وعبادته الحارة، حسده وهجم عليه وضربه ضربا موجعا ة تركه طريحا. فلما آتي أصدقاؤه يفتقدونه، وجدوه علي هذا الحال، فحملوه إلى الكنيسة، وإذ وجد نفسه تماثل إلى الشفاء قليلا عاد إلى مكانه الاول. فعاود الشيطان محاربته بأشكال متنوعة في صورة وحوش وذئاب واسود وثعابين وعقارب، وكان يصور له ان كلا منها يهم ليمزقه. أما القديس فكان يهزا بهم قائلا: لو كان لكم علي سلطان لكان واحد منكم يكفي لمحاربتي. وعند ذلك كانوا يتوارون من أمامه كالدخان، إذ أعطاه الرب الغلبة علي الشيطان. وكان يترنم بهذا المزمور: "يقوم الله. يتبدد أعداؤه ويهرب مبغضوه من أمام وجهه". وكان يعد لنفسه من الخبز ما يكفيه ستة اشهر كاملة. ولم يسمح لأحد بالدخول، بل كان يقف خارجا ويستمع لنصائحه. وقد استمر القديس علي هذا الحال عشرين سنة وهو يتعبد بنسك عظيم. ثم مضي بأمر الرب إلى الفيوم وثبت الاخوة الذين كانوا هناك ثم عاد إلى ديره. وفي زمن الاستشهاد تاق ان يصير شهيدا، فترك ديره ومضي إلى الإسكندرية، وكان يفتقد المسجونين علي اسم المسيح ويعزيهم. فلما رأي منه الحاكم المجاهرة بالسيد المسيح وعدم المبالاة، أمر ان لا يظهر بالمدينة مطلقا. ولكن القديس لم يعبا بالتهديد، وكان يوجهه ويحاجه، لعله يسوقه للعذاب والاستشهاد، ولكن لان الرب حفظه لمنفعة الكثيرين فقد تركه الحاكم وشانه.و بتدبير من الله رجع القديس إلى ديره وكثر الذين يترددون عليه ويسمعون تعاليمه. ورأي ان ذلك يشغله عن العبادة، فاخذ يتوغل في الصحراء الشرقية، ومضي مع قوم أعراب إلى داخل البرية علي مسيرة ثلاثة ايام، حيث وجد عين ماء وبعض النخيل فاختار ذلك الموضع وأقام فيه، وكان العرب يأتون إليه بالخبز. وكان بالبرية وحوش كثيرة طردها الرب من هناك من اجله. وفي بعض الأيام كان يذهب إلى الدير الخارجي، ويفتقد الاخوة الذين هناك ثم يعود إلى الدير الداخلي. وبلغ صيته إلى الملك قسطنطين المحب للإله، فكتب إليه يمتدحه، ويطلب منه ان يصلي عنه. ففرح الاخوة بكتاب الملك. أما هو فلم يحفل به وقال لهم: هوذا كتب الله ملك الملوك ورب الأرباب توصينا كل يوم ونحن لا نلتفت إليها، بل نعرض عنها، وبإلحاح الاخوة عليه قائلين ان الملك قسطنطين محب للكنيسة، قبل ان يكتب له خطابا باركه فيه، طالبا سلام المملكة والكنيسة. واعتراه الملل ذات يوم فسمع صوتا يقول له: اخرج خارجا وانظر. فخرج ورأي ملاكا متوشحا بزنار صليب مثال الإسكيم المقدس، وعلي رأسه قلنسوة، وهو جالس يضفر، ثم يقوم ليصلي، ثم يجلس ليضفر ايضا. وأتاه صوت يقول له: يا أنطونيوس افعل هكذا وأنت تستريح. فاتخذ لنفسه هذا الزي من ذلك الوقت وصار يعمل الضفيرة ولم يعد الملل. وتنبأ عن الاضطهاد الذي يسحل بالكنيسة وتسلط الهراطقة عليها، ثم أعادتها إلى حالتها الأولى، وعلي انقضاء الزمان ولما زاره القديس مقاريوس البسه زي الرهبنة وأنباه بما يسكون منه. ولما دنت ايام وفاة القديس الأنبا بولا أول السواح، مضي إليه القديس أنطونيوس، واهتم به وكفنه بحلة أهداها إليه القديس أثناسيوس الرسولي البابا العشرون. ولما شعر القديس أنطونيوس بقرب نياحته، أمر أولاده ان يخفوا جسده، وان يعطوا عكازه لمقاريوس، والفروة لأثناسيوس، والملوطة الجلد لسرابيون تلميذه. ثم رقد ممددا علي الأرض واسلم الروح، فتلقتها صفوف الملائكة والقديسين. وحملتها إلى موضع النياح الدائم. وقد عاش هذا القديس مائة وخمس سنوات، مجاهدا في سبيل القداسة والطهر.