قديسو اليوم: 24 كانون الثاني 2017
ومال لبث ان نقلهنَّ الى وطنه ميلاسيا حيث اقمنَ بالمثابرة على السير في طريق الكمال. وكان الراهب بولس قد ارتقى الى الاسقفية، فظلَّ يُعنى بتدبيرهنَّ وارشادِهنَّ. وقد منح الله القديسة كساني صنع المعجزات. ثم رقدت بالرب سنة 470. صلاتها معنا. آمين.
وفي هذا اليوم ايضاً : تذكار القديس دوسيتاوس الناسك
قد تربَّى هذا القديس عند احد امراء الاسكندرية الذي كان قد تبنَّاه. فعاش بالترفه والتنعم، ثم استأذن الاميرَ وذهب الى زيارة الاراضي المقدسة، حيث وقع نظره على صورة الدينونة فارتاع جداً، وحرَّكت النعمة قلبه، فعزم على الترهب، ودخل ديراً في نواحي غزة.
قبله الرئيس تحت تدبير القديس دوروتاوس الذي اشغله في خدمة المرضى وقبول الضيوف. فقام دوسيتاوس بوظيفته بكل دقة ونشاط، ممتازاً بطاعته. ولم يكن من حدٍّ لصلواته واماتاته، يقبل النصح والتوبيخ بفرح وسرور. واذا زلّ بهفوة، تنهَّد وبكى. وبعد خمس سنوات، اعتراه مرض شديد وخارت قواه. ولما شعر بدنو أجَله، طلب من معلمه ان يسمح له بان يخرج من هذا السجن الجسدي، كأنه لا يريد ان يموت إلاّ بأمر الطاعة التي هي امر الله. ولما صار في حال النزاع وقال له معلمه: "اذهب بسلام" فاضت روحه الطاهرة بين يدي يسوع ومريم سنة 350. صلاته معنا. آمين.
تذكار القديس الشهيد بوبولو (بابيلا) رئيس أساقفة أنطاكية (بحسب الكنيسة السريانيّة الكاثوليكية)
جلس هذا القديس بطريركاً على كرسي أنطاكية سنة 237 خلفاً للبطريرك زانوبا وهو البطريرك الثاني عشر بعد بطرس الرسول. وكان راعياً غيّوراً مزيّناً بالقداسة وبوجه أخص بالجرأة والحزم، لا يهاب أحداً في ما يختص بالله وببيت الله، كما يظهر في القصّة التي رواها المؤرّخ الشهير أوسابيوس قال:
أن الإمبراطور فيلبّس المسيحي، بعد أن جلس على العرش خلفاً لفرديانس، أقدم على قتل إبن لسَلَفه، وجاء إلى أنطاكية ومعه أركان حربه، وأراد أن يحضر القدّاس الذي يقيمه البطريرك بابيلا يوم عيد القيامة. وكان البطريرك عالماً بما أتاه الإمبراطور من الظلم، فخرج إليه ومنعه من الدخول إلى الكنيسة، قبل أن يكفّر عن إثمه ويطهّر يديه المخضبتين بالدم الزكي. فتهيّبه الإمبراطور وأذعن لأمره، وبقي على الباب مع سائر التائبين... فأكبر المؤمنون جرأة البطريرك، كما اتّعظوا بخضوع الإمبراطور وتوبته. واستراحت الكنيسة في أيامه من الإضطهاد، وارتدّ كثيرون من الوثنيين إلى الإيمان بالمسيح.
غير أنّه في أواخر سنة 250 جاء إلى الحكم الملك داكيوس قيصر، فأثار الإضطهاد على المسيحيين ولاسيّما على رؤسائهم، وكان أولّهم البطريرك بابيلاّ. فأمر الملك بالقبض عليه، فقيّدوه بالسلاسل وطرحوه في السجن مع ثلاثة فتيان من
تلاميذه. وما لبث هذا البطريرك القديس أن مات شهيداً في السجن سنة 250، وكان قد أوصى أن توضع معه السلاسل التي قيّدوه بها.
وانتشرت شفاعة القديس بابيلاّ في الشرق والغرب، وأقيمت على إسمه كنائس عديدة. وكان الجميع معجبين بجرأته وقداسته.
القدّيسة البارة كساني الرومية وخادمتها (بحسب الكنيسة الأرثوذكسية)
اسمها في المعمودية كان أفسافيا أي "التقية". ولدت ونشأت في رومية لوالدين من الأشراف. فلما بلغت سنّ الزواج رغب أبواها في زفّها إلى شاب يليق بها، فلم تلق الفكرة لديها ترحيباً لأن رغبة قلبها، عبر السنوات، كانت أن تصير راهبة.
لكنها سكتت ولم تبد اعتراضاً، فيما استقرّ في نفسها أن تغادر أبويها سرّاً قبل حلول يوم الزفاف. وإعداداً لساعة المغادرة، اختارت اثنتين من خادماتها كشفت لهن ما في نفسها ودعتهن إلى مرافقتها فوافقنها. وإذ تدفّقت الهدايا الزوجية على أفسافيا، ذهباً وفضة و آنية وملابس فاخرة، سعت أمة الله إلى تحويل ما أمكن منها إلى خادمتيها ليعملن في السرّ على توزيعها على الأرامل والأيتام.
وإذ اكتملت عدّة الزواج اكتملت معها استعدادات النسوة الثلاث للرحيل فغادرن فرحات باكيات لأن الرب الإله حسبهن مستأهلات للتخلّي عن كل شيء من أجل اسمه القدّوس
كانت أفسافيا تعلم جيّداً أن والديها سوف يبحثان عنها في كل مكان، لذا اختارت التوجّه إلى مكان بعيد، وحرصت ومرافقتيها على حفظ السرّ حتى الممات.
استقلّت النسوة الثلاث مركباً وافقته الأهوية فحلّ في الإسكندرية بعد أيام، ومنها انطلقن في مركب آخر إلى جزيرة كوس اليونانية في الناحية الجنوبية الشرقية من البحر الإيجي. فلما حططن هناك بحثن لأنفسهن عن منزل يأوين إليه فوقعن على بيت معزول موافق لهن فاستأجرنه.
مذ ذاك غيّرت أفسافيا اسمها وصارت تدعى "كساني" التي تعني "غريبة" لأنها اختارت، بنعمة الله، أن تخرج كإبراهيم أبي المؤمنين، إلى أرض غريبة كانت موقنة أن الرب الإله سوف يشملها برحمته فيها. الخطوة التالية في رحلة كساني كانت أن تجد لنفسها ورفيقتيها أباً يرشدها في أصول الحياة الروحية.
أين تجد أباً كهذا؟ الله أتى بها إلى هذا الموضع والله يدبّرها! لذا لجأت إلى الصلاة: "يا إلهي، يا من تعرف الجميع وتضبط الكل، لا تخلنا نحن الذين هجرنا بيوتنا وأرضنا وذوينا محبّة بك، بل أرسل لنا إنساناً على قلبك يحفظنا ويرشدنا إليك كما أرسلت بولس الرسول لأولى شهيداتك تقلا!".
ولم يطل الوقت حتى أطلّ عليهن رجل بانت عليه سمات التقى، وقوراً، ملائكي الطلعة، فتحرّك قلب فتاة الله نحوه. كان راهباً، رئيس دير، اسمه بولس، وكان عائداً من أورشليم إلى ديره في ميلاسا، شمالي شرقي جزيرة كوس. فاستجارت به النسوة الثلاث فعرض أخذهن معه إلى ديره فرافقنه بفرح.
في ميلاسا، بقرب دير بولس الشيخ، أقامت المتبتّلات الثلاث في منسك وبنين لأنفسهن كنيسة كرّسنها لأول الشهداء أستفانوس. وقد أضحى المنسك فيما بعد ديراً حين ذاع صيت كساني وأقبلت النسوة إليها يطلبن الحياة الملائكية على يديها.
ثم إن بولس الراهب اختير أسقفاً لميلاسا فجعل كساني شمّاسة رغم تحفّظها الشديد.
يقول كاتب سيرتها، وهو كاهن راهب مجهول الهوية، إن كساني الشمّاسة ضاهت بسيرتها الملائكة وتكبّدت من أجل ربّها مشاقاً عظيمة. حتى الأبالسة خافت الدنو منها. كانت تأكل مرة كل ثلاثة أيام، وفي زمن الجهاد مرة واحدة في الأسبوع. طعامها اقتصر على الخبز اليابس. وإذ كانت تبلّل الخبز بالماء، كان يختلط بالدموع والرماد وفق القول المزموري: "أكلت الرماد مثل الخبز ومزجت شرابي بدموعي" (مز1-9:1).
لم تخلف كساني في قانونها مرة واحدة بشهادة رفيقتيها اللتين سعيتا إلى الاقتداء بها قدر إمكانهما. كانت كساني تجاهد في الصلاة والسجود الليل بطوله. وكثيرات شاهدنها تركع في الصلاة من ساعة غياب الشمس إلى ساعة ضرب الناقوس صبيحة اليوم التالي. وكانت أحياناً تمضي الليل في الصلاة ببكاء لا ينقطع.
والحق إنها لم تكن تصلّي البتّة من دون دموع في عينيها. سيرتها انعجنت بالوداعة والمحبّة الفائقة. هكذا عاشت كساني وهكذا استمرت إلى آخر أيّامها. فلما دنت ساعة مفارقتها، وهي عالمة بما يأتي عليها، دعت راهباتها وزوّدتهن بإرشاداتها وبركتها، ثم أقفلت على نفسها في الكنيسة إلى أن أسلمت الروح. وقد ذكر شهود عيان أن الطيب فاح ساعتئذ من الكنيسة، كما ذكر آخرون أن مرضى عديدين شفوا برفاتها.
أما خادمتا كساني فلم تلبثا طويلاً حتى فارقتا كما ليكون الثلاثة معاً في الممات بعد أن كن معاً في الحياة.
تذكار أمّنا البارة كساني (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
أن كساني هذه إبنة شريفة المحتد، نشأت في رومة العظمى في القرن الخامس، من أسرة معروفة في الأوساط الكبيرة بغناها وتقواها. ولمّا كانت بارعةً في الجمال، كثيرة الثروة، حام حولها الشبّان يزاحمون بعضهم بعضاً في خطب ودّها. لكنّها أعرضت عنهم جميعاً، لأن كان يهيم بحب البتوليّة. ولمّا رأت والديها يشددان في أمر زواجها، هربت خفيةً من بيت أبيها، مع إثنين من جواريها، وركبت البحر، وأتت مدينة ميلاسا في بلاد كاريا. وهناك نسكت مع جاريتيها، وقضت حياتها في الفقر والعبادة والصوم. لذلك دُعيت بإسم "كساني" أي الغريبة.
وشرفها الرب بصنع العجائب في حياتها. ولمّا رقدت رقود القديسين، ظهر في السماء صليب من الكواكب اللامعة، وأضاء وقت الظهيرة، والشمس ساطعة.
أن الله يعطف على بتولاته، ولا يُبخل عليهنّ بما يشدّد عزائمهنّ في محبّته، ويُظهر للملاء بهاء تلك النفوس الملائكيّة.
استشهاد القديس فيلوثيؤس من إنطاكية (بحسب الكنيسة القبطية ارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم استشهد القديس الجليل فيلوثاؤس الذي تفسير اسمه "محب الإله". وقد ولد بمدينة إنطاكية من أبوين وثنيين يتعبدان لعجل اسمه زبرجد، وكانا يطعمانه سميدا معجونا بزيت السيرج وعسل النحل، ويدهنانه بدهن وطيب ثلاث مرات في اليوم، ويسقيانه نبيذا وزيتا، وخصصوا له مكانين أحدهما للشتاء والأخر للصيف، ووضعوا في عنقه طوقا من ذهب. وخلاخل ذهب في رجليه. ولما بلغ فيلوثاؤس عشر سنوات دعاه أبوه ان يسجد للعجل فلم يقبل، فتركه ولم يرد ان يكدر خاطره لمحبته له ولأنه وحيده. أما فيلوثاؤس فانه لصغر سنه، ولعدم إدراكه معرفة الله ظن ان الشمس هي الإله فوقف أمامها مرة قائلا: أسألك أيتها الشمس ان كنت أنت هو الإله فعرفيني. فأجاب صوت من العلاء قائلا: لست انا آلها. بل انا عبد وخادم للإله، الذي سوف تعرفه، وتسفك دمك لأجل اسمه. ولما رأي الرب استقامة الصبي، أرسل إليه ملاكا فاعلمه بكل شئ عن خلقة العالم وتجسد السيد المسيح لخلاص البشر. فسر فيلوثاؤس وابتهج قلبه، وشرع من ذلك الوقت يصوم ويصلي ويتصدق علي المساكين والبائسين. وبعد سنة من ذلك التاريخ، أقام أبواه وليمة لبعض الأصدقاء، وطلبا ولدهما ليسجد للعجل قبل الأكل والشرب. فوقف الصبي أمام العجل وقال له: أأنت الإله الذي يعبد؟ فخرج منه صوت قائلا إنني لست الإله، وإنما الشيطان قد دخل في وصرت أضل الناس. ثم وثب علي أبوي الصبي ونطحهما فماتا في الحال. أما القديس فأمر عبيده بقتل العجل وحرقه وتذريته. وصلي إلى الله من اجل والديه فأقامهما الرب من الموت. وبعد ذلك تعمد هو وأبواه باسم الآب والابن والروح القدس. وأعطها الرب موهبة شفاء المرضي. فذاع صيته وبلغ مسامع دقلديانوس فاستحضره وأمره ان يقدم البخور للأوثان فلم يفعل، فعذبه بكل أنواع العذاب. ولما لم ينثن عن عزمه عاد الملك فلاطفه وخادعه. فوعده القديس بالسجود لابللون كطلبه. ففرح الملك وأرسل فاحضر ابللون وسبعين وثنا مع سبعن كاهن ونادي المنادون في المدينة بذلك. فحضرت الجماهير الكثيرة لمشاهدة سجود القديس فيلوثاؤس لابللون. وفيما هم في الطريق صلي القديس إلى السيد المسيح ففتحت الأرض وابتلعت الكهنة والأوثان. وحدث اضطراب وهرج كثير وأمن جمهور كبير واعترفوا بالسيد المسيح. فغضب الملك وأمر بقطع رؤوسهم، فنالوا إكليل الشهادة. ثم أمر بقطع رأس القديس فيلوثاؤس. فنال إكليل الحياة. صلاته تكون معنا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: نياحة البابا يوأنس الرابع الـ 48
في مثل هذا اليوم من سنة 792 م. تنيح القديس الأنبا يوحنا الرابع بابا الإسكندرية الثامن والأربعون. وقد ترهب في دير القديس مقاريوس، وكان يداوم علي العبادة الحارة واشتهر بالنسك. فاختاره الأنبا ميخائيل البابا السادس والأربعون ورسمه قسا علي كنيسة آبي مينا وسلم له تدبير شئون شعبها وأملاكها ونذورها فقام بذلك خير قيام. ولما تنيح الأنبا مينا البابا السابع والأربعون، اجتمع الأساقفة والكهنة والعلماء بمدينة الإسكندرية، ووقع اختيارهم علي بعض الرهبان، فكتبوا اسم كل منهم في ورقة وكان هذا الآب بينهم، ومكث الأساقفة ثلاثة أيام يقيمون القداس ويصلون. وبعد ذلك احضروا طفلا، اخذ إحدى الأوراق، فوجدها باس هذا القديس. ثم أعادوها بين الأوراق الأخرى، واحضروا طفلا أخر فخرجت بيده نفس الورقة. وتكرر ذلك مرة ثالثة. فأيقنوا ان الله قد اختاره، فآخذوه ورسموه بطريركا سنة 768 م. فاحسن الرعاية، وكان مداوما علي وعظ الشعب، لتثبيته علي الإيمان الأرثوذكسي، كما كان كثير الرحمة علي الفقراء والمحتاجين. وحدث في أيامه غلاء فاحش، حتى بلغ ثمن إردب القمح دينارين. فكان يجتمع عند بابه كل يوم فقراء كثيرون علي اختلاف عقائدهم، فعهد إلي تلميذه مرقس ان يستخدم أموال الكنائس في سد أعواز ذوي الحاجة فكان يقدم للجميع بسخاء إلي ان أزال الله الغلاء. واهتم هذا الآب ببناء كنائس كثيرة، ولما دنا وقت نياحته دعا كهنته وقال لهم إني ولدت في 16 طوبة، وفيه رسمت بطريركا، وفيه سأنتقل من هذا العالم. فلما سمع الأساقفة والكهنة بكوا وقالوا: بري من هو الذي يسكون أبا لنا بعدك؟ فقال لهم ان السيد المسيح قد اختار تلميذي القس مرقس لهذه الرتبة. واكمل في الرئاسة ثلاث وعشرين سنة وبضعة شهور وتنيح بسلام.
صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.